أبرز 7 «حقائق» شائعة ولكنها خاطئة عن كريستوفر كولومبوس

مصدر: 7 'Facts' They Got Wrong in School About Christopher Columbus
2020-09-21

نشر موقع «هاو ستف ووركس» الأمريكي تقريرًا عن بعض «الحقائق» التاريخية المغلوطة السائدة في الثقافة الشعبية حول الرحَّالة كريستوفر كولومبوس، الذي يُنسب إليه اكتشاف العالم الجديد (الأمريكتين).

واستهل الصحافي المستقل، ديف روس، المتخصص في شؤون الاقتصاد والأعمال، تقريره بالقول: إننا يجب ألا نصدِّق كل ما تعلمناه في المدرسة الابتدائية، موضحًا أن الصورة الوردية عن كريستوفر كولومبوس – باعتباره مكتشف أمريكا الجريء – تعتمد إلى حد كبير على سيرته الذاتية التي نشرها المؤرخ واشنطن إيرفنج عام 1828، تحت عنوان «تاريخ حياة ورحلات كريستوفر كولومبوس»، والتي احتوت على كثير من الأحداث المُخترَعة، إذ إن تاريخ كولومبوس الحقيقي أكثر تعقيدًا وإثارة للجدل والاهتمام.

وفيما يلي يعدد الكاتب بعض الخرافات الأكثر انتشارًا حول شخصية كريستوفر كولومبوس المثيرة للخلاف ويُبددها، بدءًا من الطريقة التي نظر بها الناس إلى العالم في القرن الخامس عشر.

1-انطلقت رحلات كولومبوس لإثبات أن الأرض كروية

خلافًا لما كتبه إيرفينج في سيرته الذاتية، لم يكن كولومبوس عبقريًّا جغرافيًّا منفردًا محاطًا بمجموعة من المؤمنين بأن الأرض مسطحة، إذ إن حقيقة أن الأرض كروية كانت راسخة في الأوساط العلمية في القرن الخامس عشر، وما لم يكن معروفًا آنذاك هو حجم كوكب الأرض.

كانت مقامرة كولومبوس أن الأرض صغيرة للغاية، فقد حسب أن المسافة من إسبانيا إلى اليابان – عند الإبحار غربًا – تبلغ ألفين و400 ميل فقط (حوالي 3 آلاف و862 كيلومترًا)، بينما تقترب هذه المسافة في الواقع من 11 ألف ميل (17 ألف و702 كيلومترًا) وثمة قارَّتان تقعان في الطريق الواصل بينهما. ولم يكن كولومبوس مخطئًا بشأن محيط الأرض فحسب، وإنما كان يعتقد أيضًا أنها على شكل كمِّثرى وليست كروية الشكل.

2-كولومبوس كان إيطاليًّا

يرى الكاتب أن هذا الموضوع حسَّاس لأن الأمريكيين من أصل إيطالي من أهم أنصار كولومبوس والمدافعين عنه. لكننا إذا أردنا تحرِّي الدقة التاريخية، فلا يمكننا أن نقول إن كولومبوس إيطالي؛ لأن إيطاليا نفسها لم تكن موجودة حتى عام 1861.

لقد ولد كولومبوس في جنوة، وهي مدينة ساحلية تقع في إقليم ليجوريا بشمال دولة إيطاليا الحالية. بيد أن مملكة إيطاليا لم تتوحد حتى عام 1861، أي بعد أكثر من 350 عامًا من إبحار كولومبوس إلى أمريكا. وفي عصر كولومبوس كانت جنوة جمهورية مستقلة لها لغتها وعملتها الخاصة. ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن كولومبوس غادر جنوة مبكرًا وصنع اسمه في البرتغال وإسبانيا.

وتشبث الأمريكيون ذوو الأصول الإيطالية بكولومبوس في أواخر القرن التاسع عشر، لمحاربة التمييز العنصري الضاري الذي استهدف المهاجرين الإيطاليين. وبدأت المجتمعات الإيطالية الأمريكية في مدن مثل سان فرانسيسكو في تنظيم مسيرات سنوية في «يوم كولومبوس» للاحتفال ببطل أمريكي يحمل تراثًا إيطاليًّا، وللترويج للمساهمات الإيطالية في المجتمع والثقافة الأمريكيين.

3-كولومبوس اكتشف أمريكا

اسأل أي طالب في الصف الأول الابتدائي: «من الذي اكتشف أمريكا؟» وسيقول لك بفخر إنه كريستوفر كولومبوس. ثم اسأل معظم الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 50 عامًا وسوف يجيبون الإجابة نفسها. لكن هناك عددًا من المشاكل الخطيرة التي تكتنف هذا الادِّعاء.

ويرى كاتب التقرير أننا حتى لو تجاهلنا حقيقة أن ملايين السكان الأصليين عاشوا لأكثر من 10 آلاف سنة في الأراضي التي تُعرف حاليًا باسم أمريكا الشمالية قبل أن «يكتشفها» كولومبوس، فإن كولومبوس لم يكن أول أوروبي يصل إلى اليابسة في العالم الجديد. ويتفق المؤرخون وعلماء الآثار على أن مستكشفي الفايكنج – وربما البحار الإسكندنافي ليف إريكسون ذاته – أنشأوا مستعمرات على طول الساحل الشرقي لكندا في وقت مبكر من القرن العاشر الميلادي.

وحتى إذا تجاهلنا كلًا من مسألة السكان الأصليين والادِّعاءات الخاصة بالفايكنج، فسنظل أمام حقيقة أن قدم كولومبوس لم تطأ أرض أمريكا الشمالية أبدًا، فقد رَسَت أولى رحلاته الاستكشافية على جزيرة صغيرة من جزر الباهاما يوم 12 أكتوبر (تشرين الأول) 1492. ووصلت البعثات اللاحقة إلى شواطئ كوبا، وجامايكا، وجزيرة هيسبانيولا، وغيرها من الجزر. وبالرغم من أن هذه الجزر تشكل جزءًا من «الأمريكتين» بالطبع، إلا أن أيًّا من بعثات كولومبوس الاستكشافية لم تعثر على ما يَعُدُّه معظم الأمريكيين «أمريكا».

4-سفن كولومبوس كانت تُسمى «نينيا» و«بنتا» و«سانتا ماريا»

يشير الكاتب إلى أن هذا يُعد نصف خطأ فقط، فربما أطلق كولومبوس وطاقمه على السفن الثلاث أسماء «نينيا» و«بنتا» و«سانتا ماريا»، إلا أن هذه كانت هذه مجرد ألقاب فقط على الأرجح. ولم يكن الاسم الرسمي لسفينة كولومبوس هو «نينيا»، إذ إن السفينة الصغيرة المصممة على طراز كارافيل (سفينة شراعية صغيرة ذات أشرعة مثلثة) كانت تُسمى في الأصل سانتا كلارا، إلا أن البحارة أطلقوا عليها اسم «نينيا» (أي الفتاة باللغة الإسبانية) تكريمًا لمالك السفينة خوان نينو. ولا أحد يعرف الاسم الأصلي للسفينة «بينتا»، لكن بعض المؤرخين يتكهنون بأن اللقب كان اختصارًا لكلمة «لابيتدا» (أي السيدة المتبرجة) والذي من المحتمل أنه يشير إلى عاهرة.

وبالنسبة لسانتا ماريا، تذكر إحدى القصص أنه كان اسمًا أطلقه كولومبوس على سفينة تُسمى في الأصل «لا جاليجا» أو «سانتا جاليجا»؛ لأن مالكها كان من منطقة جاليثيا الإسبانية، إلا أن التفسير الأكثر حيوية هو أن اسم «القديسة» كان إشارة أخرى لعاهرة مفضلة تُدعى ماريا جالانت.

5-اعتقد كولومبوس أنه اكتشف قارة جديدة

ونفى الكاتب أن يكون لدى كولومبوس أي فكرة عن أنه وجد بالمصادفة حافة قارتين ضخمتين تعادلان ما يقرب من 40% من إجمالي مساحة اليابسة في العالم. وبدلًا من ذلك، مات على اقتناع بأنه اكتشف طريق إبحار غربي إلى آسيا أو «جزر الهند الشرقية». ولهذا السبب أطلق على قبائل السكان الأصليين اسم «الهنود».

وبدلًا عن التفكير في أنه اكتشف «عالمًا جديدًا» غير معروف، اعتقد كولومبوس أن سفنه رَسَت على بعض الجزر الآسيوية فحسب والتي لم يذكرها ماركو بولو. وبالرغم من أنه كان قاب قوسين أو أدنى من أن يكون أول انسان أوروبي يصل إلى أمريكا الجنوبية، إلا أنه ظن مخطئًا أن ساحل فنزويلا هو البر الرئيس للصين، ولم يكن مهتمًا بمتابعة الأمر أكثر من ذلك.

6-كولومبوس كان قاتلًا ارتكب جريمة إبادة جماعية

وأوضح الكاتب أن النقاد شنَّعوا على كولومبوس خلال العقود الأخيرة، وألقوا عليه باللوم في وفاة الملايين من السكان الأصليين الذين أصيبوا بأمراض أوروبية، أو سقطوا بسيوف الغزاة والمستعمرين. وعلى الرغم من صعوبة إلقاء مسؤولية هذا القدر من القتلى على عاتق رجل واحد بمفرده، إلا أن تعاملات كولومبوس المباشرة مع التاينو (شعب من الأراواك، وهم السكان الأصليون في منطقة البحر الكاريبي) على جزيرة هيسبانيولا كانت مروِّعة أيضًا.

وتشير التقديرات إلى أن أعداد التاينو الذين كانوا يعيشون على جزيرة هيسبانيولا عام 1492 بلغت 300 ألف شخص. وقد تضاءل هذا العدد بعد مرور 16 عامًا فقط ليصل إلى 60 ألفًا. وبحسب ما أورده لورانس بيرجرين كاتب سيرة كولومبوس، لم يتبقَ سوى 500 شخص منهم فقط بحلول عام 1548. ويُعتقد أن ما يصل إلى 50 ألفًا انتحروا جماعيًّا بدلًا عن العيش في ظل الحكم الإسباني.

أما أشرس منتقدي كولومبوس فيصفونه بأنه قاتل ارتكب جريمة إبادة جماعية عامدًا متعمدًا، وهو ما لا يتفق معه كريس لين المؤرخ المتخصص في التاريخ الاستعماري لأمريكا اللاتينية. ويعترف لين بالجرائم الشخصية التي ارتكبها كولومبوس، والتي شملت عائلات السكان الأصليين وبيعهم باعتبارهم عبيدًا، وإجبار بعض التاينو على العمل حتى الموت في مناجم الذهب. غير أنه لا يعتقد أن كولومبوس كان ينوي إفناء الهنود، حتى ولو كانت هذه هي النتيجة التي حدثت بالفعل.

وطرح الباحث كريس لين في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية تساؤلات: «هل كان كولومبوس مدافعًا نشطًا عن الأمريكيين الأصليين؟ لا. هل أراد القضاء عليهم؟ لا. هل تسببت قراراته وأهداف عائلته التجارية على نحو مباشر في حدوث الإبادة الجماعية؟ نعم».

7-كان كولومبوس زعيمًا محترمًا ومحبوبًا

لم يكن الهنود الأمريكيون وحدهم الذين عانوا تحت حكم كولومبوس. وحتى لو أخذنا في الاعتبار حقيقة كونه «رجل عصره»، فمن الصعب أن نستبعد الأدلة التي تشير إلى أنه كان زعيمًا مستبدًا، بل قاسيًا أيضًا، وكان غالبًا ما يفرض إرادته على رعاياه الإسبانيين من خلال تكتيكات العنف والخوف.

ونشر الكاتب لورانس بيرجرين في كتابه «كولومبوس: الرحلات الأربعة» روايات مباشرة عن أساليب كولومبوس القمعية بصفته زعيمًا للمستوطنة الإسبانية على جزيرة هيسبانيولا، فقد كان مُولعًا بالضرب والجلد العلني، كما قطع لسان امرأة بسبب «سوء التحدث» عن كولومبوس وإخوته، وشنق إسبانيين آخرين لسرقتهم الخبز، وأمر بجلد بعض الأشخاص جلدًا وحشيًّا بسبب ارتكاب جرائم بسيطة مثل عدم ترتيب المخزن الخاص به كما ينبغي.

وعندما أرسل الملك فرديناند والملكة إيزابيلا ضابطًا تابعًا للتاج الإسباني لمساعدة كولومبوس، وجد الرجل أن المستعمرة تحولت إلى تمرد وفوضى. وعندما رفض كولومبوس اتباع أوامر الضابط، اعتقله الضابط وأعاده إلى إسبانيا مكبلًا بالأغلال.

انطلقت الحركة الرامية إلى استبدال يوم الشعوب الأصلية عام 1977 بـ«يوم كولومبوس»، وذلك أثناء مؤتمر الأمم المتحدة الدولي المعني بالتمييز ضد السكان الأصليين. وفي الوقت الحالي نفذت ما لا يقل عن ثماني ولايات و130 مدينة هذه الفكرة بالفعل.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي