بين بايدن وترمب.. هذا ما سيحدد الفائز برئاسة أميركا!

2020-09-18

بندر الدوشي

بعد أن وجه الزعماء الديمقراطيون سهامهم إلى الإدارة الأميركية بحجة عدم اتباع العلم والعلماء في التعامل مع فيروس كورونا المستجد، محذرين من أن الرئيس ترمب لا يؤمن بالعلم، انقلبت معاييرهم، وبانوا يشككون هم أيضاً بالعلماء لأغراض سياسية.

إلا أن جوهر الخلاف هذه المرة خطير، فموضوع اللقاح هو الحد الفاصل بين المتنافسين للفوز برئاسة أميركا.

فقد أقنع جو بايدن وحلفاؤه من الديمقراطيين أخيراً الكثير من أفراد الشعب الأميركي بالاتفاق على فكرة أن الحصول على لقاح لفيروس كورونا على الأقل في الوقت الحالي تبدو مخيفة نوعاً ما.

السياسة غيرت المعتقد

وعلى مدى الأشهر الأربعة الماضية، انخفض عدد الأميركيين الذين قالوا إنهم يرغبون في الحصول على لقاح ضد فيروس كورونا بشكل ملحوظ.

ووفقاً لمسح جديد أجراه مركز "بيو" للأبحاث، فإن الأميركيين منقسمون الآن بالتساوي حول ما إذا كانوا سيحصلون على لقاح للوقاية من الوباء أم لاء إذا كان متاحاً اليوم.

بدوره، أفاد المركز بأن 21% فقط هم من سيحصلون التأكيد على اللقاح ضد فيروس كورونا.

فيما تظهر هذه النتائج تنامي انعدام الثقة بين الحزبين، حيث انخفضت نسب الجمهوريين والديمقراطيين الذين قالوا إنهم سيحصلون على اللقاح بمقدار 21 نقطة.

وتعد هذه الأرقام مثالاً حياً على قدرة المواقف السياسية على تغيير المعتقدات.

ما الذي تغير؟

الصراع بين الرئيس ترمب ومنافسه جو بايدن المرشح الديمقراطي حول اللقاح هو ما تغيّر فعلياً. فقد اتهم بايدن قبل أيام الرئيس باللعب سياسيا بلقاح محتمل، قائلاً إنه لا يثق في ترمب لتحديد متى يكون اللقاح جاهزا للأميركيين.

وأضاف: "اسمحوا لي أن أكون واضحاً، أنا أثق في اللقاحات.. أثق بالعلماء، ولا أثق بترمب، وفي هذه اللحظة لا يستطيع الشعب الأميركي الوثوق أيضاً".

وبعد وقت قصير من خطاب بايدن، وبخ ترمب علماء حكومته، كما ناقض في العلن الدكتور روبرت ريدفيلد مدير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

"لعبة سياسية"

فقد ركز الرئيس لأسابيع على إقناع الجمهور بأن اللقاح سيكون متاحاً في القريب، حتى قبل يوم الانتخابات، مشدداً على أن أسوأ ما في الوباء قد انتهى.

فيما ردّ الدكتور ريدفيلد أمام لجنة بمجلس الشيوخ يوم الأربعاء بأن اللقاح لن يكون متاحاً على نطاق واسع حتى منتصف العام المقبل.

بدوره، عاد ترمب سريعاً ليقول إن كبير مسؤولي الصحة العامة لديه "ارتكب خطأ"، وإن اللقاح سيتم توزيعه "على عامة الناس في حال اكتماله على الفور".

إلا أن هذا الانقسام زاد الشكوك حول موعد اللقاح، فالعلماء والشركات والمسؤولون الفيدراليون جميعاً أكدوا أن معظم الناس لن يحصلوا على لقاح حتى العام المقبل، وفي أفضل السيناريوهات لن يحصل هذا، إلا أنه وفي ظل عدم وجود استجابة متماسكة من الجهات المسؤولة، سعى الناخبون لتحديد إرشادات الصحة العامة الخاصة بهم بعد أن تحول اللقاح إلى لعبة سياسية.

ترمب.. لا يحب اللقاح!

على مدى الفترة السابقة، امتلأ تاريخ ترمب بمواقف مناهضة للقاحات، وأعرب الرئيس عن وجهات نظره هذه مرات عديدة بدأت منذ عام 2007.

كما التقى بمجموعات دينية مناهضة للقاحات، وهي حركة اجتماعية كبيرة داخل أميركا ولديها جمهور محافظ وعريض.

أما اليوم، فيبدو أن الرئيس ترمب قد بات المشجع الأول في البلاد لتطوير اللقاحات، ويتهم بايدن بنشر "نظريات مضادة للقاحات" ويعمل على تضليل الجماهير حول فعاليته، كما أدان موقف الحزب الديمقراطي المشكك باللقاح من أجل تحقيق نصر سياسي، بحسب الرئيس.

بايدن لا يثق

من جهته بايدن والذي طالما أشاد بفضائل العلم ودفع لمزيد من التمويل للأبحاث، وجد نفسه الآن في موقف متناقض، وبدأ يلقي بظلال من الشك وبدوافع سياسية على طريقة تعامل الحكومة مع لقاح محتمل وهو ما أثر على نسبة المستعدين لأخذ اللقاح، أي المتطوعين.

وعندما سئل منافس الرئيس عما إذا كان يثق بمركز السيطرة على الأمراض وإدارة الغذاء والدواء، قال بايدن إنه لا يثق "بأشخاص مثل الزميل الذي أخذ إجازة للتو"، في إشارة منه إلى مايكل كابوتو، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، الذي اتهم علماء الحكومة بـ "الفتنة والعمل على هزيمة ترمب".

وفي حين أنه من الصحيح أن مواعيد الرئيس ترمب غير الدقيقة حول الجداول الزمنية للقاحات قد أثارت مخاوف بشأن عملية مُسيَّسة متسرعة، إلا أنها ستفيد بايدن سياسيا بالتأكيد، خصوصاً إذا لم يتم توزيع اللقاح وهو ما سوف يقوض ثقة الناخبين بالرئيس ترمب ويترك الوباء.

مع ذلك، أعلن بايدن أنه إذا اتفق العلماء على أن اللقاح آمن فسوف يستعمله شخصياً حتى لو تمت الموافقة عليه تحت إشراف الرئيس ترمب، وهو تراجع منه جاء بعد هجمات من الإدارة الأميركية على فريقه.

مخاوف من تفاقم عدم الثقة!

كل ما يحدث اليوم، بحسب مراقبين، هي ألعاب سياسية خطيرة، خصوصا في مجال الصحة، حيث يعد عدم الثقة في اللقاحات قضية صحية عامة مُلحة وقاتلة.

إلا أن الخوف يكمن حال تواجد لقاح آمن وفعال ويرفضه الناس، وهو ما سيؤثر على قدرة الدولة على الوصول إلى مناعة واسعة النطاق.

وقد يؤدي كل هذا إلى تفاقم عدم الثقة في اللقاحات الأخرى الراسخة أصلاً، وهو اتجاه مقلق كان يحدث بالفعل قبل الوباء.

إلى ذلك، حاولت شركات الأدوية مؤخراً استعادة ثقة الجمهور من خلال التعهد بإجراء فحص شامل لأي لقاح مرشح لفيروس كورونا.

فيما يشعر الأميركيون بسبب الانقسام السياسي وتسييس قضية اللقاح بشكوك مختلفة حول فعاليته، وهو ما سيؤثر على مسار الانتخابات في حال واصل كورونا ضرب أميركا.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي