
نزل أخيرا 27 مهاجرا في ميناء جزيرة صقلية الإيطالية، بعدما أمضوا 38 يوما على متن ناقلة نفط أنقذتهم من الغرق ورفضت السلطات المالطية استقبالها. شركة "ميرسك إتيان" أعربت عن ارتياحها لإنزال المهاجرين في ميناء آمن، لكنها استنكرت بشدة الموقف التي تعرضت له، مشيرة إلى أن ذلك يرسل إشارة إلى باقي السفن التجارية بعدم إنقاذ القوارب التي تواجه محنة في البحر.
بعد مرور أكثر من خمسة أسابيع، انتهت أخيرا أزمة المهاجرين الذين كانوا عالقين على متن ناقلة النفط "ميرسك إتيان تانكر"، وتمكنوا من النزول في ميناء صقلية الإيطالي، بعد أن تم نقلهم إلى سفينة "ماري يونيو" التابعة لمنظمة " ميديتيرانيا" غير الحكومية.
في تغريدة لها على تويتر قالت شركة ناقلة النفط، "بعد 40 يوما في البحر، نزل الأشخاص الذين أنقذتهم ميرسك إتيان ونقلتهم إلى السفينة الخيرية ماري يونيو أخيرا في ميناء بوزالو في صقلية، حيث نأمل أن يتلقوا الرعاية الجسدية والنفسية التي يحتاجون إليها"
وكان طاقم ناقلة النفط انتشل في 4 آب/أغسطس الماضي 27 مهاجرا من المياه، بناء على تعليمات مسؤولي تنسيق الإنقاذ المالطيين. إلا أنه وبعد تنفيذ عملية الإنقاذ، رفضت السلطات المالطية السماح للسفينة بدخول موانئها وإنزال الناجين، رغم المناشدات العديدة التي أطلقتها المنظمات غير الحكومية.
نحن بحاجة إلى نظام سياسي يضمن رفع العبء عن كاهل مالكي السفن والمهاجرين والطواقم
وخلال إقامتهم على متن ناقلة النفط، عاش المهاجرون لحظات صعبة، وتصاعدت نسبة التوتر واليأس في صفوفهم، إلى أن رمى ثلاثة منهم أنفسهم في البحر الأسبوع الماضي، لكن طاقم المركب التجاري أنقذهم بسرعة وأعادهم على متنها.
ومع تدهور الأوضاع على متن السفينة، تواصلت الشركة بمنظمة "ميديتيرانيا" غير الحكومية، التي وافقت على نقل المجموعة على متن سفينتها "ماري يونيو"، المجهزة لاستقبال المهاجرين. وبالفعل نُقل المهاجرين يوم الجمعة الماضي 11 أيلول/سبتمبر.
وأكدت منظمة "ميديتيرانيا" الإيطالية عدم وجود أي مصابين بفيروس كورونا بين المهاجرين، بعد أن أجرت لهم الفحوص المناسبة. وقالت إن سفينتها "ماري يونيو" ستكون جاهزة للإبحار والعودة إلى قبالة السواحل الليبية بعد أن يتم تعقيمها وتتخذ السلطات قرارا بشأن الحجر الصحي.
وقال كبير المسؤولين الفنيين في شركة "ميرسك تانكرز" تومي توماسن، خلال لقاء إعلامي، "لقد استغرقت هذه الحالة بالذات وقتا طويلا وأدت إلى مخاطر عالية والكثير من الإحباط والتوتر على متن السفينة، وهذا غير معقول وغير عادل.. نحن بحاجة إلى نظام سياسي، أينما كان، يضمن رفع العبء عن كاهل مالكي السفن والمهاجرين والطواقم".
تلك الأزمة التي مرت بها الشركة التجارية، تثير أيضا المخاوف حيال رفض السفن الأخرى في المستقبل إنقاذ المهاجرين، في حال واجههم موقف مماثل. فغياب استجابة واضحة وسريعة من قبل السلطات المالطية أو حتى الأوروبية، قد يدفع باقي الشركات إلى عدم تنفيذ عمليات إنقاذ، وبالتالي تعريض حياة الأشخاص المعرضين للغرق لخطر الموت.
إقرأ المزيد
نقل المهاجرين العالقين على متن ناقلة النفط "ميرسك إتيان" إلى سفينة "ماري يونيو"
"سابقة مؤسفة"
"الموقف الذي يستغرق حله 38 يوما هو ببساطة أمر غير مقبول، ويمثل سابقة مؤسفة للغاية لما قد يحدث في المستقبل"، بحسب ما صرح به توماسن.
وتلك ليست المرة الأولى التي يضطر بها المهاجرون إلى إمضاء أيام طويلة على متن سفن الإنقاذ أو المراكب التجارية بانتظار السماح لهم بالدخول إلى أحد الموانئ الأوروبية، إلا أن أزمة ناقلة النفط الأخيرة كانت الأطول مدة.
ويفرض القانون البحري الدولي على السفن القريبة من قارب في محنة واجب المساعدة، وقد شاركت السفن التجارية في البحر الأبيض المتوسط منذ فترة طويلة في عمليات الإنقاذ. وعادة ما يُنقل الناجون إلى أقرب ميناء آمن.
ومع غياب اتفاق أوروبي واضح حيال آلية إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط وإنزالهم في موانئ الدول المطلة على المتوسط، تصر مالطا وإيطاليا على أن تتقاسم الدول الأوروبية الأخرى عبء المهاجرين الوافدين إليها.
الشركة التجارية من جهتها، أكدت أنها ستعاود الكرة وتنقذ أي شخص بحاجة للمساعدة في البحر في حال واجهت موقفا مماثلا، وقال كبير المسؤولين الفنيين في شركة "ميرسك تانكرز" تومي توماسن، "عندما يحتاج الناس إلى المساعدة، سنتدخل، ولطالما فعلنا ذلك. إنه واجب كل بحار. ذلك متأصل بعمق في حمضنا النووي وقيمنا. وهذا ما فعله قبطان ميرسك إتيان".