الرأي العام في الكويت.. من الديوانية غير الرسمية إلى الضغط المؤسسي

سعد الروبايان | إل إس إى
2020-09-11

 

تعتبر الكويت موطن البرلمان الأعلى صوتًا وحيوية في المنطقة، وعلى الرغم من هذا، فإن المشاركة المدنية في صنع القرار العام لا تزال غير مرضية وغير منظمة، حيث يتم التلاعب بالبرلمان (الهيئة التمثيلية الرسمية للمواطنين التي تتألف من 50 عضوًا منتخبًا)، لصالح الحكومة.

ومن ثم، فإن عملية صنع القرار في الكويت يفترض أن تتحسن بشكل كبير من خلال خلق دور أكثر قوة ومؤسساتية للرأي العام.

تطبيق غير متسق للدستور

صدر الدستور الكويتي في نوفمبر/تشرين الثاني 1962 مع التأكيد بقوة على الدور الناشئ للرأي العام، وقد نص بوضوح في المادة 6 على أن "نظام الحكم في الكويت يجب أن يكون ديمقراطي، والسيادة في ظله للشعب، مصدر جميع السلطات".

وفي الواقع، فإن الدستور نفسه انعكاس للدور القوي للرأي العام، حيث صاغه "المجلس التأسيسي" الذي وضع الدستور بحيث يوفر أساسًا لمزيد من الحريات.

منذ ذلك الحين، شارك الكويتيون في العديد من الأساليب الرسمية وغير الرسمية للمشاركة العامة.

وبصرف النظر عن العمل البرلماني والتجمعات الاجتماعية (الديوانية)؛ تتكون الأشكال الجادة للمشاركة العامة من المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام المملوكة للقطاع الخاص والنشاط السياسي أو الاجتماعي في أشكال فردية وجماعية.

وقد أثرت أشكال المشاركة هذه على عملية صنع القرار في الحكومة، ليس فقط من خلال إنفاذ القوانين ولكن بشكل رئيسي من خلال فرض النفوذ الاجتماعي والسلطة.

أصبح الدستور الكويتي نافذ المفعول منذ أكثر من 6 عقود، وبالنظر إلى المستقبل، فإن هناك حاجة إلى مزيد من الوضوح فيما يتعلق بتأثير الرأي العام، بهدف تحديد دوره وتأثيره على عملية صنع القرار.

هناك العديد من النماذج لتحقيق ذلك على المستوى العالمي، وأحد هذه النماذج هو نموذج "الحكومة المفتوحة"، والذي يوفر توازنًا أكبر بين سلطات كل من الشعب والحكومة.

عملية صنع القرار الحكومية

لنبدأ بإعادة تعريف عملية صنع القرار في الحكومة على أنها عملية تصميم أي خدمات عامة وتشريعها وتقديمها وتقييمها وتعديلها.

وعلى وجه الدقة، يمكن تصنيف القرارات الحكومية إلى 4 عناصر (اللوائح والسياسات العامة ومشاريع البنية التحتية والخدمات).

ومن الجدير بالذكر أن "صنع القرار" لا يساوي "اتخاذ القرار"، الذي يعد مسؤولية فردية وأساسية للمسؤولين الحكوميين وموظفي الخدمة العامة.

تصب ضرورة صقل المشاركة العامة في الكويت في شكل مؤسسي، لصالح كل من الحكومة والمواطنين.

من منظور الحكومة، يمكن التماس الوضوح عبر زيادة دور الشعب في عملية صنع القرار وذلك عبر المساءلة والكفاءة ووضوح الهوية والأجندة وكذلك من حيث إعادة موازنة السلطة، أما من وجهة نظر الجمهور، فقد يعني هذا نشاطًا أو مشاركة جيدة التنظيم، وصوتًا مؤثرًا، مع قدرة وصول إلى صنع القرار.

الدعوة للحكومة المفتوحة

ليس مفهوم "الحكومة المفتوحة" نموذجًا جديدًا ولا فريدًا للمشاركة العامة، وإنما هو نموذج تم تقديمه حول العالم (بدرجات مختلفة).

وقد يكون من المفيد قياس ذلك ببعض الأمثلة على هذه الممارسة في 3 أنظمة مختلفة (إقليمية ووطنية ودولية).

تتجلى أحد الأمثلة في دولة الإمارات، التي تحتل المرتبة التاسعة في الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2020 الصادر عن "IMD"، وهي الدولة العربية الوحيدة التي حافظت على مكانتها بين أفضل 10 دول تنافسية لمدة 4 سنوات على التوالي.

يمكن رؤية مفهوم الحكومة المفتوحة من خلال مبادرتها "مختبر اللوائح"، الذي اختُرع في عام 2018 بهدف اختبار وتنظيم تقنيات التوزيع المتعلقة بالثورة الصناعية الرابعة حول العالم.

ويمثل المختبر خبراء ومبتكرون من القطاع الخاص يعملون جنبًا إلى جنب مع صانعي السياسات الحكومية والمشرعين.

كما تعتبر "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" أيضًا رائدة في هذا المجال، حيث تقوم بإنشاء إطار عمل لمفهوم الحكومة المفتوحة من خلال مشاريعها ومبادراتها المختلفة.

وتصنف "منظمة التعاون والتنمية" في الميدان الاقتصادي المشاركات العامة إلى 3 مستويات: الإعلام والاستشارة والمشاركة، وكل مستوى له منهجياته وأدواته.

أما على الصعيد الدولي، فيمكن الاستشهاد بحكومة المملكة المتحدة كمثال رائع لديه ممارسات متعددة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك "منصة الالتماسات"، و"سجلات جماعات الضغط" و"قواعد الممارسة الخاصة بدليل الاستشارة"، وهذه ليست سوى بعض الأمثلة على الأساليب الرسمية والمؤثرة للمشاركة العامة.

الجدير بالذكر أن هذه المنصات متاحة للجمهور بطريقة شفافة ومتساوية لتسهيل دورهم في الضغط والاستشارة والتأثير في عملية صنع القرار.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي