عملية الإنقاذ الفريدة في بيروت.. أمل ضعيف وأمنيات كبيرة

مصدر: Beirut had been hoping for a miracle. Those hopes are fading.
2020-09-06

نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية تقريرًا لمراسليها في بيروت عن تلاشي الآمال تمامًا في عملية الإنقاذ أو احتمالية العثور على ناجين تحت أنقاض أحد المباني التي انهارت في بيروت جرَّاء الانفجار الذي وقع في الرابع من شهر أغسطس (آب) الماضي في مرفأ بيروت.

تلاشي الآمال يدفع اللبنانيين إلى الهجرة

وفي بداية التقرير، أشار إلى ما تلقَّاه عمال الإنقاذ من إشارات بسماع نبضات قلبية تحت الأنقاض، الأمر الذي يشي بوجود أحياء تحت الركام بعد مضي شهر كامل على الانفجار المروع. وكان اللبنانيون يأملون في حدوث معجزة يوم الجمعة 4 سبتمبر (أيلول) أثناء إحيائهم ذكرى مرور شهر على الانفجار الهائل الذي دمَّر معظم عاصمتهم.

وكان موقع أحد الناجين المحتملين من انفجار 4 أغسطس قد حُدِّد قبل يوم واحد تحت أنقاض مبنى منهار رغم كل تلك الصعاب. واكتشفت أجهزة الاستشعار ما يمكن أن يكون قلبًا ينبض. وقال عمال الإنقاذ إن أجهزتهم المتخصصة تشير إلى أن القلب النابض ربما يكون لطفل متمدد بجانب جثمان شخص بالغ مات على الأرجح.

واستدرك التقرير: لكن مع تباطؤ جهود الإنقاذ، بدأت تلك الآمال تتلاشى. وحَزَم المصورون كاميرات التلفزيون التي كانت تبث تغطية حية للعملية وانصرفوا. وفجأة، انقطعت الكهرباء، وغرقت الشوارع المخيفة وغير المأهولة بالسكان في ظلام دامس باستثناء أشعة النور المنبعثة من الأضواء الكاشفة لعملية البحث، التي تشير إلى بقعة على أنقاض منزل زهري اللون أنيق كان مكونًا من أربعة طوابق حيث نبه كلب بوليسي ينتمي إلى فريق الإنقاذ التشيلي قائده إلى وجود علامات حياة محتملة قبل يومين.

تقول مايا منصور، البالغة من العمر 30 عامًا، بعد أن سَأَمَتْ الانتظار وتوجَّهت لتوديع الأصدقاء قبل مغادرة لبنان للأبد يوم السبت، ضمن موجة من اللبنانيين الذين يهاجرون من البلاد في أعقاب الكارثة: «كنت أرغب في أن أرى آخر بارقة آمل». وأضافت والإحباط يملؤها: «كان العثور على ناجين سيمثل بارقة أمل تدفعنا للتمسك بهذا البلد قبل مغادرته».

قلب ينبض

ولفت التقرير إلى أن الأخبار التي تفيد باحتمال وجود ناجين يتعين إنقاذهم أسَرَت قلوب سكان مدينةٍ غرقت في حالة من اليأس بسبب الموت والدمار الذي أحدثه الانفجار، وأسفر عن مقتل ما يقرب من 200 شخص، وإصابة 6.000، ومحو بعض أكثر أحياء المدينة حيوية وتاريخية من على وجه الأرض. وتبث القنوات التلفزيونية على الهواء مباشرةً وصول الرافعات والجرافات ومغادرتها وسط سُحُب من الغبار. وظهرت المداخل المُقوَّسة الجميلة لأحد المنازل التقليدية العتيقة في المدينة حيث نُقِل المزيد والمزيد من الأنقاض إلى الشارع.

أما القلب النابض الذي رصدته أجهزة الاستشعار يوم الخميس فكان يدق بمعدل 18 نبضة في الثانية – ولو كانت هذه نبضات قلب لكانت كافية بالكاد للحفاظ على حياة إنسان، وفقًا لما ذكره طبيب القلب نبيل خوري الذي كان من بين أولئك الذين أثار البحث اهتمامهم. قال: «أريد أن أصدق».

وفي صبيحة يوم الجمعة، قال عمال الإنقاذ إننا ما زلنا نرصد نبضًا، ولكن بمعدل 7 ضربات في الثانية فقط. وبحلول ليلة الجمعة، أحجمت فرق الإنقاذ عن مناقشة ما إذا كان لا يزال يجري سماع أي نبض أم لا. قال توبوس، قائد الفريق التشيلي، للصحفيين قبل وقت قصير من توقُّف جهود الإنقاذ: «احترامًا للناس وعائلاتهم، يفضل فريق الإنقاذ عدم مشاركة أي معلومات تتعلق بوجود قلب ينبض من عدمه». وربما يتبين أنه لم يبقَ أحد على قيد الحياة تحت المنزل المدمر، أو أنه لم يكن هناك أي شخص مدفون هناك على الإطلاق.

الإهمال ما زال مستمرًا

وأوضح التقرير أن الحادثة تثير أيضًا تساؤلات حول جِدية عمليات البحث والإنقاذ التي قامت بها السلطات اللبنانية في أعقاب الانفجار. فالمنزل المدمر يقع على طريق ممهد للغاية، وصوَّره أهل بيروت عدة مرات وبثوا صوره على موقع الصور الشهير إنستجرام بوصفه واحدا من أكثر الأمثلة الحية على الدمار.

واتضح بعد ذلك أن أحدًا لم يتحرك قط لمعرفة ما إذا كان هناك أشخاص مدفونين تحت ركام المبنى – وقال نشطاء إن هناك أدلة أخرى على وجود إهمال شبيه بالإهمال الذي سمح ببقاء 2.700 طن من نترات الأمونيوم متروكة دون مراقبة في مرفأ بيروت لسنوات حتى اشتعلت في حريق لا يزال يفتقد لأي تفسير.

لا يوجد شيء تحت الأنقاض

وأبرز التقرير قول ميليسا فضل الله، الناشطة في بيروت، إن سكان المنطقة أبلغوا السلطات عدة مرات أنهم اكتشفوا رائحة جثث متحللة تنبعث من تحت الأنقاض، لكن لم يبذل أحد أي جهد للتحقق من ذلك. وكانت ميليسا ضمن مجموعة من المحتجين الذين أقنعوا رجال الإنقاذ باستئناف البحث ليل الخميس بعد أن علَّقت السلطات اللبنانية العملية في البداية. وتساءلت: «لماذا احتاج الأمر إلى كلب تشيلي وتكنولوجيا تشيلية؟ لماذا استغرق فحص المبنى شهرًا؟» وعلَّقت: «يا له من شيء يندى له الجبين»؟

ويقول إدوارد بيطار من منظمة (يحيا لبنان ونحبه) (Live Love Lebanon) غير الحكومية، التي تساعد في جهود الإنقاذ، إن فريقًا فرنسيًّا أفاد أن كلبهم البوليسي اكتشف وجود أنفاسٍ تتعلق بالحياة في مكان الحادث الأسبوع الماضي لكن لم يقتفِ أحد أثر ذلك.

وكان الجهد معقدًا بسبب الخلافات بين الوكالات المختلفة المشاركة في البحث. وبدا الفريق التشيلي، المشهور عالميًّا بإنقاذ أحد الناجين بعد 27 يومًا في أعقاب زلزال هايتي، واثقًا من أنه لا يزال هناك أمل في العثور على ناجين. وقال قائد الفريق التشيلي إن أجهزة الاستشعار التي بحوزة فريقه كانت دقيقة بنسبة 80%.

واختتمت المراسلات تقريرهن بالإشارة إلى تشكيك زعيم لبناني في إحدى الوكالات المشاركة في عملية الإنقاذ. وقال إنه ألغى عمل رجاله لأن البحث لم يكشف عن أي بوادر للحياة. وقال قائد الفريق، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع، «لا يوجد شيء تحت الأنقاض، لا شيء، لا شيء».







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي