المياه في الخليج.. الأزمة تتفاقم والبدائل كارثية

أمين محسني-شراغلو
2020-09-03

لا يتعلق التحدي الأكبر الذي يواجه منطقة الخليج بالسياسة والأمن الإقليميين، بل في مجال البيئة والجغرافيا؛ حيث يعد الخليج أكثر مناطق العالم من حيث الإجهاد المائي. إذ أن المصادر التقليدية لإمدادات المياه، مثل هطول الأمطار واحتياطيات المياه السطحية والجوفية، لا تكفي لتلبية الطلب المتزايد لاقتصادات الخليج والسكان الذين يتزايدون بسرعة. 

تزايد عدد السكان الذين يعيشون في منطقة الخليج 4 مرات مما كان عليه الوضع في السبعينيات (183 مليونا في عام 2020 مقابل 46 مليونا في عام 1970). في السنوات العشرين الماضية وحدها، زاد عدد سكان هذه المنطقة بنسبة 55%، من 118.5 مليون في عام 2000 إلى 183 مليون في عام 2020. وبعبارة أخرى، في حين أن الطلب على المياه العذبة آخذ في الارتفاع بسرعة في منطقة الخليج، فإن المعروض يتضاءل.

الحلول التقليدية تدمر البيئة

دفعت الفجوة المتزايدة بسرعة بين العرض والطلب على المياه العذبة اقتصادات دول الخليج للاتجاه نحو تدابير كارثية بيئيا مثل الاستفادة أكثر وأكثر من طبقات المياه الجوفية المحدودة وإنشاء محطات تحلية ضخمة حول الخليج. وسيؤدي استخراج المياه الجوفية بنسبة تتجاوز معدلات التجدد إلى هبوط الأرض وكذلك إلى حالات جفاف طويلة الأجل. لذلك، يجب استخدام مستودعات المياه الجوفية بحذر؛ لأنها تمثل خط الدفاع الأخير ضد حالات الجفاف الطويلة الأمد.

وفيما يتعلق بتحلية المياه أيضا، هناك قضيتان بيئيتان خطيرتان. أولا، تحلية المياه هي إجراء كثيف الطاقة يؤدي إلى انبعاث غازات الاحتباس الحراري؛ مما يؤدي إلى تفاقم ظروف الجفاف وندرة المياه التي تواجه المنطقة. ثانيا، والأكثر إلحاحا، هو أن المنتج الثانوي لأي عملية تحلية هو تركيز شدة الملوحة، وتعد السعودية والكويت والإمارات وقطر مسؤولة عن 55% من إجمالي إنتاج المياه المالحة العالمية، والتي يتم إلقاؤها مرة أخرى في الخليج.

ومن بين دول الخليج، تعد السعودية والإمارات أكبر منتجي المحلول الملحي في العالم؛ حيث يمثلان أكثر من 22% و 20% من المحلول الملحي العالمي على التوالي. وقد أدت هذه الممارسة إلى زيادة ملوحة الخليج وإلحاق الضرر بالنظام الإيكولوجي والثروة السمكية والكائنات الحية مع زيادة متطلبات الطاقة لتحلية المياه في الوقت نفسه. وبالتالي، فإن تلبية احتياجات دول الخليج من المياه العذبة من خلال تحلية المياه لها تداعيات سلبية كبيرة.

لم تمنع التكاليف البيئية لتحلية المياه اقتصادات الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، من توسيع طاقة تحلية المياه في العقد الماضي، وهناك خطط لمزيد من التوسعات في المستقبل. في الوقت الحاضر، تنتج دول الخليج حوالي 40% من إجمالي مياه التحلية في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن ينمو ذلك مع استمرار نمو السكان في المنطقة. وبالرغم من كونها تقنية باهظة الثمن وكارثية بيئيا، فإن تحلية المياه هي التقنية الوحيدة الواضحة التي يمكنها معالجة هذا الطلب المتزايد بسرعة.

وفي حين أن بعض أشكال تحلية المياه وهي التناضح العكسي (RO) أكثر صداقة للبيئة (فهي أقل كثافة للطاقة وتنتج محلول ملحي أقل بنحو 20-30% مقارنة بتقنية التحلية الحرارية)، فإن محطات تحلية المياه الخليجية تعتمد على التكنولوجيا الحرارية الأقل صداقة للبيئة؛ بسبب موارد الطاقة الأحفورية الوفيرة في المنطقة. علاوة على ذلك، فإن بناء هذه المحطات باهظة التكلفة، ويبلغ عمرها التشغيلي أكثر من 60 عاما؛ مما يعني أنها ستظل موجودة لبضعة عقود أخرى.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي