كيف نقرأ المراسيم السلطانية الأخيرة في عمان؟

2020-08-21

للمرة الأولى، فوض السلطان "هيثم" بعضا من سلطاته الرئيسية لمختلف الوزارات ضمن سلسلة من المراسيم التي تركز على الاقتصاد وتضفي الطابع المهني علي الحكومة.

شكل سلطان عُمان بعد 8 أشهر من حكمه حكومة جديدة مكونة من أول مجلس وزراء يعينه بالكامل. وأسفرت المراسيم المتعددة التي أصدرها السلطان "هيثم" هذا الأسبوع عن تقليص حجم الحكومة، وتنصيب حكومة تكنوقراطية وخبيرة بشكل ملفت للنظر، وتفويض صلاحيات كبيرة لبعض الوزراء.

تمثل التعيينات تحولًا واضحًا بعيدًا عن أسلوب الحكم الشخصي للغاية الذي كان موجودًا في عهد السلطان الراحل "قابوس"، في اتجاه نحو نموذج أكثر مؤسسية.

وفي الوقت نفسه، يظهر المجلس الجديد التزامًا باستمرارية عهد "قابوس" من خلال الاحتفاظ بالعديد من الوزراء، ولكن مع تركيز ملحوظ على الاقتصاد والمالية. 

الصلاحيات

تجلى أبرز قرارات السلطان الـ28، في تنازله عن ألقاب وزير الدفاع ووزير الخارجية ووزير المالية ورئيس البنك المركزي، وتقسيمها على مسؤولين بعضهم ليس من أفراد العائلة المالكة.

يتماشى هذا التنازل عن السلطة - وهو أمر نادر - مع جهود السلطان السابقة للابتعاد عن إضفاء الطابع الشخصي على الدولة.

ففي فبراير/ شباط على سبيل المثال، ألغى السلطان الإشارة إلى "قابوس" في النشيد الوطني، واستبدلها بكلمات عالمية بدلاً من اسمه.

ثم في 9 مارس/ آذار، عيّن السلطان "هيثم" شقيقه "شهاب بن طارق" نائباً لرئيس الوزراء لشؤون الدفاع، ليحل عملياً محل الوزير المسؤول عن شؤون الدفاع، "بدر بن سعود البوسعيدي".

ووفق مصادر عمانية، فإن ذلك جعل "شهاب" وزير الدفاع الفعلي، لكن بلقب أعلى، بينما يظل السلطان قائدا للقوات المسلحة.

كما رقّت المراسيم التي صدرت هذا الأسبوع منصبين رئيسيين -الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية والوزير المسؤول عن الشؤون المالية- إلى وزير الخارجية ووزير المالية، وأولت المنصبين إلى أشخاص جدد أيضًا، مما يعني أن السلطان انتظر لتغيير الألقاب حتى يقرر تعيينات جديدة.

كما تولى "تيمور بن أسعد"، ابن شقيق السلطان منصب رئيس مجلس إدارة البنك المركزي بدرجة وزير، وهي ترقية مهمة لشاب يبلغ من العمر 39 عامًا. 

يحتفظ السلطان بلقب رئيس الوزراء، مع 3 نواب لرئيس الوزراء تم تعيينهم سابقًا وهم: "أسعد بن طارق" للعلاقات الدولية والتعاون، و"شهاب بن طارق" لشؤون الدفاع، و"فهد بن محمود" لشؤون مجلس الوزراء.

غاب "أسعد" بشكل لافت عن قائمة الحكومة الأخيرة، فبينما يحتفظ بلقب نائب رئيس الوزراء، فإن دوره المستقبلي غير واضح، أما قبل وفاة السلطان "قابوس"، فكان يُعتبر من كبار المرشحين للخلافة إلى جانب "هيثم" الذي تم اختياره في النهاية.

الجدير بالذكر أن "هيثم" عين واحدًا آخر فقط من الأسرة المالكة في هذه المراسيم، حيث تولى نجله "ذي يزن بن هيثم" منصب وزير الثقافة والرياضة والشباب، وربما يرغب السلطان في توليه العرش في نهاية المطاف.

يبلغ نجل السلطان من العمر 30 عامًا وهو دبلوماسي منذ عام 2013؛ وفي يناير/ كانون الثاني، عاد إلى مسقط من لندن، حيث كان يعمل كسكرتير ثان في السفارة.

وزيرا الخارجية والمالية

كان التغيير الأبرز هو استبدال "يوسف بن علوي"، الذي شغل منصب الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية منذ عام 1997.

كان الوزير منشقًا ظفاريًا أثناء الحرب ضد والد "قابوس" في السبعينيات، وعكس مساره في عهد السلطان "قابوس"، ونال مكافأته على ذلك

ومع ذلك، كان تقاعده متوقعًا على نطاق واسع منذ وصول "هيثم" إلى السلطة، لأسباب ليس أقلها الخلافات التي ترددت شائعات عن وجودها عندما كانا معًا في وزارة الخارجية

يعتبر وزير الخارجية الجديد "بدر بن حمد البوسعيدي" محبوبا جدًا، وقد أشار إليه الدبلوماسيون الأمريكيون بأنه جاد ذو تركيز ومحاور عظيم وشريك جيد للولايات المتحدة.

ولد "البوسعيدي" عام 1960 في مسقط وتلقى تعليمه في جامعة أكسفورد، وعمل في الوزارة منذ عام 1988، بما في ذلك منصب الأمين العام، مما استلزم العمل بشكل وثيق مع "بن علوي".

جعلت هذه المناصب وغيرها من المناصب الرفيعة "البوسعيدي" معروفًا في دوائر السياسة الخارجية، وعلى الرغم من أنه ليس من العائلة المالكة، إلا أنه جزء من قبيلة "البوسعيدي" الكبيرة التي تنتمي إليها العائلة المالكة.

من المتوقع أن يواصل "البوسعيدي" سياسة الحياد العمانية في المستقبل، ويشمل ذلك موازنة العلاقات مع الولايات المتحدة وإيران، وتقرير ما إذا كان يجب تطبيع العلاقات مع (إسرائيل) كما فعلت الإمارات للتو، وإدارة الملف اليمني الآخذ في التعقيد أكثر فأكثر، وتوجيه السياسة إزاء دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.

قد يكون تعيين وزير المالية الجديد على نفس القدر من الأهمية بالنظر إلى موقف الاقتصاد العماني المتردي بشكل متزايد

يتمتع "سلطان بن سالم الحبسي" بسجل رائع؛ فقد شغل مناصب عديدة في وزارة المالية منذ ثمانينيات القرن الماضي، منها رئيس لمصلحة الضرائب العمانية، ونائب رئيس مجلس الإدارة لكل من البنك المركزي وشركة النفط العمانية، ورئيسا لجهاز عمان للاستثمار.

كما يتمتع كبار موظفيه ورئيس مصلحة الضرائب الجديد لديه بخبرة طويلة مماثلة في القطاع المالي.











شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي