معلومات قد لا تعرفها عن التقويم الهجري: لم يبدأ تطبيقه في حياة النبي، وأسماء الأشهر تعود لعصر الجاهلية

2020-08-20

بدأت السنة الهجرية الجديدة 1442؛ وهي عكس السنة الميلادية يختلف يوم بدايتها من عامٍ لآخر؛ لكون التقويم الهجري تقويماً قمرياً، أي يعتمد على دورة القمر لتحديد الأشهر، لكن من المعروف أن العام الهجري يبدأ بشهر محرم، حيث ينتهي فيه موسم الحج وينصرف الحجاج إلى بلدانهم.

ورغم ارتباط أول عام هجري بالسنة التي هاجر فيها النبي محمد من مكة إلى المدينة، فإن هذا التاريخ اعتُمد بعد سنواتٍ من وفاته، وذلك في عهد خلافة الصحابي عمر بن الخطاب، كما أنه لا يوجد تقويم هجري واحد، لذلك بحثنا أكثر عن معلومات ربما لا تعرفها عن التاريخ الهجري.

ما هو التقويم الهجري؟

التقويم الهجري هو التقويم الإسلامي الذي اعتُمدت أولى سنواته بدءاً من سنة هجرة النبي محمد من مكة إلى المدينة في 12 ربيع الأول (وافق 21 سبتمبر/أيلول عام 622 ميلادياً)، ولهذا اسمه هجري. بدأت السنة الهجرية يوم الجمعة 1 محرم 1هـ، وقد وافقت وقتها يوم 16 يوليو/تموز عام 622.

يعتمد التقويم الهجري على دورة القمر لتحديد الأشهر، ويتكون من 12 شهراً قمرياً، وبهذا التقويم تُحدد أمور دينية، من شهر رمضان، والأشهر الحرم، وشهر الحج، وعيدي الفطر والأضحى، حتى إن حساب بعض الأحكام الشرعية مثل عدة الطلاق والحامل وتوقيت دفع الزكاة يكون باستخدامه.

كيف تُحسب السنة الهجرية؟

تتكون السنة الهجرية من 354 يوماً تقريباً، بالتحديد 354.367056 يوماً. والأشهر القمرية تكون إما 29 يوماً وإما 30 يوماً، وحسابها يكون حسب ظهور القمر، وبما أن دروة القمر الظاهرية تساوي 29.530588 يوم، يكون هناك فارق 11.2 يوم تقريباً بين التقويم الميلادي والتقويم الهجري، لذلك قد نجد شهر رمضان أو ذا الحجة مرة في الصيف ومرة أخرى في الربيع ومرة في الشتاء، إذ يوجد فرق حسابي قدره ثلاث سنوات، كل مئة عام، بين التقويمين.

أنشأه عمر بن الخطاب

من أنشأ التقويم الهجري هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، إذ رأى حاجة الدولة الإسلامية الجديدة مترامية الأطراف لنظام تقويم خاص بها، لذلك أقر التقويم الهجري، وجعل بداية التقويم الإسلامي سنة هجرة النبي محمد التي سبقت تاريخ إنشاء التقويم بـ17 عاماً، وفق الموقع الإسلامي الذي ينشر باللغة الإنجليزية Tafsir. وأنشئ امتثالاً للآية القرآنية:

"إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" (لآية 36 من سورة التوبة).

أسماء الأشهر تعود لعصر الجاهلية، فماذا كانت قبل ذلك؟

التقويم الهجري أنشئ بعد الإسلام، لكن أسماء الشهور تعود لعصر الجاهلية. فقد كان العرب يسمون أشهر السنة حسب أحداث وقوعها، مثل ذي الحجة الذي يقع فيه موسم الحج سنوياً، وربيع الذي يوافق فصل الربيع، ورمضان من الرمض أو "الرمضاء"، التي تعني شدة الحر، ويقال أيضاً إن التسمية من الرميض وهو السحاب والمطر.

لكن قبل البعثة النبوية بـ150 عاماً، وتحديداً قبل العام 412 ميلادياً، كانت هناك أسماء أخرى، فقد كان شهر رمضان يسمى "نَاتِق" مثلاً، لكن في هذا العام اجتمع العرب وقرروا توحيد الأشهر القمرية، إذ  كانوا يعتقدون أهمية القمر والعام القمري، عندما يتمم القمر دورة كاملة حول الأرض.

وبسبب حياة الترحال وعدم الاستقرار والاجتماع فيما بينهم، لم يستخدم العرب الأرقام للإشارة إلى السنوات بالتواريخ الرقمية كما يحدث الآن، وعوضاً عن ذلك كانوا يسمون الأعوام القمرية بحوادث كبيرة مثل: حرب الفجار، وعام الفيل نسبة إلى المحاولة الفاشلة التي قادها أبرهة الحبشي حاكم اليمن من قِبل مملكة أكسوم لتدمير الكعبة، ليوقف ذهاب العرب وقريش إليها، ويحوِّلهم لكنيس بديل بناه في اليمن، وتوافق غالباً 571م.

وعندما اجتمع رؤساء قبائل العرب في عهد كلاب بن مُرة، الجد الخامس للنبي محمد، للاتفاق على تسميات جديدة، اختاروا الأسماء التي نعرفها الآن، حتى إن الأشهر الحرم اتفقت عليها القبائل العربية قبل الإسلام، إذ استمدوها من النبي إبراهيم، وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، واستمرت حتى الإسلام وكان يُحرَّم فيها القتال.

12 تقويماً هجرياً مختلفاً

رغم أن طريقة حساب التقويم الهجري تعتمد بالأساس على مراحل ظهور القمر، لكن هناك أكثر من تقويم هجري أو طريقة حساب للتقويم الهجري، وفق شرح استفاض به مدير مركز الفلك الدولي بالإمارات، محمد شوكت عودة، في لقاء سابق مع قناة "الجزيرة".

إذ يستخدم المسلمون الأتراك تقويماً إسلامياً يتم حسابه مسبقاً بعدة سنوات (حتى عام 1444 هـ/2022 م) من قِبل الرئاسة التركية للشؤون الدينية، هذا الحساب أُقيم اعتماداً على التقويم الهجري الأحادي، إذ يعتمد على الرؤية الفلكية للهلال، ولكن لا يُغفل الرؤية بالعين المجردة، وفق وكالة الأناضول التركية.

بينما يعتمد التقويم المستخدم في المملكة العربية السعودية؛ تقويم أم القرى، على دورة القمر لتحديد الأشهر، وجزء آخر منه تقويم شمسي لتحديد فصول السنة، وإحداثيات (خط الطول وخط العرض) للكعبة في مكة المكرمة.

وهناك أيضاً التقويم الهجري المجدول (Tabular Islamic calendar)، وتحسب فيه الشهور بطريقة الأرقام الفردية والزوجية، حيث يبدأ شهر محرم برقم 30 زوجي، ثم صَفَر برقم فردي وهو 29، ثم زوجي وهكذا. وشهر ذي الحجة في السنوات الكبیسة یكون 30 یوماً بدلاً من 29. وكل 30 عاماً تحتوي على 11 سنة كبيسة.

وتوجد أيضاً طريقة العدِّ الكويتية التي تستخدمها مايكروسوفت للتحويل بين التواريخ الهجرية والميلادية، تكون سنواتها الكبيسة الـ11 من دورة السنوات الـ30 هي سنوات: 2, 5, 7, 10, 13, 15, 18, 21, 24, 26, 29 من كل 30 عاماً.

ما معاني أسماء الأشهر الهجرية؟

1- محرم: سُمي المحرم بسبب تحريم القتال فيه، وهو أول الأشهر الحُرم الأربعة التي ذكرها القرآن الكريم. "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ".

 2- صَفَر: سُمي بهذا الاسم، لأن مكة كانت تصفرّ من أهلها إذا سافروا فيه أو خرجوا لقتال وتركوا بيوتهم، ويقال إنه سُمي كذلك، لأنهم إذا خرجوا للقتال فيه تركوا أعداءهم "صفر المتاع"، أي خالين من كل شيء.

 3- ربيع الأول: سُمي بهذا الاسم لارتباطه بفصل الربيع، رغم أن الفصول تتعاقب وتختلف في العام القمري ولا ترتبط بأشهر معينة.

 4- ربيع الآخر: سمي كذلك، لأنه جاء بعد ربيع الأول في فصل الربيع.

 5- جمادى الأولى: يجيء شهر جمادى الأولى مع فصل الشتاء، الذي يتجمد فيه الماء من البرد، فسُمي الاسم جمادى بالتأنيث.

 6- جمادى الآخرة: سُمي بهذا الاسم؛ لوقوعه في الشتاء بعد شهر جمادى الأولى.

 7- رجب: كانت تقدَّم في شهر رجب "الرجائب" أي القرابين، ومعنى الترجيب هو التعظيم.

 8- شعبان: سُمي الشهر الثامن الهجري بهذا الاسم، لأنه "شِعب" بين رجب ورمضان، وقيل لتشعّب العرب فيه نحو الحروب أو بحثاً عن المرعى والماء.

 9-  رمضان: من الرمض أو "الرمضاء"، التي تعني شدة الحر، ويقال أيضاً إن التسمية من الرميض وهو السحاب والمطر. وقد عُرف الصوم لدى العرب القدماء قبل الإسلام، خاصة لدى اليهود والمسيحيين في الجزيرة العربية، وحتى عند أبناء القبائل، لكن بصيغ مختلفة لا تشبه صيام شهر رمضان لدى المسلمين.

 10- شوال: سُمي بهذا الاسم لشَوَلان النوق فيه، أي نقصانها وجفاف حليبها. 

 11- ذو القعدة: سُمي الشهر الحادي عشر الهجري بذلك، لقعود العرب فيه عن التنقل والسفر، أو قعودهم عن القتال والحرب فيه؛ لكونه أول الأشهر لحرم. 

 12- ذو الحجة: سُمي الشهر الأخير من العام الهجري بذي الحجة، لأنه الشهر الذي يذهب فيه الناس للحج، وهو شهر حرام.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي