اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي يقلب النظام الإقليمي بالشرق الأوسط

الخليج الجديد
2020-08-19

تم الإعلان عن اتفاق التطبيع بين الإمارات و(إسرائيل) بأكثر الطرق "ترامبية"؛ أي عبر حساب "تويتر" للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب".

وجاءت هذه الخطوة تتويجا للاصطفاف الجيوسياسي، الذي أعاد رسم خريطة التحالفات الشرق أوسطية سرا، لكن بثبات.

ومن الخليج إلى شرق البحر المتوسط، وجدت (إسرائيل) والإمارات نفسيهما في نفس الجانب؛ حيث تعملان على احتواء النفوذ المتزايد لإيران وتركيا.

وربما بنفس القدر من الأهمية، يجلب الاتفاق معه انتصارات سياسية كبيرة لقادة الدول الـ3، بما في ذلك الولايات المتحدة.

ولا ينبغي التقليل من أهمية الاتفاق. بل يجب استقبال جميع اتفاقيات السلام بحرارة. ومع ذلك، في حين أن هذا الاتفاق مصمم للدخول في مرحلة جديدة في العلاقات الإسرائيلية مع دول الخليج، فقد لا يكون المفتاح لفتح السلام العربي الإسرائيلي الأوسع. ومرة أخرى، يشعر الفلسطينيون أنهم يدفعون ثمن الطموحات الجيوسياسية لدول أخرى.

ومما لا شك فيه أن توقيت الإعلان عن الاتفاق ترك الكثير من الدبلوماسيين والمحللين في حالة من عدم اليقين. لكن، من نواحٍ عديدة، لم يكن ذلك مفاجئا. وتعمل (إسرائيل) ودول الخليج، الإمارات والبحرين على وجه الخصوص، والسعودية كذلك، على تعزيز علاقاتها الثنائية منذ أعوام.

ورغم التركيز في الغالب على تبادل المعلومات الاستخباراتية، وسعت دول الخليج و(إسرائيل) تعاونهما في عدد من المجالات الأخرى، مثل المشاركة في التدريبات العسكرية المشتركة، والمبادرات الدبلوماسية، والبحث والتطوير، والاستثمار.

وكانت الكراهية المشتركة تجاه إيران والاتفاق النووي المعروف بـ "خطة العمل الشاملة المشتركة" حافزا مهما لهذا التحالف الناشئ.

 

وشجعت إدارة "ترامب" ذلك، وحرصت على احتواء إيران بقدر ما كانت تدعم موقف (إسرائيل) الإقليمي، مع تأمين نوع من الإرث الإقليمي.

 

ومثل أي صفقة جيدة، فإن هذا الاتفاق يوفر مكاسب لجميع الأطراف.

وينطبق هذا بشكل خاص على "ترامب" ورئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، وكلاهما يواجه مشهدا سياسيا داخليا صعبا. ويمنح الاتفاق كلا الزعيمين إنجازا بالغ الأهمية في السياسة الخارجية في وقت مناسب سياسيا.

ويتخلف "ترامب" بشدة عن منافسه الديمقراطي قبل 3 أشهر من الانتخابات الوطنية، بينما يقترب "نتنياهو"، مع انهيار حكومته الائتلافية، من الدعوة إلى انتخابات جديدة، هي الرابعة في (إسرائيل) خلال أقل من عامين.

 

كما تسمح لهما الصفقة بالابتعاد عن "خطة السلام من أجل الازدهار" لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني (صفقة القرن)، التي أقرتها الإمارات، والتي أصبح الزعيمان فاترين تجاهها على الرغم من التزامهما بها علنا.

 

ويمكن لـ"ترامب" الآن إعلان تحقيق فوز مهم في السياسة الخارجية، وربما هو فوزه الوحيد.

 

في غضون ذلك، نجح "نتنياهو" في هروب سياسي مميز، مستبدلا اقتراح الخطة لـ(إسرائيل) بضم الضفة الغربية بحكم القانون، وهو ما لم يكن متحمسا له وتسبب له في مشاكل سياسية، من أجل تحقيق اختراق تاريخي لطالما وعد الجمهور الإسرائيلي به.

وبالرغم من بعض المخاطر، يجلب الاتفاق أيضا مكاسب سياسية أولية لحاكم الإمارات الفعلي "محمد بن زايد". وأوضح المسؤولون الإماراتيون مؤخرا بشكل متزايد أن طموحاتهم الإقليمية لا يمكن ربطها إلى الأبد بصراع (إسرائيل) الذي لم يتم حله مع الفلسطينيين.

وتضيف هذه الصفقة أولا إلى المقدار الهائل من رأس المال السياسي الذي يتمتع به الزعيم الإماراتي بالفعل في واشنطن. وسيكون قادرا على جني هذه النوايا الحسنة بغض النظر عمن سيفوز برئاسة الولايات المتحدة. ولبعض الوقت كانت الإمارات تنتهج استراتيجية تحوط بين فوز "ترامب" بفترة رئاسة جديدة ووصول رئيس ديموقراطي.

ولطالما حاول الإماراتيون وضع بلدهم كقائد إقليمي ونموذج للحليف الجيد للولايات المتحدة. وكجزء من هذه الجهود، تبنت أبوظبي خطاب التسامح الديني في مواجهة ما يعتبرونه تطرفا للإسلام السياسي تروج له إيران وتركيا؛ الخصمان الإقليميان الرئيسيان.

ومن وجهة نظر أبوظبي، قد توسع الصفقة رسميا التحالف الدبلوماسي والعسكري لدولة الإمارات ضد هذه الدول.

إضافة إلى ذلك، قد تكون قادرة على شراء أسلحة أمريكية أكثر تقدما كانت محظورة عليها في السابق، بما في ذلك الطائرات بدون طيار.

وأخيرا، سيوفر التطبيع الرسمي مع (إسرائيل) دفعة مهمة للإمارات في مناخ عالمي صعب، ويخلق المزيد من الفرص للتنويع الاقتصادي والتعاون في البحث العلمي، والأمن السيبراني على وجه الخصوص.











شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي