
بعد 15 يوما فقط من إخلاء مخيم أوبرفيلييه، يعيش ما بين 300 و400 مهاجر تحت جسر الطريق السريع A1 في ضاحية سان دوني شمال باريس، في ظروف متردية. تندد الجمعيات بالوضع الذي لا يطاق في ظل استمرار عمليات نقل وإجلاء المهاجرين دون حل دائم.
أثناء إخلاء مخيم أوبيرفيلييه شمال العاصمة باريس في 29 تموز/يوليو الماضي، لم يكن مدير جمعية "فرنسا أرض اللجوء" بيير هنري، واثقا من مدى فاعلية تلك العملية، بل كان واثقا بأن المخيم العشوائي سيعاد تشكيله في غضون أسابيع قليلة.
وبالفعل، لم يستغرق الأمر حتى عدة أسابيع. فبعد أقل من أسبوعين من إجلاء حوالي 1500 شخص كانوا يعيشون في المخيم، عاد "ما بين 300 و400" مهاجر إلى الشارع وتجمعوا في المنطقة الواقعة تحت جسر الطريق السريع A1 في سان دوني. أغلبهم رجال عازبين من أفغانستان.
من بينهم، "أشخاص لم يكونوا حاضرين يوم إخلاء مخيم أوبيرفيلييه، والبعض الآخر كان عنده موعد إداري في ذلك اليوم ولم يتمكن من الحضور"، كما يقول الناشط مايل في جمعية "يوتوبيا 56". ومن بينهم أيضا وافدون جدد وجدوا هذا المكان السيء، علّهم يحصلون على قسط من الراحة.
"الشارع، مدرسة للجنون بقدر ما هو مدرسة للمهانة"
لكن الراحة هنا ليست مجرد فكرة بعيدة عن أرض الواقع. وقال مايل "في كل يوم، يخبرهم عناصر الشرطة أنهم سيأتون في اليوم التالي في الساعة 6 صباحا لطردهم، لكن ذلك لا يحدث فعلا". فهي استراتيجية لممارسة الضغط على المهاجرين تجعل حياتهم أكثر صعوبة.
كما يحذر بيير هنري من استراتيجية الإرهاق وعدم إيواء المهاجرين، وخلص إلى أن "الشارع هو مدرسة الجنون بقدر ما هو مدرسة الإهانة".
في آخر الأمر، ستقرر السلطات إخلاء المخيم من جديد. في غضون أيام أو أسابيع قليلة، عندما يزيد العدد في المخيم "سيبدأ الأمر مرة أخرى طالما أن السلطات لا توافق على العمل بما يتماشى مع الهدف الأساسي المتمثل في تأمين الكرامة والأمن للجميع، ولا تريد العمل بمبدأ الإقامة غير المشروطة"، وفقا لبيير هنري.
"خلل وظيفي كامل"
وتعاني مراكز إيواء طالبي اللجوء من نقص التمويل منذ عام 2015. ومشروع قانون التمويل لعام 2020 المتعلق بالهجرة واللجوء والاندماج يخطط إلى "إيقاف ديناميكية إنشاء الأماكن في عام 2020 والتي أتاحت مضاعفة عدد أماكن الإقامة ثلاث مرات بين عامي 2009 و 2019"، وفقا لهنري الذي أعرب عن أسفه لتقرير مجلس الشيوخ حول هذا القانون الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2019.
"منذ اللحظة التي يرد فيها أن هدف قانون المالية لعام 2020 هو استيعاب 62% من طالبي اللجوء، فذلك يعني بالضرورة وجود خلل وظيفي كامل واعتراف بسوء معاملة الأشخاص"، يستنكر بيير هنري قائلا "إنه مصنع الجنون والتطرف وإظهار سياسة عامة لا تعمل حقا"