هل هناك تشابه بين انفجار بيروت وكارثة ميناء هاليفاكس 1917؟

مصدر: Beirut’s devastating port explosion echoes the 1917 Halifax Harbour blast
2020-08-13

كتب «جاك أل. روزدلسكي»، الأستاذ المساعد في إدارة الكوارث والطوارئ في جامعة «يورك» بكندا، مقالًا في موقع «ذا كونفرزيشن» حول أوجه التشابه بين انفجار ميناء هاليفاكس الذي وقع في عام 1917م، وانفجار بيروت الذي وقع مؤخرًا في لبنان.

والتشابه بين الانفجارين يأتي من تماثل المواد المتفجرة، وتشابه الأضرار الناتجة أيضًا. وينصح الكاتب بعدم مشاهدة الحرائق الصناعية التي تتوالى فيها الانفجارات، وضرورة الابتعاد عنها قدر الإمكان، واتخاذ ساتر للحماية.

يقول الكاتب: مع اتضاح نطاق انفجار 4 أغسطس (آب) في مرفأ بيروت، تبين أن حصيلة الخسائر في الأرواح والإصابات والتشرد والأضرار في الممتلكات مذهلة. وفي خضم الفوضى المباشرة الناتجة من الانفجارات الكبيرة، قد يكون من الصعب فهم ما حدث. غير أن هناك العديد من أوجه التشابه بين انفجار ميناء بيروت في عام 2020م، وانفجار ميناء هاليفاكس عام 1917م، يمكن أن يساعدنا في فهم ما حدث في بيروت.

في عام 2017م، كان الكاتب جزءًا من مجموعة باحثين متخصصين في دراسة المخاطر، التقوا في هاليفاكس لتبادل الأفكار حول الجوانب المتعلقة بانفجار هاليفاكس في الذكرى المئوية لحدوثه. ويرى الكاتب أن المعلومات التي توصلت إليها دراسة حالة تلك الكارثة التاريخية مفيدة الآن على نحو خاص.

يتابع المقال: عند النظر إلى الصورة الكبيرة، تتكرر القصة نفسها للأسف: موقف محفوف بالمخاطر لوجود مواد خطرة في ميناء صناعي، وظروف حريق أدى إلى انفجار هائل وكارثة ذات أبعاد تاريخية.

تصادم متفجر

في صباح يوم 6 ديسمبر (كانون أول) 1917م، وقع حادث ملاحي حين اصطدمت سفينتان في مضايق ميناء هاليفاكس. كانت إحدى السفن التي تعرضت للاصطدام، واسمها «مونت بلانك»، محملة بحمولة من المواد الخطرة تزيد على طاقتها، بما في ذلك متفجرات في عنبر شحن المواد الجافة السائبة وبراميل من البتروكيماويات على سطح السفينة.

عندما اصطدمت سفينة أخرى واسمها «إيمو Imo»، بمقدمة مونت بلانك، أشعلت شرارات انطلقت من احتكاك المعدن حريقًا على سطح السفينة. استمر الحريق لمدة 20 دقيقة حتى أشعل سلسلة من التفاعلات الكيميائية العنيفة. وعند الساعة 9:04 صباحًا بالتوقيت المحلي، انفجر 2925 طنًّا من المتفجرات على متن السفينة مونت بلانك بعنف.

بينما دُمِّر الجانب الأكبر من مونت بلانك في الانفجار، اندفع عمود مرساة السفينة الذي يبلغ وزنه 517 كيلوجرامًا ليسقط على بعد حوالي أربعة كيلومترات من نقطة الانفجار، وهو الآن جزء من نصب تاريخي يشهد على قوة ذلك الانفجار.

في أعقاب الانفجار، ارتفعت سحابة هائلة من الدخان والحطام، وتحولت منطقة الميناء الصاخبة على الطرف الشمالي من هاليفاكس إلى أطلال، وفي النهاية، بلغ عدد القتلى 1963 قتيلًا، و9 آلاف جريح.

إصابات متشابهة

إحدى نقاط التشابه المباشرة بين تفجيري هاليفاكس ومرفأ بيروت هي نوع الإصابات التي لوحظت في الاثنين؛ إذ تتفاعل موجات الانفجار مع الأشخاص بشكل مباشر وغير مباشر، مما يؤثر في أنظمة متعددة في الجسم.

تساعدنا فيزياء ظاهرة الانفجار على فهم المخاطر؛ إذ تكون الانفجارات الكبيرة مصحوبة بموجة صدمة، وهي ظاهرة غير مرئية يمكن أن تنتقل بأضعاف سرعة الصوت، وتصل إلى مستوى ضغط يصل إلى 10 أضعاف ضغط الغلاف الجوي أو أكثر.

والرياح التي تلي موجة الصدمة مباشرة تكون قصيرة، ولكنها شديدة للغاية، وتحمل شظايا من الحطام، وتنتقل موجات الصوت، أو الدوي الصاخب، انتقالًا أبطأ وتصل إلى المراقب أخيرًا. يحدث هذا التسلسل للأحداث بصورة أسرع مما يمكن أن يتفاعل المرء معه، واعتمادًا على مدى قرب المرء من الانفجار، قد لا يكون هناك حتى وقت يكفي للتواري أو تفادي الضرر.

في هاليفاكس، قتل أو جرح العديد من الناس نتيجة الحطام والزجاج المتطاير، وحدث عدد هائل من إصابات العين النافذة. وظلت مونت بلانك تحترق لمدة 20 دقيقة قبل انفجارها، وشاهد الكثير من الناس مشهد السفينة المحترقة.

عندما وقعت تلك الكارثة في ديسمبر، كان هناك أشخاص يشاهدون الحريق من داخل منازلهم من خلال النوافذ الزجاجية، وعندما وقع الانفجار الهائل، أصيب العديد منهم بسبب الزجاج المتطاير. وأحيانًا ما يشار إلى انفجار هاليفاكس باسم «العاصفة الثلجية للزجاج».

حين ينظر الكاتب إلى الصور التي التقطت من بيروت، يجد أن خصائصها تتماشى مع انفجار تقليدي هائل، وأظهرت مقاطع فيديوهات التقطها المارة عدة انفجارات أصغر مع سحابة دخان ملونة متنامية، تلاها ظهور سريع للغاية لموجة صدمة انفجارية كروية بيضاء – نتيجة تكثيف بخار الماء في الهواء – قبل اختفائها. ومن بعض الزوايا، كانت قد بدت مثل سحابة عيش الغراب، ثم اهتزت الكاميرات وفقدت التركيز عندما ضرب الحطام، الذي تحركه رياح بقوة الإعصار، المراقبين مباشرة.

تتشابه الصور الإعلامية للناجين الذين تكسوهم الدماء والمصابين من انفجار بيروت مع روايات الشهود من الناجين من انفجار هاليفاكس؛ ففي عام 1917م، لم يكن لدى شهود الانفجار كاميرات هواتف محمولة، ولكن لو كانت هذه الكاميرات موجودة لديهم، فستكون الصور مماثلة لما نراه من بيروت، بحسب الكاتب.

حرائق الموانئ

وسواء كنا في عام 1917م أم 2020م، ستجتذب الحرائق التي تشتعل في الموانئ الصناعية المارة لمشاهدتها. وإذا كنت تشاهد، عن طريق الصدفة، حريقًا صناعيًّا ولديك أي سبب للاشتباه في احتمال حدوث أي انفجار كبير، تنصح تعليمات السلامة من الانفجار بأن تضع مسافة بينك وبين النار، وأن تبحث عن ساتر خلف شيء ما، والجلوس تحت طاولة متينة، والانتقال إلى غرفة داخلية، وتجنب المشاهدة من النوافذ.

إذا حدث حريق كبير في ميناء أو ساحة للسكك الحديدية أو منشأة صناعية تبدو وكأنها عرض للألعاب النارية أثناء عطلة، فمن الصعب تخمين ما يحدث بالضبط في قلب الحريق. بالنسبة لبيروت، نعلم الآن أن 2750 طنًّا من نترات الأمونيوم، ظلت في مستودع غير مراقب لأكثر من ست سنوات، كانت في صلب الحريق.

يختم الكاتب بالقول: والدرس الذي مر عليه 103 أعوام من انفجار ميناء هاليفاكس، هو الدرس نفسه المستفاد من انفجار ميناء بيروت، وهو أن المخاطر تكون عالية عند مشاهدة الحرائق الصناعية في الموانئ، حتى مما قد يبدو وكأنها مسافة آمنة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي