مبادرات بنكهة المحبة

لبنانيات يطبخن في البيوت ليطعمن متطوعي الشوارع

2020-08-13

لاريسا معصراني

مبادرات كثيرة تشهدها بيروت المنكوبة في لبنان، حيث يقوم عدد كبير من الأشخاص بتقديم خدماتهم لمساعدة الآخرين في أي مجال يمكن أن يساهم في تقديم العون للأشخاص المتضررين من هذا الانفجار، ومن هذه المبادرات، مبادرات سيدات لتقديم وجبات طعام ساخنة للمتضررين سواء في البيوت أو للمتطوعين في الشوارع.

إحدى هذه المبادرات جاءت تحت اسم "مطبخ البلد" الذي يقدم وجبات طعام ساخنة مجانية من قبل عدد من المتطوعات من النساء، ويتطوع شباب من الجنسين لمساعدتهن، وكلها وجبات محضرة بتطوع مجاني وحب صادق وتوزع على الجميع.

تصنع مبادرة "مطبخ البلد" وجبات طعام مجانية تقدم للعائلات المتضررة. تقول ريا بدران واحدة من أوائل المتطوعات في المبادرة "بعد حادثة الانفجار في مرفأ بيروت، بادرنا للمساعدة عبر تقديم الوجبات المجانية، كما طلبنا من سيدات أن يطبخن في منازلهن ويحضرن الوجبات الساخنة المتنوعة".

وتتنوع الوجبات التي يتم طبخها وتقديمها -مجانا- ومنها: الكفتة مع الرز و"يخنة الكوسا" وفاصوليا مع الرز والمجدرة وغيرها لتوزيعها على مختلف المناطق الاكثر تضررا في بيروت ومنها الكرنتينا ومار مخايل والجميزة وجعيتاوي وغيرها، بحسب المتطوعة ريا.

وتضيف "نحن نتألف من 15 شخصا متطوعا متفرغين لتقديم يد العون والمساعدة للعائلات المتضررة، وواجبنا المساعدة لتخطي هذه الأزمة بمساعدة النساء والأطفال والسبب هو حب العطاء دون مقابل بهدف تقديم الدعم المعنوي لكل العائلات".

وتعود انطلاقة مبادرة "مطبخ البلد" إلى بدايات المظاهرات في لبنان أواخر العام الماضي 2019 والتي أطلق عليها (ثورة 17 تشرين الأول). تقول ريا "بادرنا من أول أسبوع من أيام الثورة ومستمرون بحماس وشغف ومحبة لمساعدة الكثير من العائلات المحتاجة، كما أننا وزعنا منذ انتشار وباء كورونا 500 صندوق طعام على 500 عائلة في بيروت من جميع المناطق".

وتتابع "المبادرة باقية ومستمرة ونحن نتلقى الدعم من أفراد يعيشون في الاغتراب وحتى من أشخاص مرتاحين ماديا في لبنان، فهدفنا توحيد الجهود لإفادة أكبر عدد من العائلات المتضررة وبطريقة منظمة".

تطوع فردي وعفوي

فاطمة الغز، سيدة لبنانية تحضّر وجبات من الأرز والدجاج والخضار ووجبات ساخنة، تضعها في علب وتقوم بتوزيعها بمساعدة شباب متحمسين أيضا لتقديم يد العون.

وما تفعله فاطمة جزء من مبادرة إنسانية هدفها التخفيف من آلام المتضررين من انفجار المرفأ، لمساعدتهم على استعادة عافيتهم وليشعروا بأنهم ليسوا وحدهم. ولا يقتصر توزيعها الوجبات على حي معين، بل يشمل مناطق عديدة من بيروت.

ولم تقم فاطمة بالانضمام إلى جمعية إنسانية أو خيرية، وفضلت العمل بمفردها وباستقلالية وبعفوية تامة حتى تشعر بأنها شخص فاعل ومنتج، وبأنها سعيدة لقيامها بمساعدة الآخرين بأي طريقة كانت.

موقف إنساني وبيت مدمر

وتطرقت فاطمة في حديثها لأبرز المواقف الإنسانية التي حدثت لها في عملها التطوعي في أحد البيوت المدمرة، حيث عثرت على رجل مسن وزوجته، دون وجود أي شخص يقدم لهما المساعدة ويخرجهما من حطام المنزل وتأثرت كثيرا بهذا المشهد، وكيف بادرت هي وعدد من الشباب المتطوعين أيضا لإنقاذهما وتأمين مأوى آمن لهما وتوفير الاحتياجات الأخرى لهما.

"أنا كمان جعت"

جمعية "طريقنا السما" تحمل عنوان "أنا كمان جعت" من مؤسستها ومديرتها ريتا بولس التي تقدم سندويشات ومساعدات غذائية لبعض العائلات في الأحياء المتضررة لزرع الابتسامة على وجوههم، ولتكون البلسم لأكثر من جرح، فريتا تهدف لمساعدة العائلات الفقيرة أو العاجزة عن تأمين قوتها اليومي، عبر توفير الطعام بشكل مجاني لها لمحاربة الجوع، ولا سيما عند الأطفال في هذه الأوقات الصعبة.

تقول ريتا إن شعار مبادرتها "ممنوع ولا طفل يجوع أو يجي من المدرسة وما يلاقي الطبخة جاهزة"، وهكذا استمرت حملتها الإنسانية لتصل إلى العائلات المتضررة أيضا من الانفجار.

وتقوم أيضا بإيصال مساعدات الخيرين وتوزعها على من يحتاجها، ومشوارها في العمل التطوعي مستمر بثبات وإيمان وحب وعطاء، خاصة أن هنالك عدة سيدات متطوعات لتحضير وجبات طعام ساخنة بحماس وحب، ليتم إرسالها إلى العائلات الأكثر تضررا من هذا الحادث المؤلم.

وريتا المتعطشة للرحمة والمحبة تتكفل بالمئات من العائلات وتقوم بإعداد ما يلزم لهم من وجبات غذائية وتأمين المونة (المواد الغذائية) لهم، وتحاول أن لا تنسى مسنا ولا طفلا موجوعا ولا أُما مفجوعة، فمبادرتها الإنسانية وجدت لتخفيف الوجع والحزن عن قلوبهم.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي