هكذا كشف الدولار الأميركي عن ضعف الولايات المتحدة

2020-08-08

يبدو تأثير عدم اليقين السياسي وسوء إدارة أزمة كوفيد-19 جليا على قيمة الدولار الأميركي، التي شهدت تراجعا منذ مارس/آذار الماضي. فكيف كشفت "العملة الخضراء" عن ضعف الولايات المتحدة؟

قال الكاتب آرنو لوبارمنتييه في التقرير الذي نشرته صحيفة لوموند (Le Monde) الفرنسية إنه عند حدوث الأزمات الكبرى، يتم عادة اللجوء إلى الدولار. ومع ذلك، فإن ما يحدث اليوم يخالف ذلك.

فمنذ مارس/آذار الماضي، فقدت هذه العملة 12% من قيمتها مقارنة باليورو، حيث تراجعت من 1.06 دولار مقابل يورو واحد إلى 1.19 دولار نهاية يوليو/تموز. وبلغ هذا الانخفاض 5% الشهر المنقضي.

هل يتسارع نسق الانهيار؟

منذ سنوات، أشار المستثمرون في مناسبات عديدة إلى أنه "ليس ثمة من خيار" سوى الدولار الذي ما زال العملة الاحتياطية المرجعية ويشكل 62% من الاحتياطيات (وقد تراجعت حصته بنقطتين فقط مقارنة بما كانت عليه عام 2008) في الوقت الذي انخفضت فيه حصة اليورو من 28% إلى 20% منذ عام 2008.

امتياز باهظ

ونقل الكاتب عن ستيفن روتش الأستاذ في جامعة ييل والمدير التنفيذي السابق مورغان ستانلي، قوله "الامتياز الباهظ للدولار يشارف على الانتهاء" وتنبأ بانخفاض قدره 35% لهذه العملة، في حين يتوقع باتريك أرتوس كبير الاقتصاديين في ناتيكسيس حدوث انزلاق للدولار.

وهناك تفسيرات عديدة لهذا الأمر حسب الكاتب، حيث تطبع الولايات المتحدة نقودا أكثر من بقية الدول. ومن المتوقع أن يصل عجز الميزانية إلى 23.8% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، وهو ضعف ما قد يصل إليه العجز في منطقة اليورو (11.7%) وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي.

تضاف إلى ذلك سياسة نظام الاحتياطي الفيدرالي، الذي خفض أسعار الفائدة أكثر من البنك المركزي الأوروبي، ولم يعد بالتالي قادرا على تحمل أسعار الفائدة السلبية.

وفي الوقت الحالي، تتراوح أسعار الفائدة الرئيسية الأميركية قصيرة المدى بين صفر و0.25 %. ويتدخل نظام الاحتياطي الفيدرالي بشكل مكثف، من خلال شراء سندات الشركات الأميركية، لضمان سيولة السوق رسميا، وبهدف تجنب الإفلاس واقعيا.

 منذ مارس/آذار الماضي فقد الدولار نحو 12% من قيمته مقارنة باليورو

إلى جانب عدم الثقة في السوق، تتعدد الشكوك السياسية، المتمحورة حول الفوضى في الولايات المتحدة وعدم القدرة على السيطرة على وباء كوفيد-19، فضلا عن برنامج جو بايدن المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني الذي من المتوقع أن يرفع الضرائب على الشركات، ويفرض ضريبة الضمان الاجتماعي على الأغنياء. ووجدت هذه الأحداث في سياق عجز تجاري كبير ونقص هيكلي في المدخرات، يقول الكاتب.

رد الفعل الأوروبي

وأوضح الكاتب أن ثلاثة عوامل خارجية أخرى تهدد الدولار. أولا، وخلافا للأزمة المالية لسنة 2008، استجابت منطقة اليورو بسرعة للأزمة من خلال إطلاق خطة الانتعاش الاقتصادي. وعادة، تمول المدخرات الأوروبية سندات الخزانة الأميركية. ومن الآن فصاعدا، سيتم توجيهها إلى أوروبا، مما يضعف آليا الطلب على الدولار.

وثانيا- يضيف الكاتب- تواصل الصين المضي قدما في التنمية الاقتصادية رغم الحرب التجارية والتكنولوجية التي تدور بينها وبين الولايات المتحدة. كما أن هناك أيضا عامل الميل إلى الأسواق الناشئة.

ووفق الكاتب تزامنت ظاهرة جديدة مع انزلاق الدولار، متمثلة في ارتفاع سعر الذهب، فضلا عن العملات غير الحكومية، مثل عملة البيتكوين التي زادت قيمتها بنسبة 55% منذ بداية العام.

ويفسر ذلك بأنه في عالم تقوم فيه البنوك المركزية والدول بضخ العملات بشكل مكثف، من الضروري العثور على ملاذات آمنة. ويعد هذا السوق رمزيا، إذ تمتلك البنوك المركزية 33 ألف طن من الذهب، مما يجعل من المستحيل العودة إلى قاعدة الذهب، كما يذكر الكاتب.

كما يعتمد المشغلون على تسييل الديون، الأمر الذي قد يؤدي إلى تضخم الأصول، وهو ما يمكن ملاحظته في الأسهم ذات الأسعار المذهلة، وأيضا في العقارات. كما لا يمكن استبعاد ظاهرة الركود التضخمي التي تتمثل في حدوث تضخم مقترن بالركود، تماما كما حدث في السبعينيات، حيث تعتبر التكلفة ناتجة عن الخسائر في الإنتاجية بسبب كوفيد-19، يختم الكاتب.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي