المهاجرون في ليبيا بمواجهة الحرب وكورونا.. ما هو دور مفوضية اللاجئين؟

شريف بيبي
2020-08-04

مهاجرون سودانيون تقطعت بهم السبل في ليبيا، وجدوا أنفسهم عالقين في بلد يرزح تحت عبئ المعارك الأهلية وجائحة فيروس كورونا المستجد، 

عمر، مهاجر سوداني متواجد في ليبيا منذ أكثر من سنتين. لم يطلب اللجوء ولم يتقدم بطلب إعادة توطين لدى مفوضية شؤون اللاجئين، كان يأمل بأن تتيسر أموره ويتمكن من إيجاد طريقة يخرج بها عبر المتوسط إلى أوروبا.

أمنية عمر اليوم هي العودة إلى السودان، يقول  "على كل ما تحمله هذه الخطوة لي من سلبيات، فأنا في النهاية لم أتمكن من تحقيق حلمي، إلا أنني أريد العودة للسودان".

ويضيف المهاجر بلهجة حازمة "تعذبت كثيرا قبل وصولي إلى طرابلس. جئت عبر الصحراء، تحملت الكثير من المهربين وتجار الهجرة. الهدف كان طرابلس... في البداية الأمور كانت جيدة نسبيا، كنت أعمل وأصرف على نفسي، حتى أنني تمكنت من جمع مبلغ حجزت به مكانا على أحد قوارب الهجرة إلى أوروبا، قبل أن تتم إعادتنا إلى طرابلس من قبل خفر السواحل".

استفاض عمر بذكر سوء الأوضاع في ليبيا الآن، خاصة للمهاجرين الأفارقة، "الحال الآن أسوأ من قبل بكثير. أولا كانت الحرب والقصف والميليشيات، والآن كورونا... لم أعد أحتمل، توجهت إلى سفارة السودان قبل ستة أشهر طالبا منهم إعادتي إلى بلدي. وعدوني خيرا حينها، ومازلت أنتظر خبرا منهم".

"لا أثق بطاقم عمل مفوضية اللاجئين في طرابلس"

أما إبراهيم، المهاجر السوداني أيضا، فله قصة مختلفة ولكنها تتقاطع ببعض تفاصيلها مع قصة عمر.

إبراهيم متواجد في ليبيا منذ نحو سنة، فترة كانت كفيلة بأن تعرضه لأسوأ تجارب حياته. يقول لمهاجر نيوز "حاولت الهجرة عبر البحر ثلاث مرات خلال سنة واحدة، آخرها كانت في شهر آذار/مارس الماضي. حينها اعترضنا خفر السواحل الليبي في البحر وأعادنا إلى طرابلس. يوم لن أنساه بعمري. لحظة وصولنا استقبلتنا مجموعات لمنظمات إنسانية، وزعوا علينا الأغطية والمواد الغذائية. لكن ما أن رحلوا حتى تعرض الميناء للقصف. لم يكف الحراس الرعب الذي عايشناه من دوي الصواريخ، راحوا يضربونا ويشتمونا أثناء توزيعنا على الحافلات التي ستقلنا إلى مراكز الاحتجاز".

سرد المهاجر الشاب أبشع صنوف التعذيب والإهانة التي تعرض لها أثناء تنقله بين مراكز الاحتجاز، "تنقلت بين عدد من مراكز الاحتجاز، وكنت ألقى نفس المعاملة في كل واحدة منها. التعذيب هناك مستمر. بعد نحو شهرين أطلقوا سراحي، لا أعرف لمَ، ربما يئسوا من كوني لا أملك مالا أعطيه لهم".

وأكد إبراهيم لمهاجر نيوز أنه حاليا يحاول جمع مبلغ مالي يكفي لحجز مكان على أحد قوارب الهجرة المتجهة إلى أوروبا، "كمهاجرين، ليبيا لا تصلح لنا. ليبيا مكان مخيف ومرعب بالنسبة لي. قبل أسبوعين، قُتل ثلاثة مهاجرين على أيدي خفر السواحل في ميناء طرابلس، أعرف أحدهم، قتلوا بعد أن تمت إعادتهم من البحر... أضف إلى ذلك كله وصول جائحة كورونا، التي أدت إلى تدهور الأوضاع بشكل كبير بالنسبة لنا".

وأوضح أنه لم ولن يتوجه إلى مفوضية اللاجئين في طرابلس "لا أثق بطاقم العمل هناك، كحال الكثير من المهاجرين الآخرين. قد تضطر للانتظار أكثر من سنة قبل أن يحين موعد مقابلتك من أجل إعادة التوطين، فضلا عن أن كل من أعرفهم ممن ذهبوا إلى مقر المفوضية مؤخرا وجدوه مغلقا... أؤكد لك أن ما من أحد مستفيد حاليا من خدماتهم".

"بعض الليبيين يتهمون المهاجرين بالمسؤولية عن تفشي كورونا في بلادهم"

سليم، مهاجر سوداني أيضا، ومر بنفس تجارب المهاجرين السابقين، وتعرض لنفس الأنواع من التعذيب والضرب. سليم تم اعتراض قاربه في البحر في آذار/مارس الماضي، كسرت رجله أثناء تعرضه للضرب في أحد مراكز الاحتجاز، لأن أهله لم يتمكنوا من دفع مبلغ 15 ألف دينار ليبي (حوالي يورو) للمسلحين المشرفين على المركز.

بالنسبة للمهاجر الشاب، التنقل في الشوارع في هذه الأيام خطر جدا على المهاجرين الأفارقة، "أخشى أن يتم ضبطي على أحد حواجز الميليشيات فأذهب للسجن مجددا. لا أريد أن أتعرض للتعذيب مجددا، لا أريد أن أجبر على نقل صناديق الأسلحة والذخيرة للمسلحين مجددا".

"بعد خروجي من مركز الاحتجاز، توجهت مباشرة إلى مقر المفوضية في طرابلس، هناك أخذوا إفادتي حول ما حصل معي، وعدوني بمساعدة مالية، وأنهم سيعاودون الاتصال بي من أجل تحديد موعد لمقابلة إعادة التوطين. راجعتهم من وقتها نحو أربع مرات، وفي كل مرة كانوا يرفضون استقبالي، كنت أطرد من أمام الباب الرئيسي".

وأضاف أن الوضع الآن "أسوأ بكثير من قبل، فالكثير من الصعوبات التي نواجهها، سواء بالتنقل أو بالحصول على عمل، مرتبطة بانتشار كورونا. حتى أن بعض الليبيين يتهموننا نحن المهاجرين بالمسؤولية عن تفشي كورونا في بلادهم".

ولا ينكر سليم أن أسوأ تجربة مر بها في حياته كانت ركوب قارب الهجرة ومواجهة الموت في البحر، "لكن لو سنحت لي الفرصة لأعيد الكرة فلن أتردد، فالموت غرقا في البحر أفضل بمئة مرة على هذه الحياة التي أعيشها هنا في ليبيا".

إغلاق المقرات لبضعة أيام نتيجة الظروف العامة

تتقاطع قصص المهاجرين في كثير من تفاصيلها. ولعل التفصيل الأكثر بروزا فيها هو نظرتهم السلبية تجاه مقر مفوضية اللاجئين في طرابلس والخدمات التي يتوقعون من المركز أن يقدمها لهم.

وقالت ، الناطقة باسم المفوضية في ليبيا، التي أكدت أن الخدمات لم تتوقف، وإن كانت تأثرت بالظروف العامة المسيطرة على البلاد حاليا

"أغلقنا مراكزنا مؤخرا بسبب العطلة الرسمية في البلاد (عيد الأضحى)"، تقول غلوك، "كما أن مركز طرابلس أغلق عدة أيام خلال الأسبوعين الماضيين بعد أن اضطررنا للقيام بفحوصات كورونا للفريق العامل هناك من المؤسسات المحلية الشريكة".

 

وأكدت الناطقة باسم المنظمة الأممية أن الهدف هو "تأمين أفضل شروط السلامة في مقراتنا لحماية طاقم العمل والمهاجرين على السواء"، مؤكدة على أن "مراكزنا ستعاود أنشطتها مباشرة بعد انتهاء العطلة الرسمية".

وشددت غلوك على ضرورة أن يقوم المهاجرون بحجز "مواعيد مسبقة قبل الحضور إلى المقر، لضمان تطبيق آلية التباعد الاجتماعي".

ولم تنكر الموظفة الأممية أن إغلاق المقرات الظرفي أدى إلى عرقلة شؤون المهاجرين، "وصلتنا عدة شكاوى على وسائل التواصل الاجتماعي. نشرنا بيانا حول اضطرارنا لإغلاق مقراتنا على وسائل التواصل، ولكن بسبب صعوبة وصول الكثيرين لتلك الوسائل لم يعرفوا بالإجراءات".

الخدمات الصحية والمساعدات المالية

أما على مستوى الخدمات والتقديمات التي تؤمنها المنظمة للمهاجرين في ليبيا، فقالت غلوك "نعمل من خلال شركائنا المحليين على تأمين الدعم والاستشارات الطبيين، وأنشأنا لهذا الشأن مركزا للصحة الأولية في قرقاش، نظرا لأن معظم المهاجرين يقيمون في تلك المنطقة، وهكذا لن يضطروا لاستقلال وسائل المواصلات أو سيارات الأجرة للقدوم إلى المركز، إضافة إلى تخفيف الازدحام في مركز طرابلس".

"كما مازلنا نقدم المساعدات المادية للحالات المصنفة طارئة. ونعمل على تطبيق نظام توزيع مساعدات غذائية بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي، نسعى لأن نتمكن من استهداف تسعة آلاف شخص بحلول نهاية العام".

وختمت قائلة "مازالت مقرات المفوضية متواجدة وتقدم خدماتها للمحتاجين، ولكن بسبب إجراءات مكافحة الوباء والظروف الأمنية بشكل عام، تأثرت خدماتنا بعض الشيء".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي