منظمة حقوقية : السلطات الإسرائيلية تترك الأسرى الفلسطينيين فريسة للكورونا

2020-07-28

تؤكد منظمة حقوقية داخل أراضي 48 أن إسرائيل تتنصل من ضرورة الحفاظ على التباعد الاجتماعي بين الأسرى الفلسطينيين لمكافحة كورونا وتتركهم يواجهون مصيرهم لوحدهم بخلاف السجناء الجنائيين وبالتزامن يروي أسير فلسطيني تفاصيل ما يسميه ” ترانسفير الأسرى ” الذي تقوم به السلطات الإسرائيلية ضمن سياسات القمع والتنكيل. ورفضت المحكمة الإسرائيلية العليا التماس منظمة ” عدالة ” ضد سلطات السجون ووزارتي الأمن الداخلي والصحة، الذي طالب بتطبيق تعليمات وزارة الصحة بخصوص المحافظة على التباعد الاجتماعي في أوساط الأسرى الفلسطينيين في سجن الجلبوع، بذريعة أن الأسرى في كل زنزانة يعاملون كما العائلة أو الساكنين سوية وعليه تعليمات وزارة الصحة بشأن التباعد الاجتماعي لا تنطبق عليهم. وأكد التماس ” عدالة ” أن الظروف في سجن الجلبوع لا تتوافق بالحد الأدنى مع معايير وزارة الصحة لمكافحة انتشار فيروس كورونا منوهة لمشاركة كل ستة أسرى زنزانة بمساحة 22 متر مربع (تشمل المطبخ والحمام والمرحاض) وينامون في ثلاثة ” أبراج ” من الأسّرة التي يفصل بين السرير الأسفل للأعلى مسافة لا تتعدى 80 سم. وتؤكد ” عدالة ” أن هذه الظروف لا تسمح للأسرى بالحفاظ على أي تباعد اجتماعي وتجعلهم أكثر عرضة لمخاطر عدوى كورونا وعليه، طالبت بتقليل عدد الأسرى في الزنازين ليتسنى لهم الحفاظ على التباعد الاجتماعي. وأشارت إلى أنّ الظروف داخل زنازين الأسرى لا تتوافق مع المعايير التي أقرتها المحكمة العليا ذاتها، والتي تقضي بتخصيص مساحة 4.5 متر مربع لكل سجين وأسير. وتبنت المحكمة العليا ادعاء النيابة العامة الإسرائيلية وزعمت فيه إن التباعد الاجتماعي لا يسري على أفراد العائلة الواحدة أو على من يسكنون سويًا كـ الأسرى. وتتابع ” عدالة “: ” بهذا تجاهلت المحكمة الإسرائيلية اعتراف النيابة وسلطات السجون بضرورة تخفيف الاكتظاظ في السجون وقيامها بعدة خطوات بهذا الاتجاه والتي اقتصرت على السجناء الجنائيين، وأدتّ الى إطلاق سراح نحو ألفٍ منهم، بينما لم تقم بأي خطوات لتقليل الاكتظاظ في أقسام الأسرى الفلسطينيين “. وتؤكد أن المحكمة الإسرائيلية العليا عولت رفضها للالتماس أيضًا على العدد المنخفض للإصابات بـ الفيروس بين الأسرى متجاهلة الخطر النابع للعدوى من السجانين الذين هم عرضة للعدوى بسبب احتكاكهم بالمجتمع في الخارج وبالأسرى في ذات الوقت.

تفتيش خمس مرات في اليوم

وقالت إن السجانين يدخلون خمس مرات يوميًا إلى الزنازين للعد والتفتيش وبحسب بيانات سلطات السجون التي عُرضت في جلسة المحكمة اتضح أنه خلال الشهر الأخير أصيب 30 من طواقم السجون الإسرائيلية بفيروس كورونا بالإضافة إلى خمسة سجناء واثنان من الأسرى. كما يقبع 489 من طواقم السجون و10 أسرى و48 سجينًا جنائيًا في الحجر الصحي. وقالت المحامية ميسانة موراني من ” عدالة ” في تعقيبها على هذا القرار، إن “قرار المحكمة العليا عمليًا يعفي إسرائيل من مسؤوليتها بالحفاظ على حياة وصحة الأسرى الفلسطينيين ويعرضهم للخطر. معتبرة أن الادعاء بأنّ الأسرى مثلهم مثل الساكنين سوية أو العائلة التي لا يجب أن تحافظ على التباعد الاجتماعي ادعاء مجحف ويتجاهل مسؤولية سلطات السجن لظروف السجن وهو مناف لتوصيات الهيئات الدولية المختصة بالصحة وحقوق الإنسان، كما أنّه منافٍ لممارسات سلطات السجون حول العالم، بل حتى لممارسات سلطة السجون الإسرائيلية بما يتعلق بالسجناء الجنائيين. وذكرت بأن هذا القرار يتوج سلسلة من القرارات التي رفضت من خلالها المحكمة الإسرائيلية التدخل بسياسات سلطات السجون من أجل الحفاظ على حقوق الأسرى في فترة أزمة كورونا.

“ترانسفير” الأسرى من سجن إلى سجن

وبسياق متصل وصف راتب حريبات أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية كيف يتم ” ترانسفير الأسرى من سجن إلى سجن “. راتب حريبات يقول في مقال تم تهريبه من الأسر إنه ” رغم من أنك أسير ومقيد داخل باستيلات العدو الصهيوني، فإنك تتعرض للترانسفير بشكل دوري ومنهجي ضمن خطة محكمة من سجانيه، وتجري متابعة كل خطوة تخطوها داخل السجن من خلال كاميرات المراقبة التي تعمل على مدار 24 ساعة داخل الساحات، وفي بعض السجون داخل غرف الأسرى”. يشار أن راتب حريبات، أسير معتقل منذ سنة 2002 ومحكوم لمدة 22 عاماً بتهمة مقاومة الاحتلال كادر قيادي في حركة “فتح”، وقيادي مؤسس في كتائب شهداء الأقصى في الخليل. كما يحمل بكالوريوس في التربية الابتدائية من جامعة القدس المفتوحة، وماجستير في الدراسات الإسرائيلية من جامعة القدس، عضو الهيئة العليا في التعليم العالي في سجون الاحتلال، منسق لجنة البحث العلمي والدراسات. ويؤكد حريبات أنه في أقل تعبير، فإن سياسة المحتل قائمة على القتل والتدمير والترحيل، فهي تطبق منذ بداية الصراع العربي- الصهيوني. موضحا أنه ما زالت الحركة الصهيونية تمارس أبشع أنواع القهر والإذلال بحق الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، وهذا الأمر ليس بعيداً عن الأسرى الفلسطينيين وما يتعرضون له من أعمال قمعية وأساليب وحشية تُرتكب بحقهم يومياً. بالإضافة إلى ممارسة وفرض حالة عدم الاستقرار في صفوف الأسرى من خلال التنقلات التعسفية ومداهمات التفتيش المتواصلة التي تقوم بها ما تسمى مصلحة السجون ضد الأسرى، والتي تجري من باب العقاب الانتقامي الجماعي، بحيث يشمل هذا الإجراء عمليات ترحيل كاملة أو جزئية للأسرى في قسم معيّن”. ويشير إلى أن قوات المداهمة التابعة لسجون الاحتلال درجت وبشكل مستمر ومنهجي بـ فرض مختلف أنواع العقاب الجماعي، إذ تمارس هذه الإدارة سياسة الترحيل كل ستة أشهر على الأقل، والتي تتمثل في نقل الأسرى إمّا من سجن إلى آخر، أو من قسم إلى آخر، أو من زنزانة إلى أُخرى. ويضيف ” لكننا نقف هنا عند مشهد النقل أو إذا جاز التعبير (ترانسفير الأسرى) الذي يعيدنا في الذاكرة إلى الوراء، إلى مشهد النكبة وما حل بنا وبشعبنا الفلسطيني حينما تعرض لتطهير عرقي منهجي ومبني على سياسة عنصرية صرفة.

العلاج الجذري

موضحا أن إدارة سلطات السجون تقوم بعملية نقل تُسمى “العلاج الجذري”، وهو تعبير مستعار من مجال طب الأسنان ويعني الوصول إلى العصب، ويتم التخطيط له بكل مجرياته العنصرية والقمعية والتي تهدف وبشكل قطعي إلى إيجاد حالة دائمة من عدم الاستقرار في صفوف الأسرى، فتعمل على إرهاقهم بشكل كبير، كأن الأسير يعيش حالة ترقب دائم، ويمكن لنا أن نسميه عملية تطهير عرقي ضد الأسرى. ويضيف” قد يبدو هذا المصطلح أول وهلة مبالغاً فيه، لكن الواقع في السجون يجعله شعوراً حقيقياً، ونموذجاً مصغراً للتطهير. وفي لحظة ومن دون أي سابق إنذار، يُلزم جميع الأسرى داخل أحد الأقسام بإخلائه من كل مقتنياتهم بشكل سريع خلال مدة لا تتجاوز خمس ساعات، بحيث يتم وضع جميع الأغراض الموجودة داخل غرف الأسرى في أكياس بلاستيكية توضع أمام الغرف ليحملها السجانون إلى جهاز الفحص المركزي فيما بعد. وبعد إجراء تفتيش جسدي يخضع له الأسير، يتعين عليه أن يأخذ معه فرشة وأغراض شخصية بسيطة من أجل أن يُمضي يوماً أو يومين خارج القسم. وقد يُحشر الأسرى أو يبيتون في قاعة الزيارات لنهار كامل، وهي قاعة مخصصة لعشرين شخص لا أكثر”. ويقول الأسير الفلسطيني حريبات إن كل ذلك بعد إرهاق الأسرى بإجراءات إخلاء الغرف من محتوياتها، وكذلك القسم وما فيه والمرافق الموجودة داخله، كي تصبح فارغة من كل المقتنيات بما في ذلك أغراض الكانتينا والثلاجات الجماعية، فلا يبقى في الغرف سوى الأسرّة المثبتة بالأرضية وفي الجدار كي لا يحركها الأسرى.

لحظة الترحيل

وينبه أنه في لحظة الترحيل (نقل الأسرى) يتم استحضار ذلك المشهد المغروس في الذاكرة الفلسطينية الذي رافق الفلسطينيين منذ أكثر من 72 عاماً ويقول إنه مشهد الفلسطيني الذي هُجّر من المدن والقرى الفلسطينية منذ سنة 1948 حينما انقضت العصابات الصهيونية على الفلسطينيين، وقامت بعمليات قتل وتدمير مفرط بحق شعبنا الفلسطيني. ويضيف ” فترى في مخيّلتك ذاك الفلسطيني وهو يحمل فرشته أو بعض مقتنيات البيوت المدمرة على ظهره وهو يقف على شاطئ البحر أو أمام المركبات التي سيهجر بها إلى دول الطوق، ومن خلفه العصابات الصهيونية تلاحقه بإطلاق النار عليه كي يواصل درب الترحيل “. ويؤكد حريبات أن هذا ينطبق على مشهد الأسرى حينما يتم ترحيلهم إلى سجون أو أقسام أُخرى وهم يحملون فرشهم على ظهورهم وفي يد أُخرى يحمل كلّ منهم كيساً بلاستيكياً فيه أغراض شخصية بسيطة، ويتم نقلهم على شكل مجموعات تتكون كل مجموعة من خمسة أسرى يسير السجانون من أمامهم وخلفهم، ويتم اقتيادهم إلى أماكن خاصة بالتفتيش عبر ماكينات ضوئية كهربائية وأجهزة ليزر حديثة مهمتها الكشف كي لا يتمكن الأسرى من تهريب أي شيء مهما صغر حجمه. تتعامل هذه الوحدة بطريقة استفزازية ومذلّة وقاسية بحق الأسرى، ويتم استخدام أسلوب خلع الملابس خلال هذه المرحلة، أي التفتيش العاري بحجة البحث عن أغراض مهرّبة، على حد قولهم، مثل أجهزة الهاتف الصغيرة وأشياء أُخرى. وفي حال تم ضبط ممنوعات، بحسب ما يدعونه، تقوم ما تسمى إدارة سلطات السجون بمعاقبة الأسرى بالزنازين الانفرادية وفرض عقوبات مالية ومنع الزيارات وحرمان عائلاتهم من إيداع نفقات الكانتينا، وغيرها من العقوبات”. ويخلص حريبات للقول إنه كل ستة أشهر يعيش الأسرى هذه التفصيلات بالإضافة إلى ابتكار أساليب جديدة من جانب سجون الاحتلال واستخباراتها هدفها تنغيص حياة الأسرى داخل السجن وزيادة مرارة ووجع الأسر. ويتابع ” إلاّ إن الأسرى أصبحوا يتعايشون مع هذه الحالة بل وينتصرون بصبرهم وإرادتهم وتحديهم وصلابتهم على كل تلك الأساليب القمعية الشرسة التي تمارسها هذه الإدارة ضدهم، كأنهم يعيشون حالة روتين مستمر ودائم من المداهمات والتنكيل الروحي.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي