في ظل تفشي جائحة كورونا.. السفر البطيء أحدث اتجاهات عالم السياحة

المصدر : الألمانية
2020-07-24

يمثل السفر البطيء أحدث اتجاهات عالم السياحة حاليا، في ظل تفشي جائحة كورونا التي أدت إلى تباطؤ وتيرة الحياة، ويهدف هذا الاتجاه إلى الاستمتاع بالطريق ذاته من ناحية والحفاظ على البيئة من ناحية أخرى.

وعلى الرغم من أن رحلة السفر عبر إنجلترا لمدة 4 أسابيع على متن شاحنة حليب كهربائية لا تبدو من الرحلات الجذابة، فإن الكاتب البريطاني دان كيران وصف هذه الرحلة التي قام بها في كتابه السفر البطيء (Slow Travel) بأنها "أكثر الرحلات عقلانية وأكثرها جنونا في الوقت نفسه".

وأضاف الكاتب البريطاني في تقرير لوكالة الأنباء الألمانية أنه بعد أسبوع واحد من بدء الرحلة اكتشف أنه يجوب بلدا شاسعا غير متطور، وأضاف قائلا: "يبدو أن السفر بالسرعة البطيئة جعل البلد يبدو أكثر اتساعا". ويعشق الإنجليز السفر ببطء على الطرق لتجنب الضغط المرتفع والاستمتاع بالمزيد من المناظر الطبيعية.

السفر وجائحة كورونا

وقد أدت جائحة كورونا في الوقت الراهن إلى زيادة الاهتمام بهذه الفكرة، حيث أدرك كثيرون أن تباطؤ وتيرة الحياة المرتبطة بتفشي الوباء العالمي يعد من الأمور الجيدة. وقد كان من ملامح الجنون سرعة تحليق السياح حول العالم قبل الأزمة، فقد كانت البرامج السياحية تتضمن 3 أيام في العاصمة الإيطالية روما وأسبوعا في المغرب و10 أيام في جزيرة بالي الإندونيسية، ولكن السفر البطيء يمثل الاتجاه المعاكس لذلك تماما.

وتقوم فكرة السفر البطيء على التواجد في الطريق والاستمتاع به، وأضاف دان كيران قائلا: "يمكننا اليوم اكتشاف العالم بسرعة كبيرة، لدرجة أن المرء لا يشعر أنه يسافر، بل إنه قد وصل للتو". ومع السفر البطيء لا ينصبّ الاهتمام على السرعة أو المسافة، ولكن يتم التركيز أكثر على انعكاس أثره على المسافر والرؤية العميقة للمكان.

متعة السفر البطيء

وأوضح أرني جودا المدير الإداري ومنظم رحلات السفر البطيء في العاصمة الألمانية برلين، أنه خلال الفترة التي سبقت تفشي كورونا، كان ينظم رحلات السفر البطيء على متن سفن الحاويات، وتمتد 15 يوما من ميناء بريمرهافن مرورا بالولايات المتحدة الأميركية ووصولا إلى المكسيك، وتشتمل البرامج السياحية أيضا على الرحلات البحرية التقليدية وخطوط السكك الحديدية عبر سيبيريا ورحلات ركوب الدراجات في هولندا.

وأضاف جودا: "عند السفر على متن سفن الشحن لا توجد أية مشتتات، وبالتالي ينغمس المرء في المناظر الطبيعية المحيطة به". وهناك بعض الأشخاص يرون أن مشاهدة نفس المناظر يبعث في النفس الشعور بالملل، ولكن في مرحلة ما يدركون مدى تنوع المناظر البحرية من حولهم.

والسفر البطيء لا يرتبط بالوصول إلى الوجهة المقصودة، ولكن الطريق نفسه هو الهدف من السفر، حتى إذا بدا هذا الطريق سيئا.

كما أصبح من الصعب تجاهل التأثير البيئي للسياحة، يقول الخبير السياحي "يتشكك الكثير من الناس في سلوكياتهم أثناء السفر، عندما أسافر بسرعة فإنه يتم التركيز على احتياجاتي الشخصية أكثر من معرفة تأثير سلوكياتي".

المناخ والبيئة

وهنا يظهر تساؤل حول ما إذا كان السفر البطيء يؤثر بشكل إيجابي على المناخ والبيئة؟ في واقع الأمر تظهر فائدة السفر البطيء عندما يسافر المرء ببطء ولمسافة أطول وبوتيرة أقل من المعتاد.

وتعتبر وسائل النقل والمواصلات هي المسؤولة عن انبعاث ثاني أكسيد الكربون أثناء السفر، وأضاف الخبير السياحي البروفيسور مارتن لومان، قائلا إن "زيادة مدة الرحلات السياحية لا تساهم في الحفاظ على البيئة والمناخ، ولكن الرحلة الطويلة تجعل المرء يتخلى عن القيام برحلة ثانية". وبطبيعة الحال كلما قلت الرحلات والسفر، كان ذلك أكثر محافظة على البيئة والمناخ.

وإذا أقام السائح لمدة 3 أو 6 أسابيع في تايلند مثلا، فلن يحدث فرق كبير في المناخ، ما لم تتم المغادرة "ببطء"، وأوضح مارتن لومان ذلك بقوله: "سافر بعيدا جدا، ثم تحرك ببطء هناك".

وأوضح معهد المستقبل أن السفر البطيء ينطوي على إمكانيات كبيرة، حيث تطور قطاع السياحة في الماضي اعتمادا على السرعة والكفاءة، ولكنه وصل إلى حدوده القصوى حاليا. وأضافت الباحثة في اتجاهات الموضة أنيا كيريغ، قائلة: "بعيدا عن الرحلات السياحية الجماعية وأساطير الطائرات النفاثة، فإن السفر البطيء يظهر حاليا كشكل جديد وناجح من رحلات المغامرة".

وعلى الجانب الآخر، أوضح البروفيسور مارتن لومان أن اتجاه السفر البطيء يوضح أن الرحلات السياحية يجب أن تتوافق مع البيئة وأن تكون مستدامة، ولكن ليس لهذا الموقف حتى الآن أي تأثير عملي على سلوكيات السفر.

ويرى البروفيسور الألماني أن هناك مزايا للسفر البطيء على المستوى النفسي، من خلال الاستمتاع أكثر باللحظات الجميلة التي يمر بها السائح أثناء رحلته السياحية التي أصبحت أقل صخبا وسرعة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي