صحافة عربيةصحافة أمريكيةصحافة اسرائيليةصحافة دوليةسوشيل ميدياهاشتاغ #صحافة أوروبيةمواقع وصحف عربيةصحافة فرنسيةصحافة بريطانية

الأنسنة المفقودة في الأخبار اليومية.. القصة الخبرية مكلفة ومرهقة لكنها حيوية للصحافة

المصدر : الجزيرة + الصحافة الأميركية + الصحافة البريطانية
2020-07-22

هناك قول مأثور في الصحافة إن القراء قد يأتون للحصول على الأخبار لكنهم يبقون في الموقع أو الصحيفة بسبب القصة الخبرية، المعروفة باسم "فيتشر ستوري" (Feature story).

وبعبارة أخرى، ربما تجذب العناوين الرئيسية القراء، وتدفعهم للنقر على المواقع الصحفية، أو تلفت انتباههم وتدفعهم لقراءة أوراق الصحيفة عبر تأثير الصدمة والذهول، لكن القصص الخبرية هي التي تأسر قلوبهم بالتفاصيل الإنسانية، ورواية الحكاية، والعاطفة؛ وهي الأشياء التي تبقى معهم في النهاية وقتا طويلا بعد إغلاق الصفحة الإلكترونية، أو إلقاء أوراق الصحيفة في سلة المهملات.

ويرى المحاضر بقسم الصحافة بجامعة دي مونتفورت البريطانية لي مارلو أن الصحافة الجيدة لا تدور فقط حول كتابة الأخبار والإجابة عن أسئلة: "ماذا"، و"أين"، و"من"، و"متى". وهي أسئلة مهمة بالطبع؛ لكن ما يبقى مع القارئ في النهاية هو الإجابة عن "لماذا" و"كيف"، وهما السؤالان اللذان يشكلان جوهر كتابة "القصة الخبرية".

ويعتبر عضو الاتحاد الوطني للصحفيين في بريطانيا (تأسس عام 1907) أن كتابة القصة الخبرية تتعرض لخطر التغييب في الصحافة الوطنية والإقليمية، ويحدث ذلك تماما في الوقت "الذي يمكن القول فيه إننا في أمس الحاجة إليها".

والسبب كما يقول مارلو هو تخفيض موازنات الصحافة، ويؤثر ذلك على صحافة "القصة الخبرية" بشكل خاص؛ كونها تحتاج لإمكانات مادية أكبر، وأغلقت أقسام "القصة الخبرية" في عدة شركات بريطانية كبرى تعمل في صناعة نشر الصحف والمجلات، مثل "ترينيتي ميرور" (Trinity Mirror)، و"نيوز كويست" (News quest)، و"جونستون برس" (Johnston Press) وغيرها، حسب مقال مارلو لموقع "ذا كونفيرذيشن" (The conversation).

وكانت صحيفة "الغارديان" (The Guardian) البريطانية العريقة أعلنت قبل أيام أنها ستلغي نحو 12% من وظائفها، وسيؤثر ذلك بشكل خاص على إصدار السبت (نهاية الأسبوع) المليء بالقصص الخبرية المميزة.

القصة الخبرية المفقودة

تستغرق القصة الخبرية وقتا أطول للإعداد والإنتاج، وتكون أطول وأكثر تفصيلا، وتتضمن أحيانا العديد من المقابلات، وتنشر على مساحة أكبر على الصفحة بعدد كلمات أكثر من المعتاد، وتتطلب أحيانًا جلسات تصوير أو تضمينها صورا وأعمالا فنية غالية الثمن لتوضيحها.

ولكل هذا ثمنه، ويتساءل لي مارلو في مقاله عن مستقبل القصة الخبرية في عالم لن تؤدي فيه تخفيضات الميزانية إلى منتج أفضل، ويقول إن القصة الخبرية -التي يصفها بروح الصحافة وقلبها النابض- ستدفع الثمن الأكبر من هذه التخفيضات العالمية في موازنات الصحف.

ويتابع الكاتب قائلا إن الخبر يمنح القارئ وجبة من المعلومات، لكن القصة الخبرية الطويلة تخبره لماذا المعلومات مهمة، فهي خروج عن نسق "الأخبار تلو الأخبار" الذي يسود الصحافة.

والدليل على أهميتها وتأثيرها الارتفاع الكبير في أرقام تداول الصحف التي تحملها؛ فعدد نهاية الأسبوع لصحيفة الغارديان البريطانية يتم تداوله بنسبة أكبر 130% من بقية أعداد الأسبوع، وكان هذا العدد مليئًا بالقصص الخبرية التي تبدو الآن مهددة.

ويأمل الكاتب أن تتمكن الصحافة -رغم جميع مشكلاتها الحالية- من "إيجاد طريق عبر هذا المستنقع، بحل يمكن أن يحافظ على مستقبل الكتابة الطويلة؛ لأن لها مستقبلا، ولا يزال القراء يريدون كتابة طويلة ومفصلة وممتعة.. يريدون قصص خبرية.. ويعرفون قيمتها".

أنسنة القصة

وفي مقاله "عن الفيتشر والأنسنة الصحفية" المنشور بمعهد الجزيرة للإعلام، كتب الصحفي الفلسطيني علي أبو مريحيل أن "تقارير القصص الإنسانية -أو ما تسمى تقارير "الفيتشر"- برزت كنوع جديد من التقارير الصحفية التي تتجاوز وظيفتها مجرد نقل الخبر، إلى حمل الهم الإنساني والكشف عن خفايا شريحة كبيرة من الناس تعيش أوضاعا مريرة قلّما تسلط عليها الأضواء، وهي مهمة تعجز عن القيام بها قوالب أخرى من التقارير الصحفية تراوح بين صياغة الخبر والتزام المحرر بالسياسات التحريرية الجامدة".

ويتابع المحرر والمنتج بقناة الجزيرة أنه "حتى أواخر سبعينيات القرن الماضي، كان هذا النوع من التقارير يعد ثانويا في نشرات الأخبار وصفحات الجرائد المتخمة بأحوال السياسيين والمشاهير وأصحاب المال والسلطة، وكان دور الصحفي ينحصر في رصد الحدث الذي يصنعه الساسة، إلى أن ظهرت الصحافة الإنسانية، لتعيد ترتيب الأدوار وتوجه الاهتمام إلى أولئك المهمشين في متن الخبر".

ويرى أبو مريحيل أن أهم ما يميز تقارير القصة الخبرية أنها حية، وبالتالي يمكن قراءتها في كل زمان ومكان، لأنها لا تنتهي بانتهاء الأحداث التي أوجدتها كما هي الحال في الأخبار، لذلك يتلقاها الناس اليوم وبعد حين بالشغف نفسه، لأنها قصص قريبة منهم ولدت من رحم الإنسانية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي