هل سيرفض ترامب مغادرة البيت الأبيض إذا خسر الانتخابات؟

مصدر: Trump Could Still Break Democracy’s Biggest Norm
2020-07-07

كتب بيتر نيكولاس مراسل مجلة ذي أتلانتك في البيت الأبيض تقريرًا حول المخاوف المحيطة بانتقال السلطة في أعقاب انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهناك مخاوف عامة من أن يرفض ترامب – إذا ما خسر الانتخابات – تسليم السلطة، في نظام يقول الخبراء إنه ليس مصممًا للتعامل مع مثل هذا الشخص، بل يعتمد على استيعاب الأشخاص الذين يحترمون قواعد الديمقراطية.

ويستهل المراسل تقريره بتخيل ما يمكن أن يحدث: لنقل إن جو بايدن فاز بانتخابات الرئاسة في نوفمبر. في صباح يوم 20 يناير (كانون الثاني)، سوف يدخل دونالد ترامب المكتب البيضاوي، ويترك خطابًا مكتوبًا بخط اليد إلى بايدن على مكتب ريزولوت. وفي وقت لاحق سيقف ترامب وزوجته ميلانيا في الرواق الشمالي بالبيت الأبيض في انتظار زيارة من الرئيس المنتخب وزوجته جيل. بعد أن تتهادى سيارة الليموزين المدرعة على الممر، سيتبادل الأربعة المجاملات، وربما الهدايا، قبل أن يتوجهوا إلى الداخل لتناول القهوة.

ولاشك أن صور ترامب ستكون قد خُلعت بالفعل من داخل الإطارات كبيرة الحجم، التي ستكون في هذه اللحظة معلقة على الجدران خالية من الصور. وسوف ينزع العمال الستائر ويطوون الأبسطة التي لا تتناسب مع ذوق الأسرة القادمة. وفي وقت ما قبيل الظهر سوف يغادر الأزواج البيت الأبيض في سيارات منفصلة، ويلتقون مرة أخرى في الرواق الغربي للكابيتول.

وسوف يكون ترامب في الصف الأول يشاهد، بينما يضع بايدن يده على الإنجيل ويؤدي يمين القسم لتولي المنصب. وفي البيت الأبيض سيقوم مساعدو ترامب الكبار بحزم أمتعتهم والمغادرة. وبعد الاحتفال سوف يسير الرئيس رقم 45 والرئيس رقم 46 إلى جانب بعضهما البعض إلى مروحية تنتظرهما في ساحة الكابيتول من أجل الوداع الأخير. وسوف يرفع ترامب يده بالتحية ويصعد إلى المروحية ثم تنطلق به. أو ربما لا يحدث ذلك.

إشارة ساخرة

كل أربع أو ثماني سنوات، عندما تصل الساعة إلى الثانية عشرة ظهرًا في العشرين من يناير تعلم الأمة ما إذا كان الرئيس القديم يقبل بشرعية الرئيس الجديد.

ينقل المراسل عن أستاذ القانون بجامعة جورجتاون، جوشوا جيلتزر، قوله: إن فترة الرئاسة الحالية تنتهي عند الظهيرة في 20 يناير. وإذا فاز بايدن فهذه هي اللحظة الدقيقة التي يجب أن تبدأ فيها فترته. إنها أخطر لحظة بالنسبة للديمقراطية: الفترة التي يجرى فيها تداول السلطة، وتختبر ما إذا كانت الدولة ستظل ملتزمة بحكم الذات.

ويعتمد استمرار هذا التقليد على تعاون ترامب، أو مرونة المؤسسات الديمقراطية في البلاد إذا ما رفض تسليم السلطة. وليس هناك تأكيد بأن ترامب سوف يقبل صحة نتائج الانتخابات. إذ وصف بالفعل التصويت بالبريد الإلكتروني بأنه مؤامرة لسرقة الانتخابات. واستفز منتقديه بإشارته الساخرة إلى أنه في ضوء الطلب الشعبي قد يظل في السلطة بعد المدة المحددة في الدستور بثماني سنوات.

وكتب ترامب تغريدة على «تويتر» يوم 16 يونيو (حزيران) 2019 نصها:

… الأنباء نفيد بأنه في نهاية السنوات الست، بعد أن تحولت أمريكا إلى دولة عظيمة مرة أخرى، وأنا أغادر البيت الأبيض الجميل (هل تعتقدون أن الشعب يمكن أن يطالب بأن أظل فترة أطول؟ حافظوا على أمريكا عظيمة)، كل من هاتين الصحيفتين البشعتين سوف تتوقفان عن العمل بسرعة وتختفيان إلى الأبد!

بالطبع يمكن لترامب أن يفوز. ولكن إذا اكتسح بايدن ما يكفي من الولايات الرئيسة بنسبة مقنعة، فإن أي مزاعم بأن ترامب سرق منه الفوز سيكون مضحكًا في ظاهره. وعند الظهيرة يوم 20 يناير لن يكون رئيسًا، وإذا قاطع الطقوس المحيطة بتسليم السلطة وتحصن داخل البيت الأبيض، سيكون ذلك منه بمثابة احتلال موقع بدون وجه حق.

وينقل المراسل عن العميل سابق في الخدمة السرية، جوناثان واكرو، والذي كان عضوًا في مفرزة حماية الرئيس، وعمل في اليوم الذي تولي فيه أوباما السلطة من جورج بوش الابن، قوله: «يمكنه أن يجلس في المكتب البيضاوي ويضم يديه ويقول: (أنا لن أذهب)، ولكن نقل السلطة سيحدث به أو بدونه».

وفي مقابلة مع «فوكس نيوز» يوم الجمعة، قال ترامب إنه سيقبل بالهزيمة، وإنه إذا ما خسر فسوف يغادر. وأضاف: من المؤكد أنني إذا لم أفز، فسأكون قد خسرت. وأشار إلى أنه «سيمضي قدمًا، وسيمارس أشياء أخرى».

وينقل المراسل عن السناتور الجمهوري ليندسي جراهام من ساوث كارولاينا وهو شخص مقرب من ترامب، اعتقاده بأن ترامب سيتحدى قرار الناخبين، قائلًا: «أنا لا أصدق هذا الهراء المجنون. أنا لا أشعر بالقلق بشأن ذلك».

بايدن لا يثق أن ترامب سيمتثل وقد يستدعى الجيش لإجلائه

لكن خصم ترامب ليس واثقًا إلى هذا الحد. إذ تنبأ بايدن الذي كان يتحدث مع تريفور نواه يوم الأربعاء، بأن الجيش ربما يُستدعى لإجلاء ترامب إذا وصل الأمر إلى هذا الحد، وأن الجيش سوف يمتثل لذلك عن طيب خاطر. وقال بايدن «أنا مقتنع تمامًا أنهم سوف يرافقونه ليخرجوه من البيت الأبيض بسرعة كبيرة».

ومما يجعل اللحظة أكثر إثارة للرعب هو ظهور نتيجة انتخابات تتقارب فيها نتيجة الخصمين وتكون موضع خلاف؛ وهو سيناريو أكثر وجاهة من هزيمة ترامب. وفي ميتشيجان يمكن أن تتوقف النتيجة على التصويت باستخدام البريد الإلكتروني، وطي الطريقة التي سعى ترامب إلى التشكيك فيها. إذ ألمح بالفعل إلى اعتراضه على فرز الأصوات بعد الانتخابات التي لا تكون في صالح الجمهوريين.

وكتب في تغريدة بتاريخ 12 نوفمبر 2018:

يجب أن تعلن نتائج انتخابات فلوريدا لصالح ريك سكوت ورون دي سانتيس لأن أعدادًا كبيرة من بطاقات الاقتراع الجديدة ظهرت من مكان غير معروف، والعديد من البطاقات مفقودة أو مزورة. إن فرزًا أمينًا للأصوات لم يعد ممكنًا، والبطاقات لم تعد صالحة على نحوٍ مذهل.

ترامب قد يضع أدوات القوة الرئاسية في موضع حرج

وإذا حقق بايدن فوزًا ضئيلًا، يمكن أن يسعى ترامب إلى الدخول في نزاع بشأن النتائج ويزعم أنه فاز بالفعل. ويمكن أن يضع هذا الجيش وأدوات القوة الرئاسية الأخرى في موقف حرج؛ إذ سيضغط عليهم لاتخاذ جانب طرف، وحل المزاعم المتنافسة حول الطرف الفائز.

يتابع المراسل: وقد تؤيد وزارة العدل المنبطحة التي يقودها النائب العام وليام بار مزاعم ترامب بإصدار تصريحات بأن الانتخابات كان بها ما يشوبها. مستشهدًا بقول روزا بروكس، وهي مسؤولة سابقة في البنتاجون في إدارة أوباما وأستاذ القانون في جورجتاون: «إنه أمر صعب بالنسبة لأي شخص في الجيش، على أي مستوى، أن يقول شيئًا باستثناء (سمعًا وطاعة يا سيدي). إنهم ليسوا محامين».

واحتمال حدوث فوضي هو أمر يعري نقاط ضعف تقليد انتخابي يعتمد على حسن نية المرشحين الاثنين المعنيين. وإذا رفض أحدهما التعاون يمكن أن يتعثر النظام. لقد نجت الأمة من حالتين مروعتين، ولكن الفضل في ذلك يعود إلى أن الخاسر كان مستعدًا للانسحاب. في عام 2000 أقر أل جور بالنتيجة عندما أوقفت المحكمة العليا التي كانت منقسمة إعادة الفرز في فلوريدا، لتؤكد الفوز الضئيل الذي أحرزه جورج بوش الابن. وعندما انصاع أل جور، أنهى مسيرته العملية في السياسات الانتخابية، وهي لفتة قد لا يسارع ترامب إلى تقليدها.

ترامب ليس أل جور آخر

ونشر لورانس دوجلاس، وهو أستاذ في كلية أمهريست، كتابا هذا العام يحمل عنوان «هل سيذهب؟ ?Will He Go» يطرح سيناريوهات كابوسية تسفر عن انتخابات متنازع عليها: مزاعم متضاربة حول من فاز، مع عجز الكونجرس والمحاكم عن حسم النزاع. وكتب دوجلاس «في عام 2020 ليس لدينا أل جور لكي ينقذنا من انهيار انتخابي كامل والاضطرابات والعنف الذي يمكن أن يطلقه ذلك».

وفي مقابلة قال دوجلاس لكاتب التقرير: «إذا استعد الناس حقيقة للانخراط في سياسة حافة الهاوية دستوريًا، فإن هذا النظام ليس مصممًا على نحو خاص للتعامل مع هذا النوع من الأشخاص… إنه يعتمد على أن الناس استوعبوا القواعد التي تجعل ديمقراطية دستورية تنجح».

مسيرة ترامب السياسية وقلب القواعد

يتابع التقرير: ومسيرة ترامب السياسية هي قصة قلب القواعد رأسًا على عقب. إنه يشوه سمعة أبطال الحرب، كما دخل في مناوشات كلامية مع الأسر الحاصل أبناؤها على وسام النجمة الذهبية. فهل يحترم واحدة من أثمن قواعد الأمة – النقل السلمي للسلطة – إذا كان ذلك يعني الاعتراف بفشله؟

عندما تصل اللحظة المصيرية، يحتاج ترامب إلى قبول الحقيقة الواقعية التي استوعبها أل جور: وهي أنه خسر. وما يسأل عنه البعض في واشنطن هو ما إذا كان سيدخل في حالة من الإنكار. وينقل المراسل عن آدم سميث عضو مجلس النواب والرئيس الديمقراطي للجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب، قوله إنه تحدث يومًا ما مع مسؤول بارز في البيت الأبيض وسأل عن نوايا ترامب في حالة الهزيمة. «قلت له: هناك الكثير من القلق من أن رئيسك إذا خسر فإنه لن يغادر».

قال لي: «لا، هذا سخيف، بالطبع سوف يغادر». غير أن سميث لم يشعر بالطمأنينة، وقال لي: «لا توجد فرصة على الإطلاق أنه يمكن أن يسلم السلطة بلباقة. أفضل ما يمكن أن نأمل فيه هو أن يسلم السلطة بطريقة غير لبقة».

مشروع نزاهة الانتقال

وتساعد بروكس، أستاذة القانون في جورجتاون ومسؤولة إدارة أوباما السابق، في قيادة جماعة غير رسمية من الحزبين تسمى «مشروع نزاهة الانتقال» تدرس ضمان أن تمضي الانتخابات وعملية نقل السلطة المحتملة على نحوٍ سلس. وهناك أكثر من 60 شخصًا في المشروع، من بينهم حكام ووزراء سابقون. وهم يعتزمون اللقاء على تطبيق «زووم» خلال الأسابيع القليلة المقبلة وإجراء عصف ذهني بهدف بلورة سيناريوهات عديدة: هزيمة ترامب بفارق ضئيل، أو فوز واضح لترامب، ومن بينها أيضا فوز ساحق لبايدن. وسوف يستنفدون كل السيناريوهات حول ما يمكن أن يحدث إذا استخدم ترامب وأنصاره وسائل التواصل الاجتماعي لإخافة موظفي الانتخابات الذين يحصون الأصوات، أو إذا ما رفض المغادرة في حالة الهزيمة، بين احتمالات أخرى، وفقًا لما ذكره المشاركون.

موقف ترامب سيكون حاسمًا في الكثير من التغيرات العالم

في الخارج، يراقب البعض في قلق ليروا ما إذا كانت التجربة الأمريكية التي مضى عليها قرنين تهتز. وقال بيتر ويستماكوت السفير البريطاني السابق في الولايات المتحدة: «أنا أهتم بذلك، لأنه على مدى سنوات تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من الاستفادة من سلطتهم الأخلاقية في تحدي المستبدين والطغاة الذين يسرقون الانتخابات ويقولون (هذا ليس مقبولًا).

إذا لم يعد بوسعنا أن نفعل ذلك بعد الآن، فإن قيمنا وقيادتنا الأخلاقية ستكون في موضع خطر». وقال السفير المكسيكي السابق في الولايات المتحدة أرتورو ساروكهان إن الانتخابات «يمكن أن تكون مثل تأثير الدومينو الذي يطلق سلسلة من الأحداث في أنحاء العالم. وسوف تستخدمها النظم الاستبدادية، ومنافسي الولايات المتحدة، والدول التي تقوض الأسس الديمقراطية للدول، كعرض عام».

كل المجاملات المؤدبة ليوم التنصيب تخدم هدفا: إذ تضيف صلابة وقوة لهذه الأسس. وحتى الخطاب يكون له أهميته. بدأ أوباما خطابه إلى ترامب بكلمتين قبل فيهما نتيجةً سعى جاهدا للحيلولة دون الوصول إليها: «سيدي الرئيس».

الأنا الضعيفة لترامب قد تتحمل مشاهد التغيير

وهم يشاهدونه في مقعده في الصف الأول بينما يؤدي بايدن اليمين للمنصب سيكون ذلك إشارة قوية لناخبي ترامب الذين يشعرون بخيبة الأمل أنه يتنازل طوعا عن السلطة لخليفته الشرعي. ولكن هل سيحضر أم يشد الرحال إلى منتجع مار-ألاجو؟ إن صور تجديد البيت الأبيض قد تكون مؤلمة للغاية للأنا الضعيفة بحيث يصعب تحملها. وفي كل مكان ينظر إليه، سيجد علامات التنصل منه.

وعندما ينظر من النوافذ المطلة شمالًا، سيرى منصة الرؤية الخاصة لبايدن ليرى عرض التنصيب يمضي في طريق بنسلفانيا. وينقل المراسل عن وليام كوهين عضو مجلس الشيوخ الجمهوري السابق عن ولاية مين ووزير الدفاع في إدارة بيل كلينتون قوله: «لا أرى أنه سيغادر طوعًا، استنادًا لما رأيته من كيفية استخدامه لموقعه. إنه لا يؤمن بأنه خاضع لأي قيود».

ويختم المراسل بالقول: يمكن أن يفوز ترامب. وعندئذ سنتجنب أزمة نقل سلطة على الأقل حتى عام 2025، عندما تكتشف الأمة ما إذا كان ترامب حقيقية يمزح عندما يقول إنه سيبقى في السلطة حتى العقد القادم.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي