«الأشخاص الملونون» يحتجون.. كيف تضامن غير البيض مع ضحايا العنصرية؟

مصدر: ‘People of color’ are protesting. Here’s what you need to know about this new identity
2020-07-06

بدأ القادة السود في استخدام مصطلح «الأشخاص الملونين» في ستينيات القرن الماضي. واليوم، يعني هذا المصطلح شيئًا أكبر.

نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالًا لأستاذ العلوم السياسية وعلم النفس في جامعة كاليفورنيا، إفرين بيريز، تحدث فيه عن الاحتجاجات المشتعلة في أمريكا والتي يقود لواءها الأشخاص الملونون، واندلعت في أعقاب مقتل المواطن الأمريكي من أصل أفريقي، جورج فلويد، على يد رجل شرطة أبيض في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا.

وفي مستهل مقاله، ذكر الكاتب أنه في حين تتبدى جهود مكافحة العنصرية في طول الولايات المتحدة وعرضها، نرى الأقليات العرقية متضامنة معًا. ولكن هل يشارك أفراد هذه الأقليات في المظاهرات والاحتجاجات بصفتهم أمريكيين من أصل أفريقي ولاتينيين وأمريكيين آسيويين، أم أنهم منخرطون سياسيًّا بصفهم أعضاءً في مجموعة مشتركة؟

يشير البحث الذي أجراه الكاتب إلى أنه ربما يكون الاحتمال الثاني هو الصحيح. وبنسبة تناهز 40% من السكان، والنسبة آخذة في الزيادة، لم يعد غير البيض يعدون من الأقليات أو الشرائح المتنقلة بين مجموعات شتى. وكثير من غير البيض اليوم يُعرَّفون بأنهم «أشخاص ملونون»، رافضون أي فكرة بأن حياتهم مُهمَّشة سياسيًّا.

ويؤكد الكاتب قائلًا: أقول هذا بكل ثقة لأنني رصدتُ سياسات الأشخاص الملونين خلال السنوات الثلاثة الماضية عبر استطلاعات رأي وتجارب واسعة النطاق شملت ما يقرب من 15 ألف شخص، وفي الوقت نفسه أجريتُ مقابلاتٍ شخصية متعمقة مع 25 شخصًا بالغًا من السود والآسيويين واللاتينيين المُختارِين بعناية.

ويكشف هذا البحث عن أن تسمية «الأشخاص الملونين» صاغها أمريكيون أفارقة لتطلق عليهم، ومن ثم تطورت إلى هوية حشد عديد من غير البيض سياسيًّا نحو أهداف مشتركة، ما لم يشعر «الأشخاص الملونون» بأن الآخرين في التحالف يتجاهلون التحديات الفريدة للمجموعة العرقية التي ينتمون إليها.

ويتساءل الكاتب قائلًا: هل تعتقد أن التفرقة العنصرية قد انتهت؟ ويوضح في السطور التالية كيف أن الشرطة ما تزال تمارسها.

هوية تعكس التنوع العرقي

ويشير الكاتب إلى أنه غالبًا ما تتجاهل المناقشات العامة حقيقة أن المجموعات التي تسمى «أقليات»، يمكنها الاختيار من بين عدة هويات. فهوية «الأشخاص الملونين» تعد عنصرًا جديدًا على صعيد الأشخاص غير البيض، الذين يمكن تعريفهم في المقام الأول بأنهم سود، أو لاتينيون، أو آسيويين، أو مكسيكيون، أو جامايكيون، أو صينيون، أو كاثوليكيون، أو مسلمون. وفي ظل عديد من الظروف، يختارون الآن تعريف أنفسهم بأنهم «أشخاص ملونون».

ابتداءً من عام 1965، أضافت الزيادة السكانية الناجمة عن الهجرة «أقليات» جديدة لها خلفيات تاريخية متنوعة. وشدَّد القادة السود على أوجه التشابه مع المصطلح الجديد «الأشخاص الملونين»، الذي ازدادت شعبيته.

ولمعرفة كيف حدث ذلك، استعان الكاتب بالأرشيف الرقمي لأربع صحف رئيسية وثلاث صحف سوداء كبيرة، وجمع وقرأ قصصًا ذكرتْ مصطلح «الأشخاص الملونين» منذ عام 1960.

وكانت صحف سوداء مثل «لوس أنجلوس سينتينيل» تستخدم هذا المصطلح قبل فترة طويلة من هذا التاريخ، وفي كثير من الأحيان، كانت صحف شهيرة مثل «واشنطن بوست» تستخدمه كذلك.

وتتضح النسبة المئوية السنوية للقصص المكتوبة في الصحف السوداء، والتي كانت تستخدم مصطلح «الأشخاص الملونين» للإشارة ليس إلى السود فحسب، ولكن أيضًا إلى مجموعات أخرى من غير السود كاللاتينيين. وفي أواخر ثمانينيات القرن الماضي، كان حوالي نصف استخدام الصحف لمصطلح «الأشخاص الملونين» يشير إلى كلٍ من السود والأقليات الأخرى.

هوية «الأشخاص الملونين» تعالج العنصرية

لفهم هذه الهوية الجديدة، دخل الكاتب عام 2018 في شراكة مع شركة Dynata (شركة عالمية لأبحاث السوق عبر الإنترنت) لإجراء ثلاثة استطلاعات رأي متوازية عبر الإنترنت للبالغين الأمريكيين من أصل أفريقي، والأمريكيين اللاتينيين والآسيويين، مع 1200 مشارك وقع عليهم الاختيار لكل مجموعة بالتوافق مع معايير مكتب تعداد الولايات المتحدة.

وطلب الباحث من المستجيبين استكمال أربعة فقرات حول مدى أهمية أن يكون الشخص «ملونًا» من وجهة نظرهم. على سبيل المثال: «كوني شخصًا ملونًا يُعد جزءًا رئيسيًّا من الكيفية التي أرى نفسي من خلالها».

ودمج الباحث هذه الإجابات في النتيجة، بحيث تعكس القيم الأعلى ارتباطًا بهوية «الأشخاص الملونين»، كما أجرى قياسًا لدعم المستجيبين لوسم #BlackLivesMatter، بحيث تشير القيم الأعلى إلى دعم أكبر لحركة حياة السود مهمة «Black Lives Matter».

ويرتبط المستوى الأقوى من هوية «الأشخاص الملونين» ارتباطًا وثيقًا بدعم حركة حياة السود مهمة بين البالغين السود واللاتينيين والآسيويين، بغض النظر عن التأثيرات الأخرى مثل الأيديولوجية الشخصية. ويظهر هذا النمط أيضًا في قضايا سياسية أخرى، مثل دعم برنامج «الإجراء المؤجل للقادمين في مرحلة الطفولة» (يوفر وضعًا قانونيًّا مؤقتًا للمهاجرين غير الشرعيين، الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة وهم أطفال) وكبح جماح وحشية الشرطة.

ويلفت الكاتب إلى أنه عندما يُعرِّف شخص ما نفسه بأنه «شخص ملون»، فإن هذا يعني أنه يرى نفسه عضوًا يتمتع بمرونة الانتقال بين مجموعة مشتركة، تكون فيها هوية الشخص الفريدة، مثل الأسود، أو الآسيوي، أو اللاتيني، مندرجة ضمن فئة «الأشخاص الملونين» الأوسع.

وفي خريف 2019، أجرى الباحث تجربة معملية فريدة من نوعها مع 350 من الطلاب الجامعيين الأمريكيين من أصل أفريقي وآسيوي ولاتيني، وكانت تتراوح أعمارهم بين 18 عامًا فأكثر، وكانوا من ضمن مجموعة المشاركين في مختبر جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس للعرق والإثنية والسياسة والمجتمع. وربط أعضاء كل مجموعة عرقية تلقائيًّا المجموعة الخاصة بهم ومجموعات غير البيض الأخرى بفئة «الأشخاص الملونين»، وهو قرار سريع يُتَّخذ على الفور.

السود يحتجون منذ سنوات.. فلماذا يستجيب المسؤولون الآن؟

ويقول الكاتب: عند تحفيز هوية «الأشخاص الملونين»، فإنها توجه الانتباه نحو الفوارق العرقية وجذورها الهيكلية، ودور تفوق البيض في توليدها، كما يتضح من الاحتجاجات الأخيرة ضد وحشية الشرطة.

وفي حين أن الاحتجاجات تسعى للفت الانتباه إلى الأفراد السود والقضايا الخاصة بهم، فإنها تضم «أشخاصًا ملونين» آخرين اتفقوا (بوعي أو دون وعي) على أن التضامن، هو ما تتطلبه هذه اللحظة الراهنة، وأن قضية السود هي قضيتهم أيضًا، وأنه في حين يمكن وضع مشكلات أخرى على جدول الأعمال – على سبيل المثال، الحد من احتجاز الأطفال المهاجرين – فقد حان الوقت الآن للتركيز على الوحشية ضد الأشخاص السود.

حدود هوية «الأشخاص الملونين»

ويضيف الكاتب قائلًا: أسمع أحيانًا شكاوى حول «الأشخاص الملونين»، بما في ذلك التذمر من غير البيض أنفسهم. وسمع الباحث خلال المقابلات المتعمقة التي أجراها مع 25 شخصًا من «الملونين» في عام 2019 تعليقات مثل: «لا يحب كل الناس هذا التصنيف» و«إنه يسطح الاختلافات» و«يُبسِّط التعقيدات». ولكن هذه التوصيفات صحيحة حول أي هوية بطبيعة الحال.

يتابع الكاتب: اكتشفتُ أنه عندما يشعر «الأشخاص الملونون» بأن التحديات الفردية الخاصة بمجموعتهم العرقية يُنظر إليها بعين التجاهل، تنهار الوحدة التي تؤدي إلى تماسك فكرة «الأشخاص الملونين».

وفي عام 2019، أجرى ثلاث تجارب مع 900 مشارك أمريكي من أصل أفريقي وآسيوي ولاتيني، من خلال Prolific، وهي منصة لاستطلاع الرأي عبر الإنترنت.

داخل كل مجموعة، يقرأ نصف المستجيبين المختارين عشوائيًّا معلومات ديموجرافية مقتبسة من مكتب الإحصاء الأمريكي توضح أن «الأشخاص الملونين» يشكِّلون جزءًا كبيرًا من سكان الولايات المتحدة، مع تذكير القراء بأن الأشخاص الملونين يواجهون مشكلة تتمثل في عدم مساواة.

ويقرأ النصف الآخر المختار عشوائيًّا كذلك من بين المستجيبين، المعلومات نفسها، ولكن مع جملة إضافية تناقش فكرة أن المقارنة بين تجارب السود واللاتينيين والآسيويين تشبه المقارنة بين التفاح والبرتقال: في حين أن جميع الأشخاص الملونين يعانون من التمييز العنصري، لا يمكن مقارنة موروثات العبودية، على سبيل المثال، بتحديات الهجرة غير الموثقة.

وخلص الباحث إلى أن الأفراد في المجموعة الأولى عبَّروا عن مشاعر إيجابية تجاه «الأشخاص الملونين» الآخرين أكثر بنسبة 14% من أعضاء المجموعة الثانية.

دعم حقيقي

ويختتم الكاتب مقاله قائلًا: لا يوجد شيء طبيعي حول الصداقة الحميمة بين الأشخاص الملونين. وبالنسبة لجميع أوجه التشابه، تتداخل نقطة الاختلاف مع الوحدة. لكن عديدًا من الأمريكيين اللاتينيين والآسيويين وغيرهم من غير البيض الذين يقفون وراء الأمريكيين من أصل أفريقي اليوم يقدمون دعمًا حقيقيًّا لقضيتهم بصفتهم «أشخاصًا ملونين». وكلهم مشتركون ومتأثرون بلعبة السياسة العرقية اليوم.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي