استأنفت عملها وفق ضوابط بعد 3 أشهر من الإغلاق

مقاهي مصر تستقبل «نخبة» زبائنها... وتفتقد «قرقرة» الأرجيلة

2020-06-28

نادل في أحد مقاهي القاهرة يرتدي الكمامة الواقية أمس (إ.ب.أ)القاهرة - محمد نبيل حلمي - ليس ضرورياً أن يكون المصري شاعراً مُلهماً هذه الأيام حتى يُعارض قصيدة أيقونة الشعر العربي محمود درويش الذي تساءل في أسى ذات يوم: «إن أعادوا لك المقاهي القديمة من يعيدُ لكَ الرفاق؟»، فأبناء القاهرة وأخواتها من المحافظات عادوا رفقة إلى مقاهيهم المفضلة صباح أمس.

وعلى اختلاف مشروباتهم ومشاربهم، وسواء كانوا من رواد «الكافيه» أو من زبائن «القهوة»، فإن المصريين كانوا على موعد طال انتظاره مع المقاهي التي أعادت فتح أبوابها رسمياً، بعد «تباعد إجباري» دام 3 أشهر تقريباً بفعل إجراءات احترازية فرضتها الحكومة المصرية لمجابهة انتشار «فيروس كورونا المستجد». وليس معروفاً على وجه الدقة ما إذا كان «الشوق للمقهى وجلسته»، أم «الضيق من الحظر وحبسته»، هو الذي دفع العشرات من المصريين للاندفاع في الصباح الباكر نحو مجالسهم المفضلة على قارعة الطريق، والتي خلت من واحدة من أهم سماتها شكلاً ورائحة، وافتقد روادها صوت قرقرة النرجيلة التي لا تزال ممنوعة وفق ضوابط مواجهة الجائحة.


وكما قلب «كورونا» أحوال الاقتصاد والاجتماع، فإنه غيّر كذلك عادات المقاهي التي سجلت حضوراً صباحياً كبيراً في المقصد الذي طالما كان وجهة لجلسات المساء والسهرة. وفي مصر التي يعمل نحو 3.5 مليون شخص من سكانها في قطاع الخدمات الذي يشمل المقاهي، والمطاعم، والنوادي، بحسب تقديرات للحكومة، فإن السلطات سمحت باستئناف أنشطة المقاهي وفق ضوابط منها الالتزام بربع الطاقة التشغيلية.

وذخرت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، أمس، بمئات الصور التي بثها المستخدمون، لجلساتهم على المقهى، ليحاولوا على ما يبدو تثبيت اللحظة، وتحقيق السبق، وربما التباهي في إطار عملية «الانتخاب المزاجي» التي أقدم عليها ملاك ومديرو المقاهي للزبائن.

ورغم ارتداء النادل في مقهى «كايرو» بشارع الهرم كمامة بدت غريبة على بيئة العمل التي تعتمد تواصلاً بصرياً وإنسانياً مع زبائنه، فإنه لم يُخطئ معرفة، أحمد رجب، الموظف الثلاثيني بأحد البنوك الخاصة في القاهرة، على ما يقول الأخير لـ«الشرق الأوسط». ورجب الذي قال إنه «سعيد بأنه من النخبة التي تمثل 25 في المائة من زبائن المقهى الذين تمكنوا من حجز موقع في أول أيام استئناف نشاطها»، لكنه بدا أكثر سعادة بأن «القهوجي عرفني وعرفته رغم أن كلا منا يرتدي كمامة واقية».

وبفعل الضوابط الرسمية في مصر لعمل المقاهي في إطار التعايش مع الجائحة، فإنها أغلقت في العاشرة مساءً أبوابها، مفتقدة بذلك واحدة من أهم مميزتها كملجأ للساهرين، وإذا كان بإمكان المصريين أن يعارضوا درويش في أحد بيوته المبدعة، فإنهم لم يكن لهم سوى أن يتأسوا بكلماته عندما غادروا مقاعدهم مرغمين: «كم أَنت حُر أَيها المنسي في المقهى!».

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي