سد النهضة.. تأجيل الملء واتفاق نهائي خلال أسبوعين

2020-06-27

شهد ملف سد النهضة انفراجة في الأزمة بعد تعقدها خلال المفاوضات الأخيرة، حيث أكدت مصر أنه تم الاتفاق على تشكيل لجنة فنية حكومية من الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا وقانونيين وأطراف دولية والاتحاد الإفريقى، وعلى عدم اتخاذ أي إجراءات أحادية بشأن ملء خزان السد.

جاءت تلك الانفراجة خلال قمة إفريقية مصغرة، بدعوة من رئيس جنوب إفريقيا سيريل راموفوزا، جمعت رؤساء الدول الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الإفريقي عبر الفيديو مع رامافوزا، وحضور كل من أعضاء المكتب الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، والرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا، وفيلكس تشيسيكيدي رئيس الكونغو الديمقراطية، بالإضافة إلى مشاركة عبد الله الحمدوك رئيس وزراء السودان، وآبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا.

القواعد الحاكمة لملء وتشغيل السد

وتعليقا على بوادر الحلحلة هذه، أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية أن بلاده منفتحة برغبة صادقة في التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن سد النهضة، على نحو يمكن إثيوبيا من تحقيق التنمية الاقتصادية التي تصبو إليها وزيادة قدراتها على توليد الكهرباء التي تحتاجها، آخذاً في الاعتبار مصالح دولتي المصب مصر والسودان وعدم إحداث ضرر لحقوقهما المائية، مضيفا أنه يتعين العمل بكل عزيمة مشتركة على التوصل إلى اتفاق بشأن المسائل العالقة وأهمها القواعد الحاكمة لملء وتشغيل السد، وذلك على النحو الذي يؤمن لمصر والسودان مصالحهما المائية ويتيح المجال لإثيوبيا لبدء الملء بعد إبرام الاتفاق.

إلى ذلك، شدد على أن مصر دائماً لديها الاستعداد الكامل للتفاوض من أجل ضمان مصالح جميع الأطراف من خلال التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن، مشيرا إلى أنه ومن هذا المنطلق فإن مصر تؤكد أن نجاح تلك العملية يتطلب تعهد كافة الأطراف وإعلانهم بوضوح عن عدم اتخاذ أية إجراءات أحادية، بما في ذلك عدم بدء ملء السد بدون بلورة اتفاق، والعودة الفورية إلى مائدة المفاوضات من أجل التوصل إلى الاتفاق العادل الذي نصبو إليه.

لجنة حكومية

كما أوضح المتحدث الرسمي أنه تم التوافق في ختام القمة على تشكيل لجنة حكومية من الخبراء القانونيين والفنيين من الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، إلى جانب الدول الإفريقية الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الإفريقي، وكذا ممثلو الجهات الدولية المراقبة للعملية التفاوضية، وذلك بهدف الانتهاء من بلورة اتفاق قانوني نهائي ملزم لجميع الأطراف بخصوص قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.

وأكد أنه تم الاتفاق على الامتناع عن القيام بأية إجراءات أحادية، بما في ذلك ملء السد، قبل التوصل إلى هذا الاتفاق، وإرسال خطاب بهذا المضمون إلى مجلس الأمن باعتباره جهة الاختصاص لأخذه في الاعتبار عند انعقاد جلسته لمناقشة قضية سد النهضة يوم الاثنين المقبل.

"لم يتبقّ إلا القليل"

بدوره أكد رئيس وزراء السودان أن القمة الإفريقية اتفقت على تأجيل ملء سد النهضة حتى التوصل إلى اتفاق، مشدداً على ضرورة التوصل لتسوية تحفظ مصالح الدول الثلاث. وقال إن إثيوبيا وافقت على عدم البدء في ملء سد النهضة دون اتفاق.

وقالت الحكومة السودانية في بيان "تم الاتّفاق على أن يتمّ تأجيل ملء الخزّان إلى ما بعد التوقيع على اتّفاق"، مشيرة إلى أنّه تمّ أيضاً الاتفاق على أن "تبدأ مفاوضات على مستوى اللجان الفنية فوراً بغية الوصول إلى اتفاق في غضون أسبوعين".

كما نقل البيان السوداني عن المجتمعين قولهم إنّ "المفاوضات السابقة حلّت ما بين 90 إلى 95% من القضايا ولم يتبقّ إلا القليل الذي سيتحقّق بفضل توفّر الإرادة والعزيمة".

هذا وكانت المفاوضات قد تعثرت خلال اجتماعات الخرطوم الأخيرة، بين وزراء الري والموارد المائية في الدول الثلاثة، وإعلان مصر إحالة الملف لمجلس الأمن بسبب التعنت الإثيوبي.

أكبر سدّ كهرمائي في إفريقيا

يشار إلى أن سدّ النهضة الذي بدأت أديس أبابا ببنائه عام 2011 سيصبح عند إنجازه أكبر سدّ كهرمائي في إفريقيا، لكنّ هذا المشروع الحيوي لإثيوبيا أثار خلافات حادّة بينها وبين كلّ من السودان ومصر اللتين تتقاسمان معها مياه النيل. وعلى الرّغم من أنّ الدول الثلاث دخلت في مفاوضات طويلة حول هذا السدّ، إلا أنّها لم تتمكّن حتّى اليوم من التوصّل لاتّفاق ولا سيّما على قواعد ملء خزّان السدّ وتشغيله.

ففي حين تؤكد إثيوبيا أنّ الكهرباء المتوقّع توليدها من سدّ النهضة، الذي تبنيه على النيل الأزرق، لها أهمية حيوية من أجل الدفع بمشاريع تنموية في البلد الفقير البالغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة. إلا أن مصر تعتبر أنّ السد سيهدّد تدفّق مياه النيل التي ينبع معظمها من النيل الأزرق وقد تكون تداعياته مدمّرة على اقتصادها ومواردها المائية والغذائية.

ومع تعثّر المفاوضات الأسبوع الماضي، أعلنت أديس أبابا عزمها على البدء بمل بحيرة السدّ اعتباراً من تموز/يوليو المقبل، في خطوة ردّت عليها القاهرة بإحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي الذي سيعقد يوم الاثنين (29 يونيو) جلسة جديدة حول هذه القضية بطلب من مصر وبدعوة من الولايات المتحدة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي