"إي روزيتا" يقدم أول خريطة كاملة للسماء بعيون الأشعة السينية

2020-06-21

أكمل التلسكوب الفضائي "إي روزيتا" (eROSITA)، الذي كان قد أُطلق في يوليو/تموز 2019، للتو أول مسح له.

لأشهر عدة، كان التلسكوب إي روزيتا على متن مرصد الفضاء "سبكتر-آر جي" (Spektr-RG) يقوم بمسح السماء بأكملها، وجمعِ الملاحظات لأعمق مسح أُجري للسماء باستخدام أطوال موجات الأشعة السينية.

سماء مختلفة تماما

الآن، تم تجميع كل هذه البيانات في خريطة تحتوي على أكثر من مليون جسم ساطع للأشعة السينية، مما يضاعف عدد هذه الأجسام تقريبا، التي جمعت على مدار 60 عاما من علم الفلك باستخدام الأشعة السينية.

وقال عالم الفيزياء الفلكية بيتر بريدل، الباحث الرئيسي في "إي روزيتا" من معهد ماكس بلانك للفيزياء خارج الأرض (إم بي إي)، "تغيرُ صورة السماء هذه بالكامل الطريقة التي ننظر بها إلى الكون النشط"، مضيفا "نحن نرى مثل هذه الثروة من التفاصيل.. جمال الصور مذهل حقا".

تصدر معظم الأجسام الفلكية أشعة سينية، ولكن بنسب مختلفة إلى أطوال موجة أخرى.

والمعروف أن الأشعة السينية لها أطوال موجة قصيرة جدا، وبالتالي فهي طاقة عالية جدا، تنبعث من الأجسام الأكثر سخونة وحيوية، مثل الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية والمجرات النجمية وبقايا المستعرات الأعظمية.

والأشعة السينية غير مرئية للعين البشرية المجردة، مثل موجات الراديو. لذا، تبدو السماء في الأشعة السينية مختلفة تماما عما نراه عندما ننظر إلى الأعلى ليلا.

 

بيانات 182 يوما

بالإضافة إلى ذلك، وعلى عكس الموجات الراديوية، يتم حظر الأشعة السينية غالبا بواسطة الغلاف الجوي للأرض، لذا فإن الطريقة الوحيدة التي يمكننا دراستها بها هي إرسال التلسكوبات إلى الفضاء.

تم نشر عدد من تلسكوبات الأشعة السينية، ولكن كان آخر مسح للأشعة السينية للسماء كلها قد أجري منذ عقود، من 1990 إلى 1999، بواسطة قمر "روسات" (ROSAT).

يقول فريق إي روزيتا إن خريطة السماء الجديدة التي جمعها التلسكوب الألماني الروسي أعمق أربع مرات من الخريطة المستخرجة من بيانات روسات.

لقد كان عملا شاقا، حيث جمع التلسكوب بيانات 182 يوما، واستغرق كل تعرضٍ ما بين 150 و200 ثانية، بإجمالي 165 غيغابايتا. في كل يوم، كان الفريق يتصل بالقمر الصناعي لربط ما جمعه. ثم كان لا بد من معالجة جميع هذه البيانات الخام وجمعها.

 

   خريطة

أول خريطة

تقول عالمة الفيزياء الفلكية مارا سالفاتو من معهد ماكس بلانك "كنا جميعا ننتظر بفارغ الصبر أول خريطة لكل السماء من إي روزيتا".

"لقد تم بالفعل تغطية مناطق السماء الكبيرة بأطوال موجات أخرى، ولدينا الآن بيانات الأشعة السينية لمطابقتها. نحن بحاجة إلى هذه المسوحات الأخرى لتحديد مصادر الأشعة السينية وفهم طبيعتها".

معظم المصادر في الخريطة -حوالي 77%- عبارة عن ثقوب سوداء فائقة الكتلة تتراكم بنشاط على المواد الموجودة في قلب المجرات، أو ما نسميه نوى المجرة النشطة.

هناك أيضا مجموعات من المجرات تتوهج في الأشعة السينية بسبب الغاز الساخن الذي تعوقه جاذبيتها الجماعية، وهذه تشكل حوالي 2% من الكائنات.

الأشياء الأخرى أقرب كثيرا إلى كوكبنا. داخل مجرة درب التبانة، تشكل النجوم ذات الإكليل الساخن النشط مغناطيسيا 20% من الأجسام.

هذه مجرد بداية

تتألف النسبة المتبقية من مجموعة متنوعة (ثنائيات الأشعة السينية الساطعة، وبقايا المستعرات العظمى، والتوهجات) مثل تلك التي تنبعث من النجوم التي مزقتها الثقوب السوداء.

وتكشف الخريطة أيضا عن بنية الغاز الساخن داخل مجرة درب التبانة، والغاز الذي يحيط بها. إنها ثروة من البيانات التي تفتح بصائرنا على عالم الأشعة السينية. وهي مجرد البداية.

وعلى مدى السنوات القليلة المقبلة، سيجري المرصد سبعة مسوحات أخرى، يتم جمع بياناتها لتشكل معا خريطة شاملة وأكثر حساسية للسماء.

يقول عالم الفيزياء الفلكية كيربال ناندرا من معهد ماكس بلانك "بمليون مصدر في ستة أشهر فقط، أحدث تلسكوب إي روزيتا بالفعل ثورة في علم الفلك بالأشعة السينية، ولكن هذه مجرد تشويقة لما سوف يحدث".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي