رداء الكيمونو في رحلته من كيوتو إلى العالم

2020-05-31

شهد شهر فبراير/شباط الماضي افتتاح معرض فريد من نوعه في متحف "فيكتوريا وألبرت" اللندني الشهير. وهو أول معرض عالمي مخصص بالكامل لرداء الكيمونو، يحمل متابعه في رحلة إلى ماضي هذا الزي الذي تحوّل من رمز للتقاليد اليابانية إلى إحدى القطع الأيقونيّة في عالم الموضة.

انتشار الكيمونو دفع المصممين العالميين إلى الاهتمام بتقديمه، كل وفق رؤيته الخاصة، وكان وراء فكرة هذا المعرض الذي يحمل عنوان "الكيمونو: من كيوتو إلى منصّات عروض الأزياء" Kimono: Kyoto to Catwalk. كان من المقرر أن يستمر هذا المعرض حتى 21 يونيو/حزيران المقبل، ولكنه أقفل أبوابه بعد أسبوعين فقط على افتتاحه بسبب وصول وباء كورونا إلى أوروبا. إعادة افتتاح هذا المعرض قريباً ليست مؤكدة حتى الآن، ولكن يمكنكم القيام برحلة افتراضية في أرجائه عبر 5 فيديوهات تمّ نشرها مؤخراً على صفحة A Museum&V في موقع "يوتيوب".

قصة الكيمونو:

الكيمونو ليس فقط رداءا يابانيا لكنه أيضاً رمز لإحدى أغنى الثقافات التي عرفها الشرق الأقصى. يعود ظهوره إلى العام 1615 عندما كان الرداء اليومي لجميع اليابانيين رجالاً ونساءً بمختلف طبقاتهم. عرفت تلك الفترة من التاريخ استقراراً سياسياً وتطوراً اقتصادياً سريعاً في المدن اليابانية، وقد اجتمعت التجارة مع حسّ الابتكار في مدينة أوساكا لخلق ظروف مؤاتية لتحويل الموضة إلى أحد أبرز القطاعات الاجتماعية والاقتصادية وجعل الكيمونو يحتل مكانة أساسية في حياة الناس.

خروجه إلى العالم:

حتى العام 1868 بقي اليابان بلداً منغلقاً على نفسه وكانت علاقاته مع الخارج محدودة جداً رغم وجود ديناميكية عالمية للتبادل الثقافي مع أوروبا. وكانت شركة الهند الشرقية الهولنديّة أول من نقل قماش وتصاميم الكيمونو إلى أوروبا، فساهمت في انتشار هذه القطعة التقليدية وأدخلت عليها بعض التعديلات لتتناسب مع المتطلبات الجديدة.

في نهاية القرن التاسع عشر بدأ انفتاح اليابان على العالم. وقد شهدت صناعة النسيج تطوراً كبيراً وأصبحت الموضة في متناول الجميع. وساعد تطوّر التجارة اليابانيين على ابتكار أزياء معدّة خصيصاً للتصدير، ولكنهم لم يتمكنوا بمفردهم من تلبية الطلبات المزايدة عالمياً على الكيمونو فطلبوا مساعدة الهند التي قامت بتنفيذ أنواع من الكيمونو القطني معدّة خصيصاً للتصدير.

برز تأثر الموضة العالمية بالكيمونو مع بداية القرن العشرين، أما في اليابان فتبنّت النخبة اليابانية نمطاً غربياً في الأزياء يجسّد الحداثة والانفتاح. وقد تحوّل الرجال اليابانيون خلال هذه الفترة إلى ارتداء البدلة وبقيت النساء حارسات لتقليد ارتداء الكيمونو. ولكن خلال الحرب العالمية الثانية اقتصر ارتداء الكيمونو على المناسبات فقط وأصبح رمزاً لبلد يتعايش فيه الماضي والمستقبل في وئام. ولعل هذه الميزة الفريدة هي ما يفسّر بقاء موضة الكيمونو حتى اليوم.

الكيمونو برؤية جديدة:

شكّلت خمسينيّات القرن الماضي بداية مرحلة جديدة بالنسبة لرداء الكيمونو، بعد أن تبنّاه العديد من المصممين العالميين وأعادوا تقديمه كل برؤيته الخاصة التي أضافت عليه لمسات جديدة. وهذا ما يظهر جلياً في تصاميم الكيمونو المعروضة في متحف "فيكتوريا وألبرت" والتي تحمل توقيع بول بواريه وجون غاليانو لدار Dior أو توم براون، وإيف سان لوران، ويوجي ياماموتو، وقد شكل الكيمونو مصدر وحي للمصمم جان بول غوتييه في أحد تصاميمه الشهيرة للنجمة مادونا.

ظهر تأثير هذه القطعة من الأزياء أيضاً في السينما الهوليوودية حيث برزت في العديد من الأفلام، منها: "حرب النجوم" و"مذكرات غيشا" كما تبنّى بعض المغنّين هذا الرداء في إطلالاتهم ومنهم المغني البريطاني فريدي مركوري والمغنية الأيسلندية بجورك التي ظهرت بكيمونو يحمل توقيع المصمم ألكسندر ماكوين على غلاف أحد أشهر ألبوماتها الغنائية.

أما الفنان الذي ساهم بشكل كبير بانتشار رداء الكيمونو على الصعيد العالمي فهو يوشيكي، أحد أشهر نجوم الروك الآسيويين. فقد أطلق منذ حوالي 10 سنوات تصاميمه الخاصة من الكيمونو تحت اسم Yoshikimono وشارك بعروض خلال أسبوع طوكيو للموضة بهدف تعريف العالم على هذا الزي التقليدي.

يُشكل معرض الكيمونو في متحف "فيكتوريا وألبرت" دليلاً بارزاً على التأثير العالمي لرداء الكيمونو، الذي استطاع الانتقال من ثقافة القرن السابع عشر إلى عروضنا المعاصرة بتأثيره الثقافي وخصائصه الجماليّة مما يجعله يحتلّ مكانة مميّزة في تاريخ الموضة. وقد سعى متحف "فيكتوريا وألبرت" منذ تأسيسه في العام 1852 إلى جمع قطع من الفن والتصميم الياباني، من بينها مجموعة مهمة جداً من الأزياء والأنسجة اليابانية. ومن الممكن الاطلاع عليها بشكل افتراضي على الموقع الخاص بالمتحف على شبكة الإنترنت.

 

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي