غيّر وباء كورونا حياتنا بشكل غير مسبوق، وترك آثاره في كل أنحاء العالم، مما أدى إلى أمور لم تكن معتادة من قبل، مثل أن تقدم دمى المساعدة لزبائن المطاعم، وأن يعزف أفراد الأوركسترا بالكمامات، وأن يشارك الناس في حفلة موسيقية بالسيارات.
نبدأ من العاصمة الليتوانية فيلنيوس، حيث استعان بعض أصحاب المطاعم بدمى ترتدي قبعات مهرجين وملابس راقية للجلوس على المقاعد من أجل إقناع الزبائن بالعودة إليها، بعد رفع إجراءات العزل العام بسبب فيروس كورونا، ومساعدتهم في الوقت نفسه على اتباع قواعد التباعد الاجتماعي وهم خارج منازلهم.
وقال بيرني تير براك إنه لجأ لهذه الفكرة بعدما هاله منظر خواء مطعمه الذي أعاد فتحه في البلدة القديمة بالعاصمة فيلنيوس.
وحتى عندما بدأ زبائن المطعم العودة إليه كان على صاحبه الالتزام بالقيود والحفاظ على مسافات فاصلة بين الطاولات، مما أفسد المنظر العام داخل المطعم.
لذلك لجأ تير براك للاستعانة بمصممين محليين، وطلب منهم تصميم ملابس لبعض دمى عرض الأزياء، ووضعها على مقاعد الطاولات التي ينبغي أن تظل خالية طبقا لقواعد التباعد الاجتماعي.
وقال تير براك لرويترز "عندما وضعنا كل الدمى في أماكنها، شعرت على الفور كأن المطعم كامل العدد، وكان لذلك تأثير أفضل، وشعرنا بأن الأمر على ما يرام".
وشجع تير براك المقاهي والمطاعم الأخرى على الانضمام لمبادرته بهدف إنعاش قطاع المطاعم بأكمله. وسيتم توزيع ستين دمية على 14 مطعما في البلدة على مدى الأسبوعين المقبلين.
أوركسترا
ننتقل إلى العاصمة الأوكرانية كييف، حيث قام الأوركسترا السيمفوني التابع للإذاعة الأوكرانية بتسجيل أول حفل للتلفزيون والإذاعة والمنصات الإلكترونية منذ أن تم تخفيف إجراءات العزل العام بشكل جزئي في أوائل مايو/أيار الجاري.
ووضع العازفون كمامات يتماشى لونها مع الأزياء السوداء التي يرتدونها. وقال المدير الفني للأوركسترا فولوديمير شيكو إنه على الرغم من أن كل اثنين من العازفين يتشاركان عادة في حامل واحد "للنوتة" الموسيقية، فقد التزم الجميع بقواعد التباعد الاجتماعي، وإن كان لهذا تأثير على أداء الأوركسترا.
وأضاف شيكو "الأمر صعب الآن لأن كل واحد منهما لا يشعر بحركة كتف زميله، لا يشعر بمرفق الصديق، بعض التواصل قُطع بسبب بُعد المسافة وبسبب الكمامات أيضا، حيث تظهر بعض التعبيرات غير المقصودة على الوجوه خلال العرض ويتفاعل العازفون معها".
وقال شيكو إن صناعة الموسيقى تمر بحالة من الجمود بسبب الوضع الحالي.
وأضاف "تعيش فرق موسيقية عديدة على مبيعات التذاكر؛ كل الفرق الموسيقية التجارية والمؤسسات التجارية وحتى قاعات الموسيقى التي لا تغطي ميزانية الدولة تكاليفها بالكامل". وقال "هذا هو سبب المشكلة. إنها مشكلة الخسارة، خسائر وطنية لأنه لا توجد أمة من دون ثقافة".
في السيارات
ختاما، نذهب إلى سيدني في أستراليا، حيث قدمت المغنية وكاتبة الأغاني كيسي دونوفان عرضا موسيقيا مجانيا على منصة يوم الخميس، مما منح معجبيها فرصة للاستمتاع بأحد أوائل العروض الموسيقية المباشرة لأول مرة منذ شهور، لكن تعين على الجميع البقاء في السيارات لمشاهدة الحفل.
وبدأ رواج الحفلات الموسيقية التي تقدم لجمهور السيارات، مما يتيح للفنانين التواصل مع الجمهور فعليا مع الحفاظ -في الوقت نفسه- على التباعد الاجتماعي خلال جائحة فيروس كورونا.
وقدمت دونوفان -التي اشتهرت بعدما فازت في برنامج أستراليان أيدول قبل أكثر من عشرة أعوام- العرض في ساحة سيارات تضم نحو أربعين سيارة يستقلها الجمهور.
وللحفاظ على التباعد الاجتماعي، لا يسمح للجمهور بمغادرة سياراتهم، لكن يمكنهم الاستماع للحفل عبر موجة "إف.م" فائقة التردد على أجهزة الراديو في السيارات للحصول على صوت عالي النقاء، أو إنزال النوافذ والاستماع مباشرة عبرها.
وبدل التصفيق، يستخدم الجمهور أبواق السيارات لتحية الفنانين.
وتعتزم شركة "درايف-إن إنترتينمنت أستراليا" -التي نظمت الحفل- تقديم المزيد من العروض الموسيقية في ساحات انتظار السيارات خلال الشهور المقبلة، كي يتسنى للمزيد من الأشخاص الحضور، مع استمرار تخفيف إجراءات العزل العام التي طبقتها الحكومة لمواجهة مرض كوفيد-19.