كيف تنقل السلسلة الغذائية الزئبق السام من الماء إلى اليابسة؟

2020-05-19

يعتبر الزئبق ملوثا بيئيا عالميا، لأنه سم عصبي فعال يمكنه أن يضر بالبشر والحياة البرية، وقد اهتمت العديد من الدراسات السابقة بمعرفة مدى تراكم الزئبق داخل أجسام الحيوانات.

غير أن أحدا لم يفهم المسارات التي يسلكها الزئبق عبر شبكات الغذاء وصولا إلى قمة المفترسات مثل الأسماك والطيور، وكيف يمكن لهذه المسارات أن تتغير جراء الاضطرابات البيئية الكبيرة مثل الفيضانات.

لذا قامت دراسة جديدة نشرت في دورية "ساينس أدفانسز" في 15 مايو/أيار الجاري بتتبع مسارات الزئبق عبر شبكات الغذاء المائية ومنها إلى اليابسة.

مسارات الزئبق

ينقل موقع "فيز.أورغ" أهمية هذه الدراسة فيما وصفته إيما روزي عالمة البيئة المائية في معهد كاري والمؤلفة المشاركة في الدراسة، قائلة "دمجنا البيانات المتعلقة بتركيزات الزئبق في البيئة المائية مع ما نعرفه جيدا عن شبكات الغذاء، وهو ما مكننا من الكشف عن كيفية سريان الزئبق خلال النظام البيئي، وجدنا أن الفيضانات وبعض الكائنات الدخيلة هما العاملان المؤثران على تدفق هذا الملوث المقلق عالميا".

تحدد سمات المخلوقات التي تعيش في أي نظام بيئي، وما تأكله وما يأكلها، الكيفية التي تتحرك بها الملوثات. ونادرا ما قام العلماء بتضمين مثل هذه العوامل أثناء دراسة حركة الملوثات ومصائرها. لذا فإن "الجمع بين تركيزات الملوثات وما نعرفه جيدا عن شبكات الغذاء قد يحسن من قدرتنا على إدارة هذه الملوثات خلال النظم البيئية".

 حلزون الوحل النيوزيلندي من أهم اللافقاريات السائدة في نهر كولورادو

آلية الدراسة

حدد الباحثون الشبكات الغذائية المعتمدة على الزئبق في ستة مواقع ممتدة بطول 362 كيلومترا على نهر كولورادو بالولايات المتحدة. وتم جمع عينات لشبكة الغذاء بشكل موسمي على مدى عامين في كل موقع.

اختلف تعقيد شبكة الغذاء عبر مواقع الدراسة الستة، فقرب سد وادي غلين كانت الأنواع أقل، ومن ثم كانت اتصالات الشبكة الغذائية أقل، بينما كان مصب النهر غنيا بالأنواع.

كانت الحشرات (مثل الهاموش والذلفاوات) وحلزون الوحل النيوزيلندي -الدخيل- من أهم اللافقاريات السائدة في النهر، إذ إن لهذه الحيوانات دورا مهما في نقل الطاقة والملوثات من قاع الشبكة الغذائية إلى الأسماك المفترسة المترئسة قمة الشبكة الغذائية.

وحدد الباحثون محتويات معدة اللافقاريات والأسماك لمعرفة ما أكلته وكميته، كما تم تحليل الطحالب والمخلفات وبعض الحيوانات لمعرفة تركيزات الزئبق، ومنهما قدر الفريق كمية الزئبق التي استهلكتها الحيوانات على مدار العام.

 الذلفاوات اليافعة تنقل الزئبق السام من النهر إلى البر

من البحر إلى البر

مثلت الطحالب وجسيمات المخلفات الدقيقة 80% من نسبة الزئبق المتدفقة إلى اللافقاريات، كما هيمن حلزون الوحل -الدخيل- على شبكة الغذاء في المواقع القريبة إلى السد.

ولأن أسماك السلمون المرقَّط -الأسماك الوحيدة الموجودة في هذا الجزء من النهر- غير قادرة على هضم حلزون الوحل، فإن الزئبق لم يرتفع إلى قمة السلسلة الغذائية في هذا المكان. ومن ثم فإن الزئبق يعاد مرة أخرى إلى شبكة الغذاء النهرية بمجرد موت الحلزونات هناك.

وتعتبر يرقات الذلفاوات مصدر ما بين 56% و80% من الزئبق المتدفق إلى الأسماك، وهذه الحشرة -التي تحتوي على أعلى نسبة تلوث بالزئبق مقارنة باللافقاريات الأخرى- هي الفريسة المفضلة لأسماك السلمون المُرقَّط.

فعندما تحاول هذه الذبابة الهرب من الافتراس، ينتقل الزئبق من النهر إلى البر، وبالتالي تعرض بعض المفترسات الأرضية -مثل الطيور والخفافيش- إلى الزئبق.

 تنوع الكائنات كان أقل بالقرب من سد وادي غلين

الفيضانات وتأثيرها

أثناء إطلاق السد الذي كان مخططا له بعد عام على أخذ العينات، غُمِرَت مواقع الدراسة، واستكشف الفريق آثار الفيضانات على حركة الزئبق في شبكات الغذاء هناك. ففي المواقع القريبة من السد جرفت الفيضانات أعدادا كبيرة من حلزون الوحل وأدت إلى زيادة أعداد الذلفاوات هناك.

وهو ما يعني أن كمية كبيرة من الزئبق قد تراكمت بداخل السلمون المرقط إثر التهامه ليرقات الذلفاوات. بينما انتقل القليل من نسب الزئبق تلك إلى اليابسة فور هروب بعض من الحشرات إلى البر، بينما لم يلاحظ أي تغير في شبكات الغذاء الأكثر تعقيدا عند مصب النهر.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة ديفيد والترز إن "فهم العوامل التي تتحكم في حركة الزئبق عبر شبكات الغذاء يمكن أن يساعد مديري الموارد على حماية النظم البيئية المعرضة للتلوث بالزئبق".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي