أوريان 21: لهذه الأسباب.. مهمة شبه مستحيلة تنتظر الكاظمي

2020-05-13

مع دخول العراق شهره الثامن من الاحتجاجات الشعبية، تمكنت النخب السياسية من الاتفاق على تقسيم الحقائب الوزارية، فاتحة الباب أمام حكومة غير نمطية، وهذا يجب ألا يحجب حقيقة أن مصالح الأحزاب الرئيسية قد أُخذت في الاعتبار من أجل الوصول إلى هذه النتيجة؛ هكذا لخص موقع أوريان 21 الفرنسي في مقال المشهد العراقي الحالي.

ويقول النائب سركوت شمس عضو الائتلاف المستقل في البرلمان، إن مصطفى الكاظمي -الذي تمكن في أقل من شهر من تمرير حكومته- أعاد أخطاء سابقيه فيما يتعلق بتقاسم الحقائب الوزارية بين الأحزاب، حيث إن العديد من المستقلين والتكنوقراط الذين عينهم الكاظمي تسيطر عليهم الأحزاب السياسية.

وأشار إلى أن الحكومة بشكل عام تم تقاسمها بين الصدريين ومجموعة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكردستاني.

واعتبر المقال أنه ليس من المستغرب أن تتفاوض الطبقة السياسية من أجل بقائها، ولو لم تطمئن على مصالحها لأعاقت تشكيل الحكومة، ولذلك توصلت إلى توافق لكسر الجمود السياسي والحصول على فترة راحة، في حين أن المواجهة بين إيران والولايات المتحدة بعيدة عن الحل.

ويقول عضو حزب كومال الكردي أحمد الحاج إنهم قاطعوا جلسة تشكيل الحكومية في بغداد، لأن الكاظمي اتفق مسبقا مع أصحاب النفوذ السياسي الكبير دون مراعاة الجهات الأخرى في البرلمان.

أعمال ضخمة

وتنتظر حكومة الكاظمي مهمة ضخمة في بلد يوشك أن ينهار تحت عدة تهديدات، لأن تجدد هجمات تنظيم الدولة الإسلامية ووباء كورونا والشلل الاقتصادي والتنافس بين إيران والولايات المتحدة، كلها تحديات يجب التغلب عليها مع استئناف المظاهرات في بغداد للضغط على الحكومة.

ومع أن الكاظمي أعلن أن إنصاف ضحايا الاحتجاجات وإنعاش الاقتصاد هما أهم أولوياته، فإن الأولوية بالنسبة للمتظاهرين لا تزال تشكيل حكومة غير خاضعة للأحزاب السياسية، رغم الارتياح لقرار الكاظمي الأخير بإخلاء سبيل المعتقلين خلال المظاهرات الشعبية منذ أكتوبر/تشرين الأول.

ولكن استقلال الكاظمي يمكن أن يتحول إلى نقطة ضعف، لأنه لا شيء يضمن أن الانسجام سيسود في بغداد خلال فترة ولايته، خاصة أن ذلك مرتبط بمدى رضا الجهات السياسية المؤثرة التي تحتفظ بهامش كبير من المناورة لخدمة مصالحها.

ويرى إروين فان فين الباحث في معهد كلينغندايل، أن "اللعبة تقوم على وضع رئيس وزراء ضعيف في السلطة، لكي لا يستطيع استخدام سلطاته بنفس الطريقة التي تمكن بها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي من إدامة قبضته على الحكومة من خلال شبكة عميقة في الدولة".

بين الداخل والخارج

ويرى المقال أن مهمة رئيس الوزراء الشاقة تنطلق في بيئة متوترة، يواجه فيها -بالإضافة إلى حركة الاحتجاج في البلاد- التنافس بين إيران والولايات المتحدة الذي لم يتوقف عن إثارة الاضطرابات، بعد أن كاد اغتيال واشنطن للقائد الإيراني قاسم سليماني والعراقي أبو مهدي المهندس أن يغرق البلد في حرب دموية جديدة بالوكالة.

ومنذ ذلك الحين -كما يقول الموقع- يثير صعود وهبوط هذا التنافس مخاوف من إطلاق العنان للعنف في كل لحظة، في وقت تحاول فيه هاتان الدولتان إعادة تشكيل نفوذهما في العراق، حيث إن إيران اليوم حاضرة أكثر بكثير من الولايات المتحدة التي انتعش نفوذها أثناء القتال ضد تنظيم الدولة.

ويقول إروين فان فين إن الإيرانيين اخترقوا النظام السياسي والاقتصادي العراقي على جميع المستويات تقريبا، ولديهم هناك مليشيات قوية "وهم قادرون على إحداث صراع في العراق من شأنه أن يفيدهم على المدى الطويل".

ومع ذلك، يقال إن المرجع الديني العراقي آية الله السيستاني ساعد في انسحاب معظم المليشيات غير التابعة لإيران من الحشد الشعبي، لتكون تحت أوامر رئيس الوزراء، خاصة الفرقة الذهبية التي كان يقودها سابقا عبد الوهاب السعدي.

وخلص المقال إلى أن الخلاف يشتد بين أنصار استقلال العراق بقراره، والكتلة التي تخدم مصالح إيران.

اقتصاد وصحة وأمن

ومع هذا التوازن الهش، فإن الشعب العراقي يغرق في البؤس ويعاني العبء الأكبر للأزمة الاقتصادية والصحية المزدوجة.

ومع أن وباء كورون لم يعث في العراق كما عاث في أوروبا وأميركا، فإن تسجيل نحو ثلاثة آلاف إصابة و110 وفيات، لا يعكس الواقع الحقيقي مع غياب فحص شامل.

ومن المفارقات، أن التدابير الوقائية ضد كورونا كان لها أكبر أثر على العراقيين، بحيث توقف الاقتصاد غير الرسمي الذي يعيش عليه ملايين العمال، إضافة إلى أن انخفاض أسعار النفط سيكون له بالغ التأثير على الدولة وعائدات ميزانيتها.

وعن الحوار الإستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق المزمع إجراؤه في يونيو/حزيران المقبل، أشار المقال إلى أن بغداد ليست على وشك إنهاء تعاونها الإستراتيجي مع واشنطن، وأن القوات الأميركية ستبقى في البلاد ولكن بأعداد أقل.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي