التايمز: هل خلاف بشار الأسد مع رامي مخلوف مجرد حيلة؟

2020-05-12

في تقرير لمراسل صحيفة “التايمز” لشؤون الشرق الأوسط، ريتشارد سبنسر، قال إن منفيا سوريا يعرف طبيعة الخلافات داخل العائلة الحاكمة في سوريا قدم بعض التعليقات حول خلاف الرئيس بشار الأسد مع رجل الأعمال رامي مخلوف. وجاء فيه أن ربال الأسد ليس غريبا على الجدل الذي يتحول لعنف داخل عائلة الأسد، فقد اختلف في صغره مع ابنه عمه بشار خارج مطعم في دمشق وانتهى به الأمر محتجزا من جنود لوحوا بأسلحتهم.

وعليه فيمكنه الحديث وبمرجعية عن الخلاف بين الرئيس الأسد وابن خاله مخلوف الذي كان يعتبر مرة “صراف النظام”.

وقد تجاهل الإعلام الرسمي الخلاف الذي أثار دهشة أعداء وأصدقاء النظام على حد سواء. ويأتي الخلاف بعد لهجة انتقاد حادة لنظام الأسد من أهم حليف وداعم له وهي روسيا وسط خلافات بينه وبين الرئيس فلاديمير بوتين حول الكيفية التي يجب أن تنتهي فيها الحرب الأهلية ومن ثم إعادة بناء البلاد. وهناك من يشك في محاولة رامي مخلوف استغلال حالة الغموض والوصول إلى السلطة. ولو كان هذا الكلام صحيحا فسيكون خطأ، كما يقول ربال الأسد، 44 عاما، الذي قال للصحيفة: “هناك من اختفى لأن النظام اعتقد بأنهم يمثلون تهديدا عليهم”، مضيفا: “خرج هذا الرجل (رامي) وتحدث بأمور تهديدية، والتحدث بهذه الطريقة في بلد غربي قد يكون عاديا، أما في سوريا؟ في سوريا لن يقبلوا أبدا هذه الطريقة في الكلام”.

ويعلق الكاتب أن كلام مخلوف الذي نشره في تسجيلي فيديو على صفحته في فيسبوك صدم السوريين، خاصة أنه استهدف به الرئيس بشار، 54 عاما، وهذا كلام غير معهود حتى من أحد الأقارب.

ففي تسجيل فيديو ظهر جالسا في غرفة جدرانها حجرية مليئة لأسباب غير معروفة بالسجلات، حيث تحدى “سيادته” بشأن مطالب النظام له بدفع الضرائب.

وانتشرت شائعات في المنطقة أن مخلوف (50 عاما) لم يعد مناسبا للنظام الذي حجز على جزء من إمبراطوريته، بما فيها سيرياتل، التي تعد أهم شركة موبايل في البلاد. إلا أن الطريقة التي تحدث فيها مخلوف عن إحاطة الرئيس نفسه بمجموعة جديدة من الذين أثروا وملأوا جيوبهم بالمال فيها لهجة تحريض لا يمكن تعليلها، خاصة أن والد ربال، رفعت الأسد، 82 عاما والذي ساعد شقيقه حافظ الأسد على الوصول إلى السلطة عام 1970 واختلف معه بداية الثمانينات من القرن الماضي، يقضي وقته اليوم ما بين باريس ولندن. ومات حافظ عام 2000 مخلفا ابنه بشار لقيادة بلد حكمه بالحديد والنار.

ومع بدء محاولات بشار تحرير اقتصاد البلاد، كان مخلوف هو المستفيد الأول من هذه الجهود حيث بنى إمبراطورية مالية تقدر بخمسة مليارات دولار، لكنه في الفيديو قال إنه لا يستطيع دفع مبلغ متواضع طلبه منه وهو 230 مليون دولار. ويعلق ربال: “هذا مبلغ ضخم لكن لرجل يحصل على عائدات سيرياتل وشركة النفط وغير ذلك”. وتحدث الصحافي مع ربال بالهاتف حيث يعيش الآن في إسبانيا، وأضاف: “لم يمنحوه هذا المال لكي يحتفظ به لنفسه، فقد حصل عليه لسبب، ولا يستطيع الرفض لو طلبوا منه 200 مليون دولار الآن، فهذا غير منطقي”. وهو ليس الوحيد الذي يسأل هذا السؤال، فقد أدت محاولة مخلوف تحدي ابن خالته القوي إلى ظهور عدد من النظريات.

واحدة منها أنها مجرد “حيلة” لكي يظهر أن الرئيس متشدد في مكافحة الفساد حتى مع أقاربه. وهناك نظرية أخرى تربط الخلاف بالمقالات التي ظهرت فجأة في الإعلام الروسي وكشفت عن خيبة بوتين من الرئيس الأسد. وناقش كتاب المقالات هذه أن النظام فاسد وعنيف ولا يمكن إصلاحه، وهو ما تحدثت عنه المعارضة السورية منذ سنين. وكتب سفير روسي سابق: “لقد أصبح من الواضح أن النظام متردد أو غير قادر على تطوير نظام حكم يستطيع تخفيف الفساد والجريمة”.

هل فكر الروس بدعم مخلوف أو أنه ظن بأن الروس سيدعمونه؟

الجواب على هذا يأتي من تجربة ربال الذي قال إن العائلة تعيش مشاجرات دائمة، وكان عمره تسعة أعوام عندما خرج مع عائلته إلى المنفى بعد سقوط والده من علو، وسط اتهامات بترتيب انقلاب ضد شقيقه حافظ. ولكن ربال عاش سنوات في سوريا حتى مواجهة عام 1994 في دمشق، “لقد تحدث معي بطريقة سيئة ورددت عليه”، يقول عن بشار. ثم وصف كيف حضر جنود أطلقوا النار في الهواء عندما كان يحاول ركوب طائرة والسفر وأجبروه على تسليم نفسه. وأفرج عنه إلا أن المشاجرات لم تنته في العائلة.

ففي عام 1999 أطلق ماهر الأسد النار على زوج أخته بشرى، آصف شوكت، وأصابه في بطنه. ونجا شوكت من الحادث وظل يخدم النظام حتى مقتله عام 2012. ولا يزال رفعت يعيش في باريس ولكن ولدين وابنتين من أبنائه الـ 16 لا يزالون في سوريا، وبعيدا عن السياسة، ومعظمهم بعيد عن الأضواء بشكل ترك ربال كمتحدث باسم العائلة. ولكنه لم يسلك طريقا في السياسة رغم مواقفه المؤيدة للغرب، فحياة العائلة في دمشق لن يختارها أي رجل عاقل. ويقول إن الحقيقة حول محاولات مخلوف الخروج للعلن يمكن اكتشافها لاحقا عندما نعرف إن كان ميتا أو حيا.

ومن غير المحتمل أن يكون مخلوف مرشحا جادا للسلطة خاصة أن ثروته شوهته. وبعيدا عن فساده وعلاقته المزعومة مع تجارة المخدرات فإن ابنه محمد أخذ في الفترة الأخيرة باستخدام إنستغرام للتباهي بالثروة والسيارات الرياضية وطائرة خاصة، ونشر صوره في دبي حيث يعيش على إنستغرام. ولا يعتبر خلاف العائلة دليلا على ضعف الرئيس الأسد، فقد نجا والده من معارضة رفعت الذي كان يقود فرقة في الجيش. وهناك من يعتقد أن ثقة الرئيس في تحدي حامل حقيبة مال النظام والروس أيضا دليل على شعوره بالأمن.

ويرى ربال: “هذا زيف كله” و”ما لم يضعوا مخلوف في السجن، فسيكون كل هذا زيفا”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي