لم تفرض حظراً أو إغلاقاً كاملاً.. كيف احتوت هونغ كونغ ثاني موجة تفشٍّ لكورونا؟

2020-05-05

كانت هونغ كونغ قد بدأت تتخلى عن حذرها في أواخر فبراير/شباط حين عصفت بها الموجة الثانية من تفشي فيروس كورونا المستجد.  ويبدو أنَّ تلك الموجة الثانية مرَّت في أغلبها، إذ لم تُسجِل هونغ كونغ حالة إصابة محلية واحدة منذ أكثر من أسبوعين، وتبدأ المدينة استئناف الحياة الطبيعية بحذر.

ويعرض نجاح هونغ كونغ في تجاوز موجات تفشي الفيروس دروساً صعبة للمدن الأخرى في أنحاء العالم التي تتطلع لتخفيف القيود المفروضة بسبب تفشي الفيروس، كما تقول شبكة CNN الأمريكية.

كيف احتوت هونغ كونغ الموجة الثانية؟   

في هونغ كونغ، وصل الذعر العام بسبب الفيروس لذروته في أوائل فبراير/شباط، لكن عدد الإصابات الفعلي ظل منخفضاً نسبياً؛ فبحلول بداية مارس/آذار، لم تكن المدينة قد سجلت سوى 150 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، بالرغم من حدودها المشتركة مع الصين حيث ظهر الفيروس للمرة الأولى.    

ثم مع انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد لخارج حدود الصين وصولاً إلى الغرب، وما تلاه من إغلاق الجامعات ودق ناقوس الخطر، بدأ الطلاب والسكان يعودون بأعداد كبيرة إلى منازلهم في هونغ كونغ، وجلبوا معهم الفيروس. وبنهاية الشهر، ارتفع عدد الإصابات لأكثر من 700. 

واتخذت الحكومة إجراءات سريعة وحازمة للحد من موجة التفشي الثانية القادمة من الخارج، إذ منعت غير المقيمين من دخول المدينة، وأوقفت المسافرين من المرور عبر مطار المدينة، وفرضت إجراءات الحجر الصحي والفحوصات الصارمة على جميع الوافدين إلى المدينة. ومُنِح الأشخاص الخاضعون للحجر الصحي المنزلي أساور إلكترونية لتتبع مواقعهم.

إلى جانب ذلك، فرضت الحكومة قيوداً مثل حظر مبيعات الكحول في الحانات وإغلاق جميع الصالات والمنشآت الرياضية. وأغلقت العديد من المطاعم والمقاهي، وكان على تلك التي بقيت مفتوحة أن تُقلِل من سعة المقاعد لزيادة المسافة بين العملاء، أو وضع حواجز مادية بين الطاولات.

وعلى الرغم من أنَّ البعض اعتبر العديد من هذه التدابير صارمة، لم تأمر السلطات قط بفرض حالة إغلاق رسمي أو ببقاء المواطنين في المنزل، لكن اعتمدت بدلاً من ذلك على جهود المجتمع والتزام الناس لاحتواء الفيروس.

ويبدو أنَّ هذا النهج قد نجح، إذ انخفض عدد حالات الإصابة اليومية الجديدة مرة أخرى. وسُجلَت آخر حالة عدوى محلية في 19 أبريل/نيسان.

عودة حذرة للحياة الطبيعية

والآن، وبعد احتواء أغلب موجة التفشي الثانية، يتوق الكثيرون للعودة إلى الحياة كما كانت قبل الجائحة.

لذا تصب الحكومة والجماهير الآن تركيزهما على الاستئناف الحذر للحياة والأعمال في المدينة، والانتقال من البقاء على محاولة قيد الحياة إلى التعافي.

وقال كريستوفر هوي، سكرتير الخدمات المالية والخزانة في هونغ كونكغ، في 2 مايو/أيار: “أعتقد أنَّ الأولوية القصوى الآن هي لإنعاش الاقتصاد؛ لأننا في النهاية خضعنا للكثير من القيود على كل ما يمكن تخيله خلال الشهور القليلة الماضية بسبب كوفيد-19”.

وفي هذا السياق، أعادت الحكومة، في يوم الإثنين 4 مايو/أيار، فتح الأماكن الترفيهية والرياضية مثل ملاعب التنس، واستأنفت بعض الخدمات مثل اختبارات رخصة القيادة والدروس، وكذلك الخدمات المجتمعية للفئات الضعيفة مثل المعاقين والمسنين.

وسيُسمح أيضاً بإعادة فتح بعض الأعمال مثل مراكز اللياقة البدنية وصالونات التجميل وصالونات التدليك والحانات، وإن كان ذلك وفق قيود مثل وضع حد أقصى لعدد العملاء.

وسيعاد أيضاً فتح المدارس تدريجياً اعتباراً من 27 مايو/أيار، مع عودة الطلاب إلى الفصول الدراسية على دفعات ومراحل متدرجة.

وقد استقبل الجمهور هذا التخفيف من القيود بتأييد كامل مع قرب فصل الصيف، إذ شهدت عطلتا نهاية الأسبوع الماضيتان تكدس الأشخاص في الشواطئ ومسارات المشي والمخيمات. وامتلأت المطاعم مرة أخرى، وشوهد بعضها تقف أمامها طوابير، بينما انهال على البعض الآخر حجوزات تستمر لأسابيع مقبلة. لقد كانت ثلاثة أشهر طويلة ومرهقة من التعامل مع الجائحة، ويتوق الناس الآن إلى التحرك بحرية.

الاسترخاء التام

لكن خبراء طبيين في المدينة يحذرون السكان من الاسترخاء التام. وقال الدكتور تشوانغ شوك كوان، من مركز الحماية الصحية، يوم الإثنين 4 مايو/أيار، إنه من السابق لأوانه القول إنَّ انتقال العدوى محلياً توقف بالكامل.

وأضاف تشوانغ أنه بما أنَّ فترة حضانة الفيروس تصل إلى 14 يوماً، فإن السلطات ستحتاج إلى مرور فترتي حضانة كاملتين (28 يوماً) بدون عدوى للإعلان عن نهاية انتقال الفيروس محلياً.

وهناك قلق آخر يلوح في الأفق، وهو عودة الاضطرابات الاجتماعية. فقد زلزل المدينة 6 أشهر من الاحتجاجات العنيفة المؤيدة للديمقراطية في عام 2019، التي توقفت خلال الجائحة. لكن تظهر إشارات حالياً على أنه مع تراجع خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد، يتأهب المتظاهرون للعودة إلى الشوارع.

إذ قالت رئيسة هونغ كونغ التنفيذية كاري لام، في منشور على فيسبوك الأسبوع الماضي: “لم تشهد هونغ كونغ على الإطلاق أية حالات إصابة بفيروس كورونا المستجد. في الوقت الحالي نحن قادرون على التصدي للجائحة… وتمكنت هونغ كونغ من تحمل الشتاء القارس، لكنني قلقة من أنها قد تكون غير قادرة على الصمود أمام عودة العنف بسبب الدمار المستمر الناجم عن السياسة”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي