
لجأت الصين الى الرد على الانتقادات الدولية التي طالتها بسبب سوء إدارتها الأوّلية لأزمة فيروس كورونا، الأمر الذي ساعد على تفشّي الجائحة بأنحاء العالم إذ مزجت المساعدات الطبّية المقدّمة للبلدان الأخرى بالخطاب القومي الحاد، وخلطت مطالب العرفان والامتنان بالتهديدات الاقتصادية.
هذه السياسة الجديدة التي لجأت إليها الصين، لمواجهة الانتقادات لم تصبّ سوى في بوتقة ردود الفعل السلبية وحالة انعدام الثقة المتنامية في الصين بأوروبا وإفريقيا، مما يقوّض بالتبعية الصورة التي ترغب الصين في الظهور عليها كطرفٍ فاعلٍ سخيّ على الصعيد العالمي، وفق تقرير نشرته صحيفة New York Times الأمريكية.
نهج شرس: التقرير يقول إنه حتّى قبل أزمة فيروس كورونا، أبدت بكين نهجاً شرساً للعلاقات العامّة؛ متمثّلاً في أسلوب عدواني يُعرف باسم دبلوماسية “المحارب الذئب”، تيمّناً باسمي فيلمين صينيين مغاليين في الوطنية تميّزهما حبكات الشر والزوال المُلتهِب للمرتزقة الأجانب بقيادة الولايات المتحدة.
وبتشجيع صريح من الرئيس شي جين بينغ وإدارة الدعاية التي تتمتّع بنفوذ كبير وتتبع الحزب الشيوعي الصيني، أثبت جيل أصغر من الدبلوماسيين الصينيين ولاءهم برسائل تهديد تارّة، ورسائل قومية تتمتّع بنبرة تحدٍّ تارّة أخرى، في البلدان التي يقيمون فيها، حتّى الأوروبية منها.
أكثر صرامة: ومنذ أزمة الفيروس، أصبحت النبرة أكثر صرامة، الأمر الذي يمثل مؤشراً على مدى جدّية الخطر الذي شكّله الفيروس على قادة الصين داخل البلاد، إذ أجج الغضب داخلياً ودمّر النمو الاقتصادي، مثلما هو الحال على الصعيد الخارجي.
في حين تحرك جمهوريون في الولايات المتحدة لدعم هجمات ترامب على الصين؛ إذ رفع المدعي العام بولاية ميزوري، إريك شميت، دعوى قضائية في محكمة فيدرالية ترمي إلى تحميل بكين مسؤولية تفشي المرض.
الموقف الأوروبي: بعيداً عن الموقف الأمريكي، قالت أنجيلا ستانزيل، الخبيرة الصينية في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إنه حتى في الدول الأوروبية مثل ألمانيا “تسارعت وتيرة فقدان الثقة في الصين إثر الفيروس الذي لا تعرف أيّ وزارة طريقة التعامل معه”.
أما داخلياً، ثمّة تعاسة في الصين إزاء الخطاب الدبلوماسي الحالي؛ ففي مقال نُشِر مُؤخراً، يرى زي تشونغيون، وهو خبير مُحنّك في الشأن الأمريكي لدى الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، يبلغ من العمر 89 عاماً، أن ثمّة تشابهات بين خطاب الوقت الحالي القومي الحاد الكاره للأجانب المستلهم اسمه من فيلم Wolf Warriors من ناحية، والفترة التي أحاطت بحرب انتفاضة الملاكمين -التي تأججت بين 1899 و1901 ضد النفوذ الغربي في الصين من ناحية أخرى.