رفضها مغني "وحوي يا وحوي"

غناها عبدالمطلب لحاجته لـ6 جنيهات.. تعرف على قصة "رمضان جانا"

2020-04-24

“رمضان جانا”، هذا ما نردده دون أن نشعر مع كل رمضان، الأغنية الشهيرة للمطرب المصري محمد عبدالمطلب، التي باتت إرثاً تسمعه كل البيوت المصرية والعربية طوال أكثر من نصف قرن، وذلك منذ بثها للمرة الأولى عبر الإذاعة بالعام 1965.

لكن ما لا نعرفه عن هذه الأغنية التي تدخلنا بأجواء رمضان أنها غنت بصوت آخر قبل عبدالمطلب لكنها لم تلق نجاحاً يذكر، كما أنها عرضت على مطرب آخر شهير وقتها، ولولا أنه رفض غناءها لما كنا سمعناها بالصوت الشهير لعبدالمطلب، وهو يردد “رمضان جانا.. وفرحنا به، بعد غيابه.. أهلا رمضان”.

تعال لنكتشف قصة أغنية “رمضان جانا” التي غناها عبدالمطلب فقط بسبب الظروف المادية، وكيف صورت بإمكانيات بسيطة جداً لم تنبئ بأن تصبح تراثاً فنياً رمضانياً في كل الدول العربية.

كانت ستضم لتراث عبدالقادر مغني “وحوي يا وحوي”

إذا تحدثنا عن أشهر أغاني الراحل عبدالمطلب ( 1910: 1980)، ستأتي أغنية “رمضان جانا” في المقدمة، تليها أغنية “ساكن في حي السيدة”، لكن الأغنية لم تعرض عليه أولاً، كما لم يكن أول من يغنيها.

الأغنية كتبها الشاعر حسين طنطاوي الذي كان يكتب وقتها للإذاعة المصرية، غنت في البداية بصوت الممثل محمد شوقي، وألحان سيد مصطفى، لكنها لم تلق نجاحاً يذكر، ربما يعود ذلك إلى عدم شهرة شوقي وقتها كمغن واقتصار شهرته الفنية على التمثيل، رغم أن حياته الفنية بدأت بالغناء في فرقة “منيرة المهدية”، لكن يبدو أن عدم رواج الأغنية دفعه للعودة للتمثيل تاركاً الغناء بلا رجعة.

لذلك فكر المؤلف في إعادة توزيع موسيقي لها، واختيار صوت جديد. أعاد تقديم الألحان والموسيقى بالشكل الذي نعرفه حالياً الموسيقار محمود الشريف، واختير المطرب أحمد عبدالقادر لغنائها، نظراً لأنه قدم قبلها أغنية “وحوي يا وحوي” ونالت شهرة كبيرة وقتها، لكنه رفض غناء “رمضان جانا”، واعتبر نجاح “وحوي يا وحوي” كافياً في أرشيفه الغنائي بخصوص أغاني استقبال شهر الصيام.

وقتها، عرض الملحن الجديد للأغنية كلماتها على صديقه عبدالمطلب الذي قبل غناءها بسبب حاجته للأجر الذي سيتلقاه منها.

كساد الحرب العالمية الثانية سبباً لنسمع الأغنية بصوت عبدالمطلب

كان توقيت الأغنية عاملاً لنسمعها بصوت عبدالمطلب، إذ تزامنت مع حالة الكساد التي تلت الحرب العالمية الثانية، وكانت ظروف عبدالمطلب المادية ليست جيدة، إذ وصف حالته المادية وقتها بالقول: “ناس كتير اغتنت (أصبحت غنية) وقت الحرب العالمية الثانية لكن أنا ماغتنتش، بالعكس، مكنتش بشتغل، لأن نفسية الإنسان ما تساعدهوش على الشغل في وقت زي دا”.

حيث أغلقت وقتها معظم الكازينوهات (مقاه غنائية)، وكان السبيل لكسب المال للفنانين عبر الإذاعة المصرية، وكانت كلمات الأغاني المقترحة للغناء اختيرت بالفعل من مغنين آخرين، ولم يتبق سوى “رمضان جانا”، لذلك كانت الحاجة للمال هي الدافع لقبول غنائها تحديداً دون غيرها، وفقاً لما قاله مدير أعماله وابنه الأكبر نور محمد عبدالمطلب في حوار سابق مع صحيفة “اليوم السابع” المصرية.

كلفت 20 جنيهاً، وكل ما كان يحتاجه عبدالمطلب 6 جنيهات

كلف إنتاج الأغنية 20 جنيهاً، 6 جنيهات هي ما كان يحتاجه عبدالمطلب وقتها، فيما حصل صديقه الملحن على 5 جنيهات، والباقي وزع على الفرقة الموسيقية. وبحسب تأكيد الصحفي المصري بجريدة الأهرام أحمد السماحي في فيلم وثائقي لقناة “الجزيرة الوثائقية” كان هذا الرقم هو المتوسط الطبيعي لإنتاج الأغاني وقتها.

ثم أذيع “النشيد الوطني لرمضان” للمرة الأولى عبر الإذاعة المصرية في ثاني أيام شهر رمضان الكريم، الذي وافق يوم 2 سبتمبر/أيلول عام 1943، ثم بعد أقل من عقدين، وتحديداً عام 1960 حين بدأ التلفزيون المصري إرساله، اختير عبدالمطلب ليعيد تقديم أغنيته بحلة جديدة عبر برنامج “البيانو الأبيض” الذي كان يقدمه الشاعر حسين السيد.

صورت مرتين، الثانية في 3 أيام فقط

صورت الأغنية مرتين، مرة في الستينيات بالأبيض والأسود للتلفزيون المصري، وفيها ظهر عبدالمطلب مرتدياً جلباباً فلاحياً وخلفه فتيات يرتدين ملابس الريفيات ويحملن الفوانيس، ثم صورت مرة ثانية في أواخر الثمانينيات، إذ أعاد المخرج يسري غرابة تقديمها بتصوير مشاهد خارجية في الشارع لأجواء رمضان الاحتفالية.

اشتهر أكثر التصوير الثاني للأغنية، ربما بفضل الأجواء الاحتفالية التي ظهرت بالفيديو أو بفضل المشاهد الملونة، وكان لافتاً أن مخرجها استغرق 3 أيام فقط لتصويرها في نهاية شهر شعبان، ثم قدمت في رمضان العام 1981 وشملت هذه المرة مظاهر رمضان في الشارع المصري، حيث تُعد الكنافة والقطايف، وتمتلئ المساجد بالمصلين، وينادي المسحراتي.

إحساس عبدالمطلب بالأغنية

رغم أن الحاجة المادية كانت الدافع الأساسي لقبولها، لكن عبدالمطلب غنى بأداء مبهر، وترى ابنته سامية عبدالمطلب، في الفيلم الوثائقي أن نجاح الأغنية يعود إلى إحساس والدها في أدائها، وقالت إنها شاهدته ذات مرة يحفظ الكلمات ويرددها، رغم أنه عادةً يحفظ كلمات أغانيه مع ملحن النقابة.

حب عبدالمطلب لتأدية صلاة الفجر والعصر في مسجد الإمام الحسين خلال شهر رمضان، وارتباطه الكبير بحي الحسين العريق في القاهرة، وإقامته لأمسيات رمضان التي أصبحت ظاهرة رمضانية مستمرة، ربما يفسر سر إحساسه وأدائه المميز لأشهر أغنيتين له، وهما “رمضان جانا” و”حبيبي ساكن في الحسين”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي