أسراب الجراد المتزايدة تهدد حياة الملايين

مصدر: Locust crisis poses a danger to millions, forecasters warn
2020-03-24

كاتب: Kaamil Ahmed

يواجه العالم الآن أزمات واحدة تلو الأخرى، فبعد أن أصاب العالم الذعر بسبب فيروس كورونا المستجد، يخشى الخبراء من أن الجراد الصحراوي قد يضع حياة 25 مليون شخص على المحك.

نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية تقريرًا أعده كامل أحمد، المهتم بالشؤون الأفريقية، يشير فيه إلى تنبؤات الخبراء التي تحذر من أن أسرابًا كالتي شوهدت في أفريقيا ستصبح أكثر شيوعًا، نظرًا إلى أن العواصف الاستوائية تخلق ظروفًا مواتية للتكاثر.

وفي مستهل تقريره، يقول الكاتب إن أزمة الجراد التي وصلت الآن إلى 10 بلدان، يمكن أن تستمر لتعرض ملايين آخرين من الناس للخطر، وفقًا لما قاله الخبراء.

خلق تغير المناخ ظروفًا غير مسبوقة لتكاثر الجراد في صحراء الخليج العربي، التي عادة ما تكون قاحلة، بحسب الخبراء، وأصبحت الحشرات بعد ذلك قادرة على الانتشار عبر اليمن، حيث دمرت الحرب الأهلية القدرة على مكافحة تجمعات الجراد.

وقال كيث كريسمان، خبير استشراف انتشار الجراد في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة: «إعصار مكونو، الذي ضرب المنطقة في عام 2018، هو ما أتاح الرمال الرطبة والغطاء النباتي لأجيال عديدة من الجراد الصحراوي؛ كي تنمو في الصحراء بين السعودية واليمن وعمان، والمعروفة بـ«الربع الخالي»، حيث تكاثر وشكَّل أسرابًا تلتهم المحاصيل».

وأضاف: «لا بأس، فهذا أمر جيد في حد ذاته، ولكن بمجرد أن أوشكت تلك الظروف على الجفاف، وكان التكاثر على أبواب الانتهاء، ضرب إعصار ثانٍ المنطقة. سمح هذا باستمرار الظروف المواتية لتكاثر جيل آخر من الجراد، ولذا، بدلًا من أن تصبح الزيادة 400 ضعف، صارت 8 آلاف ضعف. ويهيئ الإعصار عادة ظروفًا مواتية لنحو ستة أشهر ثم تجف البيئة، ولذا فإنه غير مواتٍ للتكاثر، مما يجعل الجراد يموت أو يهاجر».

وأشار كريسمان إلى أن حجم الأعاصير في المنطقة يزداد فيما يبدو، مما يزيد احتمالية أن تصبح أسراب الجراد أكثر شيوعًا.

الفاو: الأمن الغذائي لـ25 مليون شخص معرض للخطر

حذرت منظمة الفاو من أن الأمن الغذائي لـ25 مليون شخص يمكن أن يتعرض للخطر بفعل الجراد، الذي وفقًا لخدمة مراقبة الجراد في المنظمة، رُصِد فيما لا يقل عن 10 بلدان خلال الأشهر الأخيرة. وكان أحد الأسراب التي رصدت في كينيا يغطي منطقة بحجم لوكسمبورج.

وألمح التقرير إلى أن المنظمة طلبت 140 مليون دولار (120 مليون جنيه إسترليني) للمساعدة في مكافحة التكاثر المستمر للحشرات؛ إذ تنبأت بأن احتواء الأزمة حتى أواخر مارس (آذار) وأبريل (نيسان) يمكن أن يشهد زيادة في عدد الجراد الحالي بمعدل 400 ضعف بحلول يونيو (حزيران).

وبحسب المقال، تعد الأزمة الحالية الأسوأ منذ عقود، وثمة مخاوف من أنها يمكن أن تستمر لفترة أطول من حالات تفشي الجراد السابقة. وإلى جانب تأثير حالات الطوارئ المناخية، تعد الحرب في اليمن عاملًا رئيسيًّا.

اليمن.. خط الهجوم ضد الجراد الصحراوي

أوضح كريسمان أن اليمن بلد «على خط المواجهة» فيما يتعلق بانتشار الجراد، لأن الحشرات موجودة عادة على مدار العام. ولكن برنامجها الذي كان فعالًا في السابق لمكافحة الجراد لم يعد لديه التأثير ذاته في المدن، حيث تنقسم السيطرة الآن بين الحكومة والحوثيين.

واستشهد التقرير بما قاله مدير برنامج مكافحة الجراد، عادل الشيباني، المقيم في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون: «قبل الحرب، كانت لدينا قدرة جيدة على الوصول إلى أي مكان في اليمن، ولكن في الوقت الحالي، نحن قادرون فقط على تغطية مناطق البحر الأحمر الساحلية – ولكن ليس جميعها – وبعض المناطق في الداخل».

وأوضح أن هناك مركزين منفصلين لمراقبة الجراد في اليمن، ولكن لم يكن أي منهما قادرًا على مكافحة التفشي مكافحة فعالة وحده. ونفَّذ المركز الذي يتخذ من صنعاء مقرًّا له، عمليات مراقبة حيثما أمكن ذلك في عام 2018، ولكنه تعرض لنقص التمويل، وفقد بعض مركباته.

وتابع الشيباني قائلًا: «على الرغم من جهودنا المضنية، ظلت بعض المناطق خارج السيطرة لأسباب أمنية بالقرب من الحدود مع السعودية، حيث وقع تفشي الجراد الصحراوي، وتشكلت بعض الأسراب، وانتقلت إلى مناطق أخرى».

2019.. بداية انتقال الجراد إلى القرن الأفريقي

وبحلول نهاية عام 2019، انتقل الجراد إلى منطقة القرن الأفريقي، حيث وجد ظروفًا مواتية عندما ضرب إعصار غير موسمي الصومال في ديسمبر (كانون الأول)، وهو ما مدَّد فترة موسم التكاثر وأتاح له الانتشار في مناطق لم تستطع السلطات السيطرة عليها؛ بسبب مشكلات البلاد الأمنية.

يقول سيريل بيو، الخبير بالمركز الفرنسي للبحوث الزراعية من أجل التنمية (CIRAD): «هذه الأزمة قد تطول بسبب المناطق اليمنية والصومالية التي لا يمكنها إحكام السيطرة».

وأضاف أنه في العقود السابقة، استمرت حالات تفشي الجراد زهاء عامين، ولكن بدون أنظمة وقائية فإنها ستستمر لفترة أطول، وستحدث بشكل أكثر تواترًا، وسيزداد انتشارها. وتابع: «إننا جميعًا مرتبطون بصورة أو بأخرى، وما يحدث في مكان ما يؤثر فينا جميعًا».

ولفت أحمد إلى أن آخر تفشٍ مشابه للجراد كان في أواخر الأربعينيات والخمسينيات، لكنَّ كريسمان يقول إن ذلك كان في وقت كانت فيه المراقبة والإبلاغ بطيئتين، وكانت المبيدات الكيميائية متاحة بسهولة لعمليات المكافحة.

ومن الناحية التاريخية، شهد الخليج العربي أعاصيرَ قليلة للغاية. لكنَّ العقد الماضي أفضى إلى زيادة ملحوظة بفضل «الثنائية القطبية في المحيط الهندي»، تلك الظاهرة المرتبطة بالفيضان في المحيط الهندي الغربي والطقس الجاف في الشرق وحرائق الغابات في أستراليا.

وذكر كريسمان، الذي يتضمن جزء من وظيفته البحث في الظروف التاريخية لفهم التطورات الحالية، أن التغيرات السلوكية للمناخ جعلت ذلك أمرًا يتعذر تحقيقه.

وفي نهاية التقرير يقول كريسمان: «هذه المنهجية التنبؤية المماثلة، اعتادت أن تعمل بصورة جيدة للغاية حتى خمس سنوات مضت، لكنها لم تعد تعمل بصورة جيدة جدًّا على الإطلاق؛ وذلك بسبب سقوط الأمطار وتوقيتها وتوزّعها. الأمر مختلف تمامًا».







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي