أعظم مهمة إنسانية.. يوم وفرت إسبانيا دواء أنقذ البشرية

2020-03-22

لوحة تجسد عملية التطعيم التي قادها الطبيب الإنجليزي إدوارد جينر طه عبد الناصر رمضان


لوحة تجسد عملية التطعيم التي قادها الطبيب الإنجليزي إدوارد جينر
أواخر القرن الثامن عشر، نجح الطبيب الإنجليزي إدوارد جينر (Edward Jenner) في اكتشاف لقاح لمرض الجدري الذي لطالما أنهك البشرية حينها متسببا في وفاة ما لا يقل عن 400 ألف شخص سنويا بأوروبا وحدها.
وقد جاء هذا الطبيب الإنجليزي بالتلقيح بعد أن لاحظ وجود مناعة ضد المرض لدى حلابة البقر السيدة (Sarah Nelmes) التي أصيبت في وقت سابق بحمى جدري البقر.

 

رسم تخيلي يجسد شخصية بلميس

تجربة ناجحة

فعمد بذلك جينر لجمع عينات من جلد المصابة وحقنها بذراعي الطفل جيمس فيبس (James Phipps)، فلاحظ ظهور أعراض طفيفة عليه شفي منها بعد بضعة أسابيع.

لاحقا، حقن إدوار جينر الطفل مرات عديدة بالجدري فلاحظ عدم إصابته بالمرض ليتأكد بذلك من اكتسابه مناعة ضده ويدحض المفاهيم السابقة عن اللقاح بفضل تجربته التي ربطت بالأساس بين قيح جدري البقر وجدري البشر.

إلى ذلك، كسبت تجربة إدوارد جينر الناجحة شهرة امتدت نحو جميع ممالك وإمبراطوريات أوروبا. وبإسبانيا، أرّقت مشكلة الجدري الإمبراطورية حيث فارق الكثير من سكان مستعمراتها بالقارة الأميركية وآسيا الحياة سنويا بسبب هذا المرض.

لوحة لإحدى عمليات التطعيم ضد الجدري

إنقاذ البشرية
وأمام هذا الوضع، أخذ الطبيب الإسباني فرانسيسكو خافيير دي بلميس (Francisco Javier de Balmis) على عاتقه مهمة إنقاذ الملايين بالمستعمرات الإسبانية من الجدري.

ولد بلميس سنة 1753 بمدينة أليقانتي (Alicante)، المعروفة أيضا بلقنت، الإسبانية. لاحقا، غادر الأخير إسبانيا وانطلق نحو هافانا ومنها نحو مدينة مكسيكو حيث عمل كجراح بمستشفى سان جوان دي ديوس (San Juan de Dios) ودرس علوم النباتات وطرق استخدامها لصناعة الأدوية.

مع عودته لوطنه، أصبح بلميس طبيبا لدى الملك الإسباني تشارلز الرابع (Charles IV) لتبدأ بذلك رحلته لإنقاذ البشرية بالقارة الأميركية وآسيا.

بعد جملة من المحادثات، أقنع بلميس الملك تشارلز الرابع بمساعدته ليبدأ حملة لتطعيم سكان المستعمرات الإسبانية ضد الجدري.

 

صورة لملك إسبانيا تشارلز الرابع

 

الاستعانة بأطفال يتامى

فبعد أن شاهد بعينيه وتأثر لوفاة ابنته الأميرة ماريا تيريزا (Maria Teresa) بسبب الجدري عن عمر يناهز 3 سنوات عام 1794، وافق الملك تشارلز الرابع على مد يد العون لطبيبه بلميس للقضاء على الجدري بالمستعمرات الإسبانية.

يوم 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1803، انطلق بلميس من مدينة لا كورونيا (La Coruña) على متن السفينة ماريا بيتا (Maria Pita) وقد رافقه في رحلته هذه طاقم طبي تكون من مختصين في مجال الصحة إضافة لنحو 22 طفلا يتيما تم تطعيمهم ضد الجدري عن طريق قيح جدري البقر بهدف استخدامهم لتطعيم أكبر عدد ممكن من سكان المستعمرات.

نقلت هذه البعثة الطبية الإنسانية في طريقها تطعيم الجدري نحو كل من جزر الكناري وكولومبيا والبيرو والإكوادور والمكسيك وفنزويلا والفلبين وبعض مناطق الصين.

 

رسم تخيلي للطريق الذي سلكته حملة بلميس

بعثة طبية

بفنزويلا، انقسمت البعثة عند منطقة لا غويرا (La Guaira) فانطلق الطبيب جوزيه سالفاني (José Salvany) نحو مناطق كبنما وكولومبيا والتشيلي وبوليفيا والإكوادور والبيرو بينما غادر بلميس من كاراكاس نحو هافانا.

عقب توجهه لمدينة مكسيكو نقل بلميس معه 25 طفلا يتيما آخر تم تطعيمهم ضد الجدري للإستعانة بهم عند تحوله نحو الفلبين ولضمان تواصل ظهور أعراض المرض عليهم أثناء مدة عبوره للمحيط الهادئ.

دعم كنسي

بالفلبين، حصل بلميس على دعم السلطات الكاثوليكية بالمنطقة التي ساندت مهمته فقدم بذلك الأخير التطعيم لعشرات الآلاف من السكان المحليين.

وبينما عاد أفراد بعثته أدراجهم نحو المكسيك، واصل هذا الطبيب الإسباني رحلته للصين ليبلغ منطقتي كانتون (Canton) وماكاو (Macau) وانطلق لاحقا نحو جزيرة سانت هيلينا قبل أن يعود في النهاية لإسبانيا.

 

صورة للأميرة ماريا تيريزا التي توفيت بسبب الجدري

مثلت مهمة بلميس أول حملة طبية وإنسانية دارت حول الأرض بالتاريخ. وبفضل ذلك، نجح هذا الطبيب الإسباني في إنقاذ أرواح أعداد هائلة من البشر بكل من القارة الأميركية وآسيا.

من جهة ثانية، وصف الطبيب الإنجليزي إدوارد جينر حملة بلميس بأعظم مهمة خيرية وإنسانية ونبيلة عرفها التاريخ.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي