أخطار محدقة.. ذوبان القطب الشمالي يفتح صندوق الفيروسات

2020-03-11

يفتح تغير المناخ بابا من الألغاز البيولوجية التي قد تساعدنا في التحكم ومنع انتشار بعض أخطر الأمراض.

في تقريرها الذي نشرته مجلة "بوبيلار ساينس" الأميركية، قالت الكاتبة مارلين سيمونز إنه على مدى عقود من الزمان كانت نساء الإنويت (الإسكيمو) ضحية للإنفلونزا الإسبانية.

ولكن عندما بدأ الجليد بالذوبان في التسعينيات، منحت مدينة برفيج ميسيون التي يسكنها شعب الإسكيمو العلماء فرصة لاستكشاف بقايا الفيروس داخل هذه الأرض.

كنز المعارف المخبوءة

بفضل هذا الاكتشاف، تمكن الباحثون من فك شفرة المخطط الجيني للفيروس، الذي سمح لهم أخيرًا بأن يفهموا لما كان مرض الإنفلونزا في عام 1918 فتاكا. في الواقع، يعتقد الباحثون أن اكتشافاتهم ستساعد خبراء الصحة العامة في الاستعداد بشكل أفضل للوباء القادم.

لكن من المحتمل أن يكون هذا الجانب الإيجابي بسيطا أمام الكارثة المتنامية في القطب الشمال، فقد تسببت درجات الحرارة المرتفعة في ذوبان الجليد، مما يتسبب في إطلاق كميات هائلة من الميثان.

لكن من ناحية أخرى، يمكن أن يكشف ذوبان الجليد عن أصول العديد من الأمراض، على غرار الحمى القرمزية أو فيروس كورونا، مما يساعد العلماء في فهم كيفية تفشي الأوبئة السابقة والتصدي للأمراض الجديدة.

فهم ما جرى وما سيجري

حسب ديفد مورنز، كبير مستشاري مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية المؤلف المشارك في بحث نشر عام 2007 حول اكتشاف جسيمات الإنفلونزا الإسبانية في ألاسكا، "لا يمكننا أن نتكهن بالمستقبل، ولكن من خلال فهم الماضي، بإمكاننا جمع أدلة حول ما قد يحدث".

وفي دراسة نشرت العام الماضي، حدد فريق مورنز جينات إنفلونزا 1918 التي تسببت في جعل المرض قاتلا. كما توصلوا إلى أن أوبئة عام 1957 و1968 و2009 كانت ناجمة عن فيروسات منحدرة من وباء 1918.

وأفادت الكاتبة بأنه في بحث آخر نشر العام الماضي، شرح العلماء بالتفصيل كيف يمكن استخدام أبحاثهم لتطوير لقاح عالمي للإنفلونزا، الذي يمكن أن يوفر الحصانة ضد العديد من الأوبئة المختلفة دون الحاجة إلى تلقيح سنوي.

وقد كانت هذه الاكتشافات من بين العديد من الأسرار التي تكمن تحت الأرض المتجمدة في القطب الشمالي.

فيه ضرر ومنافع

بعبارة أخرى، كلما زادت درجة حرارة الأرض ازداد الكشف عن مصادر الفيروسات. وقد بدأ العلماء للتو في إدراك الإمكانيات البحثية لذوبان الجليد، حيث يكتشفون بعض الأمور التي من شأنها مساعدتهم في مكافحة الوباء الحالي.

وقد أوضح روبرت شولي، اختصاصي الأمراض المعدية بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، أن "فيروسات كورونا موجودة في كل مكان. وقد عثر عليها في الخفافيش وغيرها من الثدييات، وهذه الحيوانات المصابة تموت وتدفن في الأرض المتجمدة أيضا".

وقد نوهت الكاتبة بأنه على الرغم من الخطر الضئيل المتمثل في إمكانية إحياء العلماء لأمراض مدفونة تحت الأرض، إلا أن العديد من الباحثين يعتقدون أن الأمر يستحق المجازفة لفهم أصول الأمراض الفتاكة بشكلٍ أفضل. بالإضافة إلى ذلك، أكد العلماء أنهم بمنأى عن التهديدات عندما يتخذون الاحتياطات المناسبة.

ومن بين العجائب العديدة التي تنبثق من تربة القطب الشمالي، نجد العاثيات وهي فيروسات تقتل البكتيريا. ويدرس العلماء هذه الفيروسات للنظر في مدى قدرتها على مهاجمة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية والمهددة للحياة.

ونظرا لأن كل عاثية تستهدف بكتيريا مختلفة، فإن كل سلالة جديدة تكتشف تزيد من ترسانة العلاجات المتنامية. كما توفر الفيروسات المدفونة منذ فترة طويلة تلميحات حول طبيعة البكتيريا القديمة التي كانت موجودة منذ آلاف السنين.

أخطار تحت الجليد

ذكرت الكاتبة أن العلماء اكتشفوا أيضا نوعا من "الفيروس العملاق" في عينة عمرها ثلاثون ألف عام من التربة الصقيعية في سيبيريا. وعلى الرغم من أنه فيروس مجهري، فإنه ضخم بالمقارنة مع الفيروسات العادية.

ورغم أسمائها المريبة، فإن الأمراض التي اكتشفت في سيبيريا لا تشكل تهديدًا للبشر. ومع ذلك، لا يعدّ كل ميكروب مدفون في التربة الصقيعية غير ضار. فبينما يحرص العلماء على احتواء الأمراض الفتاكة، قد ينشأ بعضها من تلقاء نفسه.

فعلى سبيل المثال، يعتقد أن تحلل جثة رنة ميتة بالغة من العمر 75 عاما والمصابة بالعصوية الجمرية تسبب في تفشي مرض العصوية الجمرية عام 2016 في سيبيريا الذي أسفر عن إصابة عشرات الأشخاص وموت طفل واحد.

ووفقا لستيفن مورسي، خبير الأمراض المعدية أستاذ علم الأوبئة في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا، فإنه على الرغم من أن الحرارة تقتل كل الفيروسات تقريبا، فإن بعض الأنواع النادرة، على غرار الجدري، قد تنجو من ذوبان الجليد.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي