كورونا يسبب أزمة للسياحة الإيطالية لم تمر بمثلها منذ هجمات 11 سبتمبر

2020-03-05

تقول جوديث بولبان، مالكة فندق سان سامويل في البندقية، إنها لم تشهد أياماً بلغت فيها حركة العمل في الفندق المستوى الحالي من السوء، منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، في الولايات المتحدة، والسبب هذه المرة شيء يفوق قدرات البشر، وهو الفيروس الصيني كورونا (19-COVID).

فقبل شهر واحد من عطلة عيد القيامة، التي تعد من أكثر العطلات ازدحاماً في أوروبا، تلقت بولبان إلغاءات لأكثر من 80% من الحجوزات في فندقها الواقع في قلب مدينة البندقية، بل وتبخرت الحجوزات المنتظرة مستقبلاً. إذ تعتبر إيطاليا من أشد بلدان أوروبا تأثراً بانتشار الفيروس، وقد قررت إغلاق المدارس ودور السينما والمسارح بعد وفاة أكثر من 100 شخص، وتأكد إصابة أكثر من 3000 آخرين بالفيروس.

بولبان (46 عاماً)، فرنسية الأصل، التي تدير الفندق منذ العام 2006، لكنها تعمل في هذا المجال منذ ما يقرب من 25 عاماً، تصف الأجواء في المدينة الإيطالية الشهيرة، وتقول: “الناس مرعوبون، والبعض رحل قبل انتهاء إقامته، وآخرون لم يحضروا، وغيرهم اتصلوا لطلب رد أموالهم”.

هذه الأزمة تعد جزءاً بسيطاً مما طال قطاعات السياحة والسفر العالمية، إذ عمدت الشركات إلى تقييد سفر العاملين فيها، وألغيت معارض تجارية كبرى، واختار أصحاب العطلات البقاء في بيوتهم أو تأجيل خططهم لحجز رحلاتهم في عطلات الربيع والصيف.

دفعت سرعة انتشار الفيروس بصناعة السياحة والسفر التي تمثل أكثر من 10% من النمو الاقتصادي العالمي إلى واحدة من أسوأ الأزمات العالمية، وفقاً لما تبيّن من خلال مقابلات مع أكثر من عشرة من الخبراء وأصحاب الفنادق ومديري الرحلات السياحية.

إذ يقول المجلس العالمي للسفر والسياحة إن هذه الصناعة أتاحت حوالي 319 مليون وظيفة، أي حوالي 10% من مجمل الوظائف العالمية في 2018.

لكن شركات الطيران منيت بأشد الخسائر منذ بدء انتشار المرض، غير أن المؤسسات الفندقية مثل “هيات” للفنادق، وشركات تشغيل السفن السياحية مثل مؤسسة “كارنيفال”، وشركات الرحلات مثل “توي” مُنيت بخسائر أيضاً.

يرسم الخبراء صورة قاتمة في الأجل القريب، فيما تقول بولبان “لا نعلم متى سينتهي هذا” الوباء.

شركة “توريزم إيكونوميكس” الاستشارية تتوقع أن تنخفض حركة السفر الدولي بنسبة 1.5% هذا العام، لتسجل أول هبوط منذ 2009 في ذروة الأزمة المالية العالمية. وخلال انتشار مرض سارس في 2003 انخفضت معدلات السفر بنسبة 0.3% فقط.

لأن الصين في قلب الأزمة الأخيرة ستكون منطقة آسيا والمحيط الهادي الأشد تأثراً، إذ تتوقع “توريزم إيكونوميكس” انخفاضاً يبلغ 10.5% في عدد الزائرين القادمين إليها في 2020.

فيما يبين تحليل أجرته الشركة أن الناس أصبحوا أكثر تكيفاً مع الأزمات الصحية في السنوات العشر الأخيرة أو نحو ذلك، إذ أصبحت عودتهم للسفر والعطلات سريعة بمجرد احتواء انتشار المرض.

غير أن فيروس كورونا لم يسبق له مثيل في انتشاره الجغرافي. وتستخدم الشركة مرض سارس كأساس للمقارنة، وهو ما يعني أنها تتوقع احتواء الفيروس بنهاية النصف الأول من العام الجاري.

هذا، ويقول ديفيد جودجر، العضو المنتدب لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط في توريزم إيكونوميكس لرويترز، إن معدلات حركة السفر ستبدأ في ظل هذا السيناريو في الانتعاش، من شهر يوليو/تموز تقريباً، لكنها لن تتعافى بالكامل إلا في 2021-2022.

كما قالت الشركة في تقرير نشر هذا الأسبوع “إذا استمر انتشار فيروس كورونا فإن آثاره على السياحة قد تستمر لفترة أطول، وتكون أشد قسوة من سارس”.

للأزمة آثار جانبية تتجاوز قطاع السياحة. وتعاني أنشطة تجارية بالقرب من فندق في جزيرة “تناريف” الإسبانية، الذي تم إغلاقه على من فيه من مئات السياح، منذ 24 فبراير/شباط- من غياب الزبائن.

إذ قالت مصففة الشعر بيفرلي فينس، القادمة من إنجلترا وصاحبة صالون بامبو الواقع منذ سبع سنوات في مركز تجاري أمام الفندق إن حركة العمل في الصالون “تأثرت بشكل هائل” بإغلاق الفندق، وأضافت في تصريح لرويترز وهي تمسك بدفتر المواعيد الخالي “في الأسبوع الماضي صففت خلال الأسبوع كله شعر عدد من الزبائن، يعادل عدد من أصفف شعرهم في ساعتين تقريباً”.

ولجذب الزبائن للحجز في الفترة المقبلة قالت سلاسل فنادق كثيرة منها “ميليا هوتيلز” و”بانجي جروب” إنها تعرض خصومات وتخفف من سياسة إلغاء الحجز.

على سبيل المثال، ولعدم وجود أي حجوزات في الأشهر المقبلة يعرض فندق “كا باجان” في وسط مدينة البندقية خصماً يصل إلى 60%، خلال مارس/آذار، ويصل إلى 30% في أبريل/نيسان، حسبما قال مالكه جاكومو بوساتو، وأضاف: “بعض الإيطاليين فقط سيأتون. لا أجانب”.

ربما تغري تلك التدابير في النهاية السياح بالعودة، غير أن الأرجح أن يحجز الناس رحلاتهم في اللحظة الأخيرة انتظاراً لمعرفة مدى انتشار الفيروس وأماكنه.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي