مستخدمة شيفرة خاصة.. الطيور تتحقق من الأخبار الزائفة فلا تنشرها

2020-02-20

كاسر الجوز أحمر الصدر يولي اهتماما لمصدر المعلومات، بما يؤثر على النداء الذي يصدره

ليلى علي

الأخبار المزيفة موجودة في أي شبكة تواصل اجتماعية، بما فيها شبكات الحيوانات الاجتماعية، هذا ما أفادت به دراسة جديدة قام بها باحثون من جامعة مونتانا، حيث تقوم الطيور بتمييز الأخبار المزيفة قبل إعادة إرسالها، اعتمادا على مبدأ الثقة في جيرانها.

هذه الدراسة، التي نشرت أخيرا في دورية Nature 27 يناير/كانون الثاني 2020، جاءت تتويجا لبحوث استمرت لسنوات من قبل خريجي جامعة مونتانا الأميركية، نورا كارلسون وكريس تمبلتون وأستاذ الجامعة في كلية العلوم الإنسانية إريك غرين، وتلقي الدراسة ضوءا جديدا على الشبكات الاجتماعية للطيور.

يقول غرين، الذي شارك كارلسون وتمبلتون الرغبة في محاولة التعرف على كيفية تواصل الطيور مع بعضها بعضا، وقاموا بجمع مكالمات الطيور على مر السنين، "هذه هي المرة الأولى التي نعرف فيها أن طائر كاسر الجوز يولي اهتماما لمصدر المعلومات، وهذا يؤثر على النداء الذي يصدره ومن ثم يعاد إرساله من قبل الطيور الأخرى".

أنواع نداءات الطيور ومعانيها

يقول غرين، إن كل نوع من أنواع الطيور لديه أغنية، يغنيها عادة الذكور، لتقول لأطفالها "أنا هنا، أنا هنا". أما مكالماتها الصاخبة والمعقدة فتبدأ عادة خلال موسم التكاثر.

ولكن بالنسبة للنداءات التحذيرية، فإن كل صوت يمثل تهديدا محددا، مثل "الأفعى على الأرض" أو "الصقر الطائر"، وتنقل هذه النداءات بين الطيور مستوى الخطر الحالي من خلال معلومات محددة. وتسمعها جميع الأنواع الأخرى الموجودة في الغابة في شبكة اتصالات واسعة تضعها في حالة تأهب قصوى.

خلال هذه الدراسة، أراد غرين والباحثون معه، تحديد كيفية تشفير طائري القرقف أسود التاج، وكاسر الجوز أحمر الصدر، للمعلومات في محادثاتهما.

في اتصال الطيور على سبيل المثال، يشير صوت "سيت" عالي النبرة من طائر القرقف إلى "الصقر الطائر"، مما يسبب رد فعل قويا، حيث تصمت الطيور الأخرى وتنظر ثم تختفي في الأدغال.

طائر القرقف أسود التاج يصدر نداءات تحذيرية يسمعها جميع الطيور بالغابة

كما أن مكالمات الإنذار يمكن أن تنتقل بسرعة كبيرة عبر الغابة، يقول غرين إنه في تجارب سابقة قد سجلوا سرعة المكالمات بين الطيور بسرعة مئة ميل في الساعة. يقول غرين أيضا، "في بعض الأحيان تعرف الطيور في الغابة أن هناك صقرا قادما قبل وصوله بخمس دقائق".

أما "النداء الهجومي" القاسي والمكثف، فهو يدفع الطيور من جميع الأنواع إلى التدفق معا لمضايقة المفترس، وعندما يسمع المفترس نداء الهجوم عليه، فإنه عادة ما يتوجه للصيد بعيدا عن هذه المنطقة، لذلك تكون المكالمات التحذيرية بين الطيور فعالة جدا.

ويطلق غرين على هذا النوع من التواصل بين الطيور "شبكات التواصل الاجتماعي الأصلية".

تجنب نشر الأخبار الوهمية

بالنسبة للدراسة التي أجريت على طائري القرقف وكاسر الجوز، ركز الباحثون على المعلومات المباشرة "شيء يراه الطائر أو يسمعه مباشرة" مقابل المعلومات غير المباشرة، التي يتم الحصول عليها من خلال شبكة الطيور الاجتماعية والتي يمكن أن تحتوي على إنذار خاطئ.

يقول غرين "الأمر كله يتعلق بكيفية التعامل مع الأخبار المزيفة، لأنه إذا حصلت على معلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكنك لم تقم بالتحقق منها، وقمت بإعادة تغريدها أو تمريرها، هكذا تبدأ الأخبار المزيفة في الانتشار".

بومة الأقزام تمثل خطرا كبيرا على الطيور الصغيرة بسبب حجمها الصغير

يشترك كل من القرقف وكاسر الجوز في مقاومة الحيوانات نفسها التي تفترسهما، وهي بومة القرناء الكبيرة، وبومة الأقزام. وبالنسبة للطيور الصغيرة، فإن بومة الأقزام أكثر خطورة من بومة القرناء الكبيرة، بسبب نصف قطرها الأصغر، الذي يسمح لها بمطاردة الفرائس بشكل أفضل.

باستخدام مكبرات الصوت في الغابة، قلد الباحثون نداء التحذير لطائر القرقف الخاص ببومة القرناء الكبيرة، ذات التهديد الأقل، وبومة الأقزام ذات التهديد العالي على كاسر الجوز.

وقد تباينت نداءات التحذير حسب مستوى التهديد (بومة ذات قرون عظيمة مقابل بومة أقزام)، وما إذا كانت مباشرة (من الحيوانات المفترسة نفسها) أو غير مباشرة (من القرقف).

ما اكتشفه الباحثون عن طائر كاسر الجوز كان مفاجئا، فقد تسببت المعلومات المباشرة في تغيير نداءاتها حسب إذا كان التهديد عاليا أم تهديدا منخفضا. لكن نداء الإنذار من القرقف حول الحيوانات المفترسة لم يهتم له طائر كاسر الجوز كثيرا، بغض النظر عن مستوى التهديد.

يقول غرين، إن نتائج البحث تشير إلى قدرة كاسر الجوز على اتخاذ قرارات معقدة حول المحفزات في بيئته، وتجنب نشر "أخبار وهمية" قبل التأكد بنفسه من وجود مفترس.

يعلق غرين على ذلك، "يجب أن نرفع له القبعة، فهو يمتاز بالكثير من الذكاء"، متمنيا أن يحذو الناس حذو طائر كاسر الجوز فيما يتعلق بالتأكد من الأخبار المزيفة قبل إعادة نشرها.

ويؤكد غرين أن دراسة كاسر الجوز ستساعد الباحثين في نهاية المطاف على فهم أفضل لكيفية عمل شبكات الاتصالات الحيوانية وكيف تقوم الأنواع المختلفة بفك تشفير المعلومات وترميزها وتمريرها.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي