أوضاع الإيرانيين المتدهورة تدفعهم لتجاهل الانتخابات المقبلة

رويترز
2020-02-18

اهتزت ثقة كثيرين من الإيرانيين في زعمائهم بسبب المواجهة مع أمريكا والصعوبات الاقتصادية والكارثة التي تعرضت لها طائرة ركاب؛ ما يخلق مشكلة محتملة للسلطات في الانتخابات البرلمانية المقررة هذا الأسبوع.

ومع اقتراب موعد الانتخابات التي تجري يوم الـ21 من شباط/ فبراير الجاري، ساد جو من الوجوم بين الإيرانيين الذين أرهقهم تعاقب الأزمات؛ ما ساهم في تحطيم ما كان لديهم من آمال في حياة أفضل قبل أربع سنوات فحسب.

ولا يبشر ذلك بالخير للزعماء الذين يبتغون نسبة إقبال مرتفعة على مراكز التصويت، إذ إن ذلك سيمثل إشارة لواشنطن ألد خصوم إيران، أن البلاد لم ترضخ للعقوبات أو لمقتل قائد عسكري بارز في ضربة جوية أمريكية.
وقد بذل حلفاء الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، جهودا لضمان هيمنة المتشددين على الساحة؛ ما يعني أنه مهما كان الإقبال فإن الصقور الذين يريدون نهجا أكثر تشددا مع واشنطن ربما يشددون سيطرتهم على البرلمان.

غير أن ضعف الإقبال سيضعف موقف زعماء إيران ويشجع منتقديهم سواء في الداخل أو في الخارج ممن يجادلون بأن الجمهورية الإسلامية تحتاج إلى تغيير سياساتها داخليا وخارجيا.

قالت طبيبة تواجه عيادتها في طهران صعوبات في توفير الأدوية المتخصصة: ”أنا شخص سبق أن أدلى بصوته. وكان أملي أن تتحسن الأمور عندما أدليت بصوتي في الماضي. والآن تم تجاوز كل الخطوط الحمراء“.

وأضافت في مكالمة هاتفية طلبت فيها عدم الكشف عن هويتها في معرض مناقشة مسائل سياسية“ ”هذه المرة لا أمل عندي. وبالتأكيد لن أدلي بصوتي“.

وقبل أربع سنوات بدت الأمور غاية في الاختلاف، فقد حقق روحاني وحلفاؤه مكاسب كبيرة في الانتخابات البرلمانية، وكان كثيرون يأملون أن يؤدي اتفاق نووي تم التوصل إليه مع القوى العالمية في 2015 إلى انتشال إيران من عزلتها السياسية ودعم الاقتصاد.

 

”لم نر أي تقدم“

تحطمت تلك الآمال بعد أن انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من الاتفاق النووي في 2018 وأعاد فرض العقوبات على إيران في محاولة لفرض قيود أشد على أنشطتها النووية وتقييد برنامجها الصاروخي ووضع نهاية لدورها في حروب إقليمية تشنها أطراف أخرى بالوكالة.

وقال ”علي“ العامل بمتجر للهواتف المحمولة في وسط مدينة أصفهان في مكالمة هاتفية طالبا عدم نشر اسمه، إن ”السبب الرئيس لكل شيء هو الاقتصاد“.

وأضاف ”علي“، الذي يعمل ساعات إضافية منذ قرر صاحب المتجر فتح المحل في ساعات القيلولة التقليدية على أمل جذب مزيد من الزبائن، أنه ”إذ لم يكن لدى المرء المال لشراء الخبز لزوجته وأسرته فسيتوقف عن الصلاة بل ويفقد إيمانه“.

ولا ينوي علي الإدلاء بصوته في الانتخابات.

وأضاف: ”أدليت بصوتي بضع سنوات ولم يحدِث ذلك أي فرق. فلم نشهد أي تقدم لكي نقول إننا نريد أن يتقدم هذا المرشح أو ذاك“.

وتتعرض السلطات لضغوط منذ العام الماضي عندما قوبلت احتجاجات على زيادة أسعار الوقود بأشد رد فعل أمني منذ قيام الثورة الإسلامية في 1979 ما أدى إلى مقتل المئات.

وأدت ضربة بطائرة أمريكية مسيرة قتلت القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، في كانون الثاني/ يناير، بالعراق إلى تكتل الإيرانيين حول قضية عامة.

غير أن هذا التأييد سرعان ما تبدد وحلت محله احتجاجات غاضبة على مساعي التستر على إسقاط طائرة ركاب أوكرانية بطريق الخطأ؛ ما أسفر عن مقتل كل من كانوا على متنها وعددهم 176 شخصا.

واعتذر الحرس الثوري عن هذه الكارثة لكن ذلك لم يهدئ آلاف المحتجين في بضع مدن.

وقال أحد المقيمين في طهران وهو من ملاك العقارات ولا يعتزم التصويت طالبا عدم نشر اسمه: ”هذه السنة الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ“.

وأضاف: ”بعد سقوط الطائرة فقدت الحكومة الكثير من أنصارها“، مشيرا إلى أن ”المؤسسة الحاكمة تحتاج للانتخابات لكي تظهر للعالم ”عدد مؤيديها“ بعد سلسلة الأزمات“.

وحتى قبل الاضطرابات الأخيرة كانت العقوبات خفضت صادرات النفط الخام الإيراني بأكثر من 80 في المئة وفرضت ضغوطا مؤلمة على مستوى المعيشة.

وانخفضت قيمة الريال الإيراني ليصل في السوق الحرة إلى نحو 140 ألفا مقابل الدولار بالمقارنة مع سعر الصرف الرسمي البالغ 42 ألفا وذلك وفقا لموقع بونباست دوت كوم للصرف الأجنبي.

التصويت ”للانتقام العنيف“

أدى انخفاض قيمة العملة إلى اضطراب التجارة الخارجية الإيرانية وارتفاع التضخم الذي يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ 31% هذا العام.

وفي مدينة بيرجند الشرقية قال حامد، إنه ليس لديه وقت للانتخابات لانشغاله بعمله كمصور لحفلات الزواج إذ إن واحدا فقط من كل عشرة زبائن يطلب ألبومات بعد ارتفاع أسعار ورق الصور الفوتوغرافية لستة أمثاله منذ 2018.

وقال حامد لرويترز هاتفيا رافضا ذكر اسمه بالكامل لحساسية الموضوع: ”نحن نركز على الأسعار وعلينا أن نتصل بالعملاء ونطالبهم بالدفع (…) لا علاقة لنا بالساسة والسياسة“.

ويتوقع المحللون أن يكون الإقبال منخفضا عن نسبة 62% المسجلة عام 2016، في الانتخابات البرلمانية على أن يكون الإقبال أكبر في المدن الصغرى الأكثر محافظة حيث تضغط الأسر على الأقارب للإدلاء بأصواتهم.

لكن خامنئي صاحب القول الفصل في إيران حاول إذكاء الروح الوطنية لضمان إقبال كثيف.
وقال في خطبة إنه ”من الممكن ألا يحبني شخص لكن إذا كان يحب إيران فعليه أن يتوجه إلى صندوق الانتخاب“.

وردد أنصاره تلك الدعوة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال مستخدم على ”تويتر“ قبل أسبوعين: ”الانتخابات الفضلى يمكن -أيضا- أن تكون انتقاما عنيفا آخر“، مشيرا إلى عبارة استخدمها الإعلام الرسمي لوصف الضربات الإيرانية على قواعد عراقية والتي أدت إلى إصابة أكثر من 100 جندي أمريكي.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي