
أظهرت نتائج دراسة حديثة نشرت في "بيولوجي لتر biology letter" في 5 فبراير/شباط 2020، أنه عندما يعرف الحبار أن الروبيان، الذي يعد طعامه المفضل، سيكون متاحا في المساء، فإنه يأكل عددا أقل من سرطان البحر خلال اليوم. هذه القدرة على اتخاذ القرارات على أساس التوقعات المستقبلية تكشف عن قدرات معرفية معقدة لدى الحبار.
يقول بولين بيلارد، طالب الدكتوراة في قسم علم النفس بجامعة كامبريدج فرنسا، والمؤلف الأول للدراسة "كان من المفاجئ أن نرى مدى سرعة تكيف السلوك الغذائي للحبار مع البيئة المحيطة، ففي غضون أيام قليلة فقط، تعلم ما إذا كان من المحتمل أن يكون هناك جمبري في المساء أم لا، هذا سلوك معقد للغاية ولا يكون متاحا إلا إذا كان لديه دماغ متطور".
سلوك غذائي انتقائي وانتهازي
أثناء التجارب، وعند ملاحظة الحبار الأوروبي البني الداكن المشهور من قبل الباحثين، وصفوا سلوكه الغذائي بأنه انتقائي أو انتهازي.
فعندما قدم الباحثون غذاء الجمبري للحبار بشكل ثابت كل مساء، أصبح الحبار أكثر انتقائية خلال اليوم وتناول عددا أقل بكثير من سرطان البحر. ولكن عند تزويده بالروبيان المسائي عشوائيا، أصبح سمك الحبار انتهازيا وتناول المزيد من سرطان البحر خلال اليوم
توفير الروبيان بشكل عشوائي في المساء يعني أن الحبار لا يستطيع التكهن بما إذا كان طعامه المفضل سيكون متاحا على العشاء يوميا، لذلك تأكدوا من أن لديهم ما يكفي من الطعام في وقت مبكر من اليوم. وعندما تغيرت الظروف، غير الحبار إستراتيجية البحث عن الطعام.
رأى الباحثون أن الحيوانات تتحول بسرعة من إستراتيجية للأكل إلى أخرى بناء على تجربتهم، وذلك من خلال تعلم وتذكر أنماط توافر الغذاء في البيئة المحيطة، فقد وجد الباحثون أن الحبار يحسن نشاطه بحثا عن الطعام ليس فقط لضمان تناوله لما يكفي منه، ولكن أيضا للتأكد من تناول المزيد من الأطعمة التي يفضلها.
تفضيل الروبيان
يأكل الحبار مجموعة واسعة من الأطعمة بما في ذلك سرطان البحر والسمك وغيرها، وهذا يتوقف على ما هو متاح. رغم هذا النظام الغذائي العام فإنه يظهر تفضيلات غذائية قوية.
للتأكد من ذلك، اختبر الباحثون 29 حبارا خمس مرات في اليوم، لمدة خمسة أيام، عن طريق وضع سرطان البحر والروبيان على مسافة متساوية من الحبار في الوقت نفسه ومشاهدة ما يأكل أولا، فأظهر الجميع تفضيل الروبيان.
عادة ما تتكيف الحيوانات باستمرار مع التغيرات في بيئتها من أجل البقاء، وبالنسبة للحبار فهو يفقس مزودا منذ البداية بجهاز عصبي مركزي كبير، وهو ما يمكنه من التعلم في سن مبكرة. كما أنه قادر على تذكر الأشياء التي حدثت في الماضي، واستخدام هذه المعلومات لضبط سلوكه تحسبا للمستقبل.
يقول البروفسور نيكولا كلايتون من قسم علم النفس بجامعة كامبريدج، وهو قائد الدراسة "تظهر إستراتيجية التغذية المرنة هذه أن الحبار يمكن أن يتكيف بسرعة مع التغيرات في بيئته باستخدام الخبرة السابقة"، مضيفا "هذا الاكتشاف يمكن أن يوفر نظرة قيمة إلى الأصول التكيفية لهذه القدرة المعرفية المعقدة".