علماء "سيرن" يكتشفون نوعا جديدا من المادة

2020-01-04

قد تكون الكواركات الخمسة مرتبطة ببعضها البعض أو يتم تجميعها بشكل مختلف (دانيال دومينغيز-سيرن)شادي عبد الحافظ

أعلن فيزيائيون من مصادم الهدرونات الكبير التابع للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) اكتشاف نوع جديد من المادة يتركب من خمسة كواركات ملتحمة معا، ويدعى "كوارك خماسي".
وكشفت النتائج، التي أعلنت مؤخرا في مؤتمر "ريكونترية دي مونرويد" للديناميكا الكمية اللونية؛ أن الفريق البحثي كان -بداية من عام 2015- قد استخدم البيانات الصادرة من تجربة "إل اتش سي بي" (LHCb) التابعة للمصادم، للتوصل إلى وجود ثلاثة من تلك الجسيمات دفعة واحدة.

الكواركات

لفهم الأمر، يمكن أن نستخدم تشبيها من عالم "الليغو"؛ فالذرة تتركب من قطعتي ليغو رئيسيتين: النواة، والإلكترونات التي تدور حولها. والإلكترونات هي جسيمات أولية، أي أنها لا تتركب من جسيمات أصغر منها.

لكن حينما نمعن النظر في النواة نكتشف أنها تتكون من قطع ليغو أصغر قريبة من بعضها، هي البروتونات والنيوترونات.

وحينما أمعن كل من موري جيلمان وجورج سويج النظر بشكل أكبر، اقترحا في الستينيات من القرن الماضي أن كل من البروتونات والنيوترونات تتركب من أجزاء أصغر، سمّيت بالكواركات (Quarks).

وبحسب النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات، تتكون كل من البروتونات والنيوترونات من ثلاثة كواركات مرتبطة معا، لكن الكواركات ليست كلها نفس النوع، بل هناك ستة أنواع رئيسية منها تختلف في ما بينها في معايير كالكتلة والشحنة واللف (الدوران). وهذه الأنواع الستة هي: قمّي، وقعري، وساحر، وغريب، وعلوي، وسفلي.


اللهث خلف اقتراح عمره ثلاثون عاما

لكن جيلمان كان قد أشار -في ورقة بحثية واسعة الشهرة بدورية "فيزيكس ليترز"، في ثمانينيات القرن الماضي- إلى أن تجمع تلك الجسيمات الأولية معا يمكن أن يتخطى حاجز الثلاثة كواركات إلى أربعة أو خمسة.

ومنذ تلك اللحظة اهتم الفيزيائيون في مصادمات الجسيمات بالبحث والتنقيب عن مقترحات جيلمان في المعامل.

ولأجل الوصول إلى تلك النتائج، فإن الفيزيائيين يستخدمون مصادمات أو مسرّعات الجسيمات، وهي أجهزة تطلق نوعين من الجسيمات في اتجاهات متعاكسة بسرعات كبيرة جدا تقترب من سرعة الضوء، تكسبها تلك السرعة طاقة كبيرة.

يمكن تجميع الكواركات الخمسة في ميزون وباريون مرتبطين بشكل ضعيف ببعضهما البعض (سيرن)

وحينما تصطدم ببعضها البعض تنشأ جسيمات جديدة من نواتج هذا الاصطدام، فتلتقطها حواسيب غاية في الدقة لتحولها إلى أشكال بيانية، ولكل جسيم انحناءات مميزة في تلك الأشكال، وهي الطريقة التي يتعرف بها العلماء على الأجزاء الصغيرة جدا من المادة.

طبيعة الكون

وبحسب الإعلان الأخير، فإنه من المحتمل أن تكون الكواركات الخماسية المكتشفة حديثا مركبة من اتحاد "ميزون" مع "باريون" برابطة فضفاضة بعض الشيء.

والباريونات هي مادة تتكون من ثلاثة كواركات، مثل البروتونات أو النيوترونات كما ذكرنا آنفا، أما الميزونات فهي تتكون من كواركين فقط، واتحادهما معا يعني خمسة كواركات.

ويأمل الباحثون أن تفيد تلك النتائج الجديدة في توسيع رقعة فهمهم لفيزياء الجسيمات، خاصة أن الأسئلة الأساسية لفيزياء القرنين الفائت والحالي تكمن أساسا في فهم الطبيعة الأكثر دقة للمادة، وهو ما قد يمكّن البشر -يوما ما- من فهم طبيعة الكون كله.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي