عزل ترامب.. كيف يرى العرب والمسلمون في أمريكا عملية إقالة الرئيس؟

2019-12-20

تعهَّد الرئيس دونالد ترامب إبان ترشّحه لمقعد الرئاسة الأمريكية بمنع المسلمين من المجيء إلى الولايات المتحدة، وفي غضون أسبوع واحد من حلف اليمين الدستورية، فرض حظراً للسفر على مواطني العديد من البلدان ذات الأغلبية المُسلمة.

وطبَّق ترامب العديد من السياسات التي أسفرت عن معاناةٍ وغضبٍ بأرجاء المجتمعات الإسلامية في الولايات المتحدة؛ فعلى مدار الأعوام الثلاثة الماضية، قلّص الرئيس الأمريكي عدد اللاجئين المسموح بدخولهم للبلاد تقليصاً هائلاً، واعترف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وأصدر أمراً تنفيذياً قد يهدد حق ممارسة النشاط الداعم لفلسطين في الجامعات الأمريكية.

كيف يرى المسلمون الأمر؟

ومع ذلك، لا يبدو أن الحماسة تطغى على عدد من النشطاء العرب-الأمريكيين والمسلمين في البلاد بخصوص إجراءات الإقالة التي أقرّ الكونغرس الأمريكي تنفيذها بحقّ الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة، بحسب تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.

وبالنظر إلى الدعم الوطيد الذي يقدمّه لترامب حزبه الجمهوري، فإن فرص إزاحة الرئيس من مقعد مكتب الرئاسة تكاد تتدنَّى إلى مرتبة الصفر.

وقد نجح مجلس النواب ذو الأغلبية الديمقراطية في إقرار إقالة ترامب يوم الأربعاء 18 ديسمبر/كانون الأول 2019، مما يجعله ثالث رئيس يواجه اتهامات رسمية تدفع بإقالته. ولكن تلك الإجراءات، التي يكفلها الدستور الأمريكي لمجلس النواب دون سواه، ليست سوى نصف العملية. إذ تتطلّب تقليص فترة ولاية الرئيس إقرار إدانته -بأغلبية الثلثين- بعد مساءلة الرئيس في مجلس الشيوخ.

هل يمكن أن يعزل ترامب فعلاً؟

والحال هو أن أكثر من نصف أعضاء مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون يرفضون رفضاً قاطعاً تلك التهم الموجّهة ضد ترامب.

وفي الواقع، ليس من الواضح ما إذا كان الجمهوريون في مجلس الشيوخ سيسمحون للشهود بالإدلاء بشهاداتهم ضد الرئيس.

وقد بدأ الديمقراطيون في مجلس النواب إجراءات مساءلة ترامب بغرض عزله في سبتمبر/أيلول، بعدما أفادت تقارير بأنه ضغط على أوكرانيا للتحقيق مع نجل منافسه المحتمل لعام 2020 ونائب الرئيس السابق، جو بايدن. ويقول الديمقراطيون إن الإدارة قد علّقت المساعدات المقدمة لأوكرانيا لإرغام قادة دول أوروبا الشرقية على تقديم خدمة سياسية لترامب.

            لم يكن ترامب حتى أول رئيس يخضع للمساءلة بسبب تجاوز القانون

وفي النهاية، تقررت إقالة الرئيس على خلفية اتهامه بإساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس.

يقول مؤيدو الإجراء إن الانصياع للقانون له أهمية حيوية حتى ولو لم يؤد بدوره إلى إنهاء رئاسة ترامب. وعلى الجانب الآخر، يردد بعض النقاد حجّة مفادها أن الإقالة قد أشعلت التوترات السياسية، وأن أفضل طريقة لإزاحة ترامب من البيت الأبيض هي هزيمته في انتخابات 2020.

تحدّث موقع Middle East Eye البريطاني إلى شخصيات عربية ومُسلمة أمريكية بارزة، وجمع أفكارهم بشأن الموقف الراهن، وكان هذا ما قالوه:

 

عابد أيوب، محام معني بالحقوق المدنية: قد يسفر عزله عن نتائج «مدمرة»

يقول عابد أيوب، المدير القانوني للجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز (ADC)، إن مساءلة الرئيس أمر مهم، ولكن في خضمّ الأجواء شديدة التحزّب، قد يتمكن ترامب من استخدام ذاك الإجراء لحشد قاعدته و»كسب حالة زخم»، قبل انتخابات العام المقبل.

 وأضاف أيوب في حديثه مع Middle East Eye قائلاً: «هذا هو مكمن القلق: أي تأثير سيسفر عنه الأمر؟ عملياً، قد يكون لذلك تأثيرٌ مدمّر على ديمقراطيتنا».

وبينما شدد على أن الجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز ليست مُتحزِّبة ولا تؤيد مرشحين، فإنه يعتقد أن العرب الأمريكيين عليهم التركيز على سباق 2020، حسب قوله.

إذ قال: «يجب على العرب الأمريكيين المراهنة على انتخابات عام 2020، إننا في حاجة للضغط على المرشّحين ليتبنّوا موقفاً من قضايانا. علينا أن نضمن وقوفهم إلى جوارنا في القضايا المهمة، وألا يفترضوا تصويتنا لصالحهم كأمر مُسلّم به، إن هذا هو الصعيد الذي يتعيّن علينا أن نبذل طاقتنا فيه. كادت الإجراءات المؤدّية إلى الإقالة أن تنتهي، ونحن نعرف كيف سيرد مجلس الشيوخ، لذا فإننا في حاجة إلى إعادة التركيز، والحفاظ على ضغطنا على المرشّحين الذين يخوضون حملة عام 2020».

 

مايا بيري، مدافعة عن المشاركة المدنية: عملية الإقالة مؤلمة ولكنها مطلوبة

قالت مايا بيري، المديرة التنفيذية للمعهد العربي الأمريكي (AAI)، إن عملية الإقالة ضرورية للحفاظ على الديمقراطية الأمريكية. إذ يعيق تآكل سيادة القانون جهود الناشطين العرب الأميركيين المعنية بتعزيز أجندة العمل المجتمعي؛ سواء كان ذلك في صورة داعم لحقوق الإنسان في فلسطين أو دفاع عن الحقوق المدنية داخل البلاد.

ويدفع المعهد العربي الأمريكي في اتجاه المشاركة السياسية العربية الأمريكية من خلال حملته «Yalla Vote»، وغيرها من المبادرات، وقالت مايا، بصفتها مدافعة عن المشاركة في العملية الديمقراطية الأمريكية، إنها لا تبتهج برؤية إجراءات الإقالة.

وقالت في حديثها مع موقع Middle East Eye: «إنه لأمر مُؤلم أن نرى ذلك، ولكنّه مطلوب تماماً».

وأضافت مايا أنه بينما يتأهّب النشطاء لرفع راية القضايا العربية الأمريكية في عام 2020 خلال السباق الرئاسي، وضمان إجراء إحصاء دقيق لأعداد المشاركين، فإنهم «لا يتمتّعون برفاهية تجاهل» انتهاكات الرئيس.

وقالت: «إنه أمرٌ يؤثّر علينا حين نعيش في بلدٍ ذي ديمقراطية مُعتلّة، هذا يؤثّر علينا شأننا شأن كل أمريكي آخر يؤمن بالفصل بين السلطات، ويؤمن بمؤسساتنا الحكومية، ويؤمن بوجوب تحقق السلطة التشريعية من وقوع تجاوزات تنفيذية بالسلطة الحاكمة.. وإذا نالت تلك الانتهاكات الضوء الأخضر للمضيّ قدماً، فهذا ليس بالأمر الجيد لبلدنا، وليس بالأمر الجيد لديمقراطيتنا».

 الإقالة خطوة جيدة

 

جورج بشارة، أستاذ القانون: «يجب إقالة ترامب ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك على خلفية انتهاج سياسات «فظيعة»

قال جورج بشارة، وهو أستاذ بكلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا، إن عملية الإقالة خطوة جيدة لضمان عدم تطبيع واشنطن مع انتهاكات السلطة. ومع ذلك، لن يكون لنتيجة الأمر ثمّة تأثير حقيقي على الأمريكيين العرب والمسلمين، إذ من المحتمل أن يحتمي ترامب بمجلس الشيوخ. وبينما شدد أستاذ القانون على أن هناك أدلة «أكثر من كافية» لإسقاط ترامب على خلفية فضيحة أوكرانيا، إلا أنه قال إن سياسات ترامب «الفظيعة» بحقّ العرب والمسلمين ليست أساساً لعزله.

ويقول: «لطالما كانت سياسات ترامب مروّعة بالنسبة لجميع المسلمين تقريباً، لا سيّما للعرب والأمريكيين الفلسطينيين. وبصفتي فلسطينياً أمريكياً، سأحتفل بنهاية ولاية إدارة ترامب؛ سواء كان ذلك من خلال مُساءلته أو هزيمته في الانتخابات الرئاسية. ولكنني -شخصياً- لن أدافع عن الإقالة على أساس السياسة وحدها. فإن هذه ببساطة ليست أداة مُعدّة لهذا الغرض، وإنجاح ذلك الإجراء ليس بالأمر الإيجابي للبلاد، لأنه سيعلن أن الإقالة أداة يمكن استخدامها لتغيير ما تقرّه الانتخابات».

   

وردة خالد، مُحللة سياسية: الإقالة لن تحل مشكلاتنا

تقول وردة خالد، مؤسسة مُنظّمة Poligon National، التي تعمل على تعزيز أصوات المسلمين الأمريكيين في الكونغرس الأمريكي، إن المشاكل التي يواجهها المسلمون والعرب في الولايات المتحدة لن تزول بزوال ترامب.

وتقول وردة إن الرئيس أحد أعراض مشكلة أكبر؛ إذ إن السياسات التي تؤثّر سلباً على المجتمعات المُسلمة تسبق ولايته، ورغم ذلك، فإنها تُعزي السبب في الارتفاع الأخير على صعيد جرائم الكراهية إلى «الجوّ السياسي الذي يشجّع على تفشّيه ترامب وسياسيون آخرون».

وقالت: «لطالما شوّه السياسيون والنقاد والإعلام صورة المسلمين والعرب من خلال الخلط بينهم وبين الإرهاب. وقد انتهكت السياسات الحكومية السابقة لولاية ترامب الحريّات المدنية من خلال مراقبتها لمجتمعاتنا، وممارسة التنميط والتمييز بحقّنا في المطارات، ووضع قوائم حظر السفر جوّاً، وإقرار تشريعات مناهضة للشريعة في عشرات الولايات الأمريكية، مما يهدد الحق الأساسي للمسلمين في ممارسة الركائز الأساسية لعقيدتهم مثل الصوم، والزكاة، والصلاة، باختصار، على مجتمعنا أن يرى الإقالة بشكلٍ عام كإجراء سياسي لا كسبيلٍ لتحقيق العدالة على صعيد المشكلات الخاصّة التي نتعامل معها في هذا البلد».

 

عامر زهر، كوميديان: الأمريكيون العرب يتطلّعون إلى عام 2020

وقال عامر زهر، وهو مقدّم عروض كوميدية فلسطيني أمريكي يدرس في كلية الحقوق بجامعة ديترويت ميرسي، إن سياسات ترامب الداخلية والخارجية التي أثبتت إضرارها بالأمريكيين العرب «أهم بكثير» من إجراءات العزل الحالية، التي ترتكز على أوكرانيا.

وأضاف أن هذا هو السبب وراء تركيز المجتمع الإسلامي والعربي بشكل أكبر على انتخابات 2020، التي تجسّد فرصة لإطاحة ترامب من منصبه.

وقال: «يستثمر الأمريكيون العرب، في الغالب، في العملية السياسية الأمريكية ويزدادون نشاطاً على ساحة السياسة الانتخابية كل يوم. وأرى أن معظم الأمريكيين العرب يدركون أن دونالد ترامب قد أساء استغلال منصبه وسلطاته. ولكن بالنسبة لنا، فإن توجيهاته السياسية الكارثية المتعلقة بالهجرة والسياسة الخارجية أهم بكثير من عملية الإقالة الحالية، ومن ثمّ، فإننا نشارك بشكل كبير في الدورة الانتخابية لعام 2020، لنتأكد من أن أصواتنا مسموعة هناك».

قالت ميسون زايد، مقدّمة العروض الكوميدية والكاتبة التي نشرت مؤخراً كتاباً مسموعاً بعنوان «Find Another Dream»، إنها «فخورة جداً» بالنائبين جاستن عماش ورشيدة طليب، وكلاهما من أصل فلسطيني.

وكانت رشيدة طليب بين أوائل أعضاء الكونغرس الذين طالبوا بإقالة ترامب، ودعا عماش، الذي استقال من الحزب الجمهوري في يوليو/تموز، إلى عزل الرئيس في مايو/أيار إثر تقرير مولر.

وقالت ميسون في حديثها مع Middle East Eye: «إنني فخورة جداً برؤية هؤلاء الأمريكيين العرب يقفون ضد شخص يذكّرني حقاً بأسوأ الطغاة والمستبدين في الشرق الأوسط».

وقالت ميسون إنه على الرغم من أن بنود إجراءات العزل تتعلق بإساءة استخدام السلطة وعرقلة الكونغرس، فإنه سيكون أمراً «يثير الاشمئزاز» إذا ما مرّت كراهية ترامب للنساء وعنصريته مرور الكرام. وأعربت ميسون عن سعادتها باحتمالية عزل الرئيس حتّى وإن برّأه مجلس الشيوخ.

 

ميسون زايد، فنانة كوميدية وكاتبة: ترامب يحتاج الخضوع للمحاسبة

وقالت: «يجب أن يخضع للمساءلة، وعلى الرغم من أن الإقالة ليست سوى وصمة عار على جبين رئاسته، فإنها تبهجني.. فلطالما كان ترامب مصدر خطر على الفلسطينيين؛ ومصدر خطر على الأمريكيين العرب.. ولطالما كان يشكّل خطراً لا يُصدّق على مجتمع المعاقين الذي أنتمي إليه».







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي