بفضل رئيس وامرأة ظهر أحد أهم الأعياد في أميركا

2019-11-20

بطاقة بريدية من القرن الماضي احتفالا بعيد الشكركتب : طه عبد الناصر رمضان

"عيد الشكر" أحد أهم الأعياد بالولايات المتحدة الأميركية، سجّل ظهوره على أراضيها في حدود العام 1621 حيث أقامت مستعمرة بليموث التي أسسها الإنجليز بالعالم الجديد "عيد الشكر" بطلب من المستعمر وليام برادفورد، احتفالا بموسم الحصاد الجيد، واستدعت لحضوره عددا من السكان الأصليين.

خلال القرن التالي، عرفت الولايات المتحدة الأميركية ظهور نوع آخر من أعياد الشكر، فأثناء حرب الاستقلال، اتجه الكونغرس القاري لمنح هذا العيد صبغة وطنية، فقاموا بربطه بالعديد من انتصاراتهم ضد الإنجليز لتكريم تضحيات جنودهم على ساحات المعارك.

وبداية من العام 1789، عاد موضوع "عيد الشكر" ليثير جدلاً واسعاً بالبلاد. فبينما طالب كل من جورج واشنطن وجون أدامز وجيمس ماديسون بإقرار عيد وطني لإحياء نهاية الحرب والتصديق على الدستور، رفض توماس جيفرسون الأمر، مؤكدا على الصبغة الدينية لهذا العيد، وملوحا بإقرار الولايات المتحدة الأميركية لسياسة فصل الكنيسة عن الدولة.

يومية تقويم ميلادي من القرن الماضي تظهر احتفال عيد الشكر

إلى ذلك، عاودت مسألة "عيد الشكر الوطني" للظهور مجددا بفضل المؤلفة والكاتبة الأميركية الشهيرة سارة جوزيفا هيل (Sarah Josepha Hale) التي تحولت لأيقونة بأميركا بفضل تأليفها لأنشودة الأطفال المشهورة "ماري لديها حمل صغير" (Mary Had a Little Lamb).

صورة للرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت
وإضافة لمؤلفاتها الأدبية، ساندت سارة تحرير العبيد وعملت ككاتبة لمجلة السيدات الأميركية فدافعت عن حقوق النساء، وطالبت بضمان حق التعليم لهن، كما عملت أيضا مدة 40 سنة ككاتبة لصالح مجلة غوديز (Godey's Lady's Book) وجعلت منها مجلة مرموقة بين الأميركيين، وتقاعدت سنة 1877 عندما شارفت على التسعين من عمرها.

لوحة تجسد شخصية توماس جيفرسون

أيضا، أشرفت سارة جوزيفا هيل على جمع التبرعات لتشييد معلم بونكر هيل بماساتشوستس ولترميم إقامة جورج واشنطن التاريخية بماونت فيرنون.

ومنذ طفولتها، ترعرعت هذه الكاتبة، المولودة يوم 24 تشرين الأول/أكتوبر 1788 بإحدى مناطق نيو هامشير، على عادة الاحتفال بـ"عيد الشكر" سنويا، وسنة 1827 ألفت الأخيرة رواية وصفت من خلالها تقاليد هذا العيد وطرق الاحتفال به.

لوحة زيتية تجسد شخصية جورج واشنطن
في الأثناء، واصلت سارة كتابة العديد من المقالات حول "عيد الشكر" بمجلة غوديز، واتصلت بعديد المسؤولين، وضغطت من خلال كتاباتها لإعادة إحياء فكرة "عيد شكر وطني" يلم شمل البلاد ويتزامن مع آخر يوم خميس من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من كل سنة.

ومن خلال فكرتها هذه التي كافحت لإرسائها، سعت سارة جوزيفا هيل لتقريب الأميركيين من بعضهم البعض بعد تصاعد وتيرة الخلافات بين الشماليين والجنوبيين حول مسألة العبودية وظهور شبح الحرب الأهلية في الأفق. مطلع خمسينيات القرن 19، تحقق جانب من حلم سارة، حيث احتفت نحو 30 ولاية بعيد الشكر خلال أوقات مختلفة من السنة، كما اعتمدت أيضا تقاليد مختلفة.

لوحة تجسد شخصية سارة جوزيفا هيل
وعلى الرغم من اندلاع أسوأ حرب بتاريخ أميركا ما بين عامي 1861 و1865، واصلت سارة الحديث عن "عيد الشكر الوطني"، مطالبة بوقف القتال بين أبناء الشعب الواحد ووضع الخلافات جانبا.

في غضون ذلك، أمر رئيس الولايات الجنوبية جيفرسون دافيس (Jefferson Davis) بإحياء "عيد الشكر" عقب انتصارات قواته على الشماليين مطلع الحرب، كما لجأ أبراهام لنكولن خلال نفس الفترة لإقرار عيد مماثل عقب معركة غيتيزبرغ (Gettysburg).

صورة للرئيس الأميركي أبراهام لنكولن
لاحقا، راسلت سارة جوزيفا هيل الرئيس لنكولن ووزير الخارجية وليام سيوارد، وأكدت على ضرورة اعتماد يوم "عيد شكر وطني".

وسنة 1863، أمر أبراهام لنكولن رسميا بجعل آخر خميس من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من كل سنة "عيد شكر" وطني ورسمي، قائلا إن هذا العيد قادر على معالجة الآلام التي سببتها الحرب الأهلية للبلاد.

رسم تخيلي لوليام برادفورد
سنة 1939، سبّق الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت "عيد الشكر" أسبوعا ليتماشى مع فترة التسوق السنوي التي تسبق أعياد الميلاد، أملا منه في الحد من أزمة الكساد العظيم، إلا أنه تراجع عن ذلك بعد ضغط من الكونغرس وعدد من الولايات التي رفضت هذا الإجراء.

إلى ذلك أقر الكونغرس عام 1941، قانونا جعل من خلاله آخر يوم خميس من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عطلة رسمية سنوية.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي