كيف أثرت أحداث غزة على “القائمة العربية” في إسرائيل؟

2019-11-17

تجري السياسة العربية في إسرائيل في الأسابيع الأخيرة مثل لعبة “السلالم والحبال”. في الواقع الحالي، يبدو أن السلالم، أي التقدم، قليلة وقصيرة، بينما الحبال كثيرة وطويلة. فسلوك النواب العرب في أثناء جولة التصعيد الأخيرة في غزة كان الحبل الأطول، ومشكوك العثور على سلم يتيح العودة إلى نقطة البداية في الزمن القريب المقبل.

كان يخيل إليّ في الأسابيع الأخيرة أن يجري تغيير لسياق علاقات اليهود والعرب في الدولة. فقد أشارات القائمة المشتركة الاستثنائية إلى استعدادها لبلورة توافقات مع “أزرق أبيض” وتشكيل كتلة مانعة لائتلاف مستقبلي، وكان يبدو أن النواب العرب أظهروا تغييراً إيجابياً وعميقاً في أنماط السلوك التقليدي لهم: الاستعداد لإعطاء أولوية لمعالجة المشاكل الحادة للجمهور العربي (وعلى رأسها الجريمة) على الانشغال بالموضوع الفلسطيني، وجواب لطموح المواطنين العرب للتأثير وللاندماج.

ولكن عندها وقعت جولة التصعيد في غزة، وأثبتت ردود فعل أعضاء القائمة المشتركة للجميع بأن التغيير الذي يلوح في الأفق كان وهماً. وفيما بدا كرد شبه تلقائي، منح النواب العرب أولوية واضحة للموضوع الفلسطيني، وبالأساس الاستعداد للتبني الكامل وأحادي البعد للرواية الفلسطينية دون أي جهد لمواجهة ما في الواقع من تعقيد، فما بالك فحص ادعاءات إسرائيل بشأن الأحداث في غزة. هذه خسارة للجمهورين، ولا سيما للمواطنين العرب. فثقة الكثيرين بالجمهور اليهودي بإمكانية تغيير القيادة العربية شطبت في لحظة. سيتعين على السياسيين تجاه الجمهور العربي أن يشرحوا كيف يعتزمون الإيفاء بالتوقعات لتجنيد مقدرات أكثر ونفوذ أكثر واندماج أكثر.

هذا هو الوقت الذي من المجدي أن يسمعوا فيه أصواتاً أخرى، نقدية وشجاعة، من بين الجمهور العربي تجاه قيادته. ثمة حاجة لأن يرفعوا أصواتاً أقل دغماتية، تعكس مثلاً الفهم بأنه لا يوجد في غزة “ضحايا” فقط، وأن خطوات إسرائيل ليست “جرائم حرب” فقط. فالتمسك المتزمت بصورة الأسود – الأبيض الحادة تملأ باليأس الكثيرين في الجمهور اليهودي من تعاون عميق وصادق بين الجمهورين في الدولة. إن النقد على السياسيين العرب يجب أن ينطلق أساساً على لسان أولئك المتمسكين بتقدم الاندماج، حتى أكثر من الأصوات التي تنطلق من أولئك الذين يعارضون الاندماج منذ البداية ويستخدمون التصريحات الأخيرة كذخيرة إعلامية باهظة الثمن.

في أثناء الجولة ضد غزة، قُتل مواطنان عربيان آخران في أحداث العنف. 84 بالإجمال منذ بداية السنة التي حظيت على اللقب المهزوز للسنة الأكثر فتكاً في سياق الجريمة والعنف في المجتمع العربي. أما الموقف الحالي الذي اتخذه النواب العرب فمن شأنه أن يجعل نفوذهم محدوداً جداً، وكذلك أيضاً قدرتهم على إعطاء جواب للمشاكل الأساسية التي تمزق المجتمع العربي.

 

بقلم: ميخائيل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان في جامعة تل أبيب

 يديعوت 17/11/2019







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي