المقهى في اليمن من النبذ إلى عنوان للتمدن الصريح (6)

2019-11-13

محمد عبدالوهاب الشيباني*

سمعت كثيرا بـ "مقهى فارع" في الحديدة بوصفه احد معالم المدينة ، منذ افتتحه مالكه الحاج فارع سعيد، بعد تركه لعدن بعيد الاستقلال ، وكان موقعه في البداية في سوق المطراق قبل ان ينتقل الى الشارع الاشهر في المدينة "شارع صنعاء " المكان المهم للتجمعات الثقافية والسياسية في المدينة الساحلية التي بدأت تثب الى الحياة العصرية، حين صارت المرفأ والميناء التجاري الاهم لشمال اليمن.

وحين زرته قبل عقدين لأول مرة لم يكن اكثر من بوفية بسيطة يرتادها العابرون وتقدم خدماتها من الشاهي والسندوتشات والعصائر لمحلات الجوار، واحتفظت فقط بصورة باهتة للافتتها الرئيسة.

و زرت وقتها "مقهى الشباب" في سوق المطراق، الذي كان يقرن بمقهى فارع، ويشكل هو الاخر واجهة لمتذوقي الشاهي من نخب المدينة وطبقتها الوسطى، قبل ان يفقد الكثير من بريقه .

وبالقرب منه يتذكر بعض الاصدقاء مقهى اخر جوار المدب، وكان يعرف بمقهى طاهر.

وانا اعد هذه المادة استعنت بالصديق الشاعر محمد عبيد احد ابناء المدينة لتزويدي ببعض المعلومات عن المقاهي الشعبية في مدينة الحديدة فكتب الي:

"كان هناك مقهى قديم في الحديدة بباب مشرف اسمه "مقهى عبدالله خالد " ،الى جانب "مقهى التركي" ، وكان الادباء و المثقفون في الستينات يرتادونهما و من روادهما يوسف الشحاري و العزي المصوعي و صالح عباس و ابراهيم صادق و غيرهم و استمرا الى التسعينيات و اغلقا نهائيا وتحولا كمواقع الى محلات تجارية.

و كان هناك مقهى على الساحل يقابل حارة اليمن ، و كان صاحبه حكواتيا لقبه (الزوملة) و عرف المقهى بمقهى الزوملة و كان يجلس على كرسي مرتفع و يحكي للزبائن قصص السير الشعبية عنترة و الزير سالم و ابو زيد الهلالي، و يدفع الزبون ثمن المشروب و حق الاستماع للقصص التي كان يقطعها الزوملة في لحظة الاندماج مع احداثها من قبل الحضور ليواصل في اليوم التالي من حيث انتهى ، و تستمر القصة لعدة اسابيع و كان الناس تقبل على الاستماع في وقت لم تكن قد افتتحت في المدينة دور السينما".

ولم يزل مقهى محمد عبده الشعبي في الحوك يقدم خدماته حتى الان، كامتداد للمقهى الشعبي في المدينة.

 

  • كاتب وشاعر يمني






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي