مترجم : ميدل إيست آي.. هكذا تستخدم إسرائيل «بوليوود» لتبييض وجه الاحتلال

How Israel uses Bollywood to whitewash the occupation
2019-11-06

أوضح الكاتب الصحافي أزاد عيسى، في تقرير نشره موقع «ميدل إيست آي البريطاني»، كيف تسلط فعالية بوليوود «Indo Fest TLV» المُقامة في تل أبيب الضوء على استخدام الهند وإسرائيل الفن لتشتيت الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان، مطالبًا الهند بمناهضة الفصل العنصري.

وقال عيسى في مستهل تقريره: «بين يومي الثلاثاء والخميس من هذا الأسبوع، يسافر ممثلو بوليوود إلى إسرائيل لحضور المعرض الثقافي «Indo Fest TLV» المُقام في تل أبيب، والذي يوصف بأنه الحدث الأكبر في تاريخ العلاقات الثقافية بين الهند وإسرائيل».

من المتوقع أن يكون المهرجان – الذي يضم أنيل كابور وأميشا باتيل وثمانية نجوم آخرين على الأقل من السينما الهندية – عملًا ثقافيًا رائعًا يهدف إلى تقريب إسرائيل والهند من بعضهما البعض، وربما يشارك فيه حوالي 30 ألف هندي. واستدرك عيسى: «لكن الحدث أُغرق في جدل وحيرة حتى قبل أن يبدأ».

في الأسبوع الماضي طالب نشطاء «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل (BDS)» مؤيديهم بالضغط على النجوم للتخلي عن فكرة الزيارة، واحترام مقاطعة إسرائيل الثقافية.
ويوم الثلاثاء الماضي أخبرت صوفي شودري، وهي إحدى الممثلات اللاتي سيحضرن البرنامج، «ميدل إيست آي»، أن الحدث قد أُلغي، لكن التذاكر كانت لا تزال تُعرض للبيع حتى وقت كتابة هذا التقرير، ولم يحدث اتصال رسمي لتأكيد مزاعم صوفي.

ووفقًا لحركة المقاطعة أُجِّل حدث مماثل في عام 2018 إلى أجل غير مسمى بعد الضغط على الممثلين للانسحاب.

مغازلة بوليوود للتغطية على انتهاكات الاحتلال

وتابع عيسى: «لكن سواء أقيم هذا الحدث أو لم يقم، فإن مغازلة إسرائيل لبوليوود مستمرة». مستشهدًا بقول أبورفا بي جي، منسق حملة المقاطعة في جنوب آسيا: «التودد لبوليوود للتمويه عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان الفلسطينية هو جزء من إستراتيجية إسرائيل المميزة». وهي على وشك الوصول إلى آفاق جديدة.

   في عام 2017 أصبح مودي أول رئيس وزراء هندي يزور إسرائيل؛ مما يؤكد تحولًا كبيرًا في السياسة الخارجية في الهند. واليوم تعد الهند أكبر مشتر للأسلحة الإسرائيلية، حيث تنفق مليار دولار في السنة على شرائها.


في 1 نوفمبر (تشرين الأول)، من المقرر إطلاق أول فيلم هندي صُور جزئيًا في إسرائيل على شبكة «نتفليكس». وسُوق فيلم «درايف (Drive)» – بطولةً سوشانت سينج راجبوت وجاكلين فرنانديز – كتجسيد بوليوودي لسلسلة أفلام «فاست أند فيوريوس (Fast and Furious)»، بمشاهد صُورت في شوارع تل أبيب وفي الأزقة الخلابة لمدينة يافا القديمة.

وأشار عيسى إلى أنه من نواح عديدة، سيكون «درايف» أول عائد استثماري يزيد قوة «بوليوود» الناعمة لمعالجة صورة إسرائيل المتدهورة في العالم الغربي. وفي محاولة لدخول أسواق جديدة وجذب السياح، عرضت إسرائيل الاستثمار في الأفلام وامتيازات ضريبية؛ حيث مولت وزارة السياحة الإسرائيلية ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي «درايف» جزئيًا.

وقالت روبيندرا ديب، عضو في «مبادرة جنوب آسيا للتضامن (SASI)»: «العلاقات المتنامية بين إسرائيل وبوليوود هي علامة مقلقة على تنامي العلاقات بين الهند وإسرائيل ودعمها لاحتلال فلسطين».

الجمهور الهندي غارق في الإسلاموفوبيا

وأضاف عيسى: «وجد المشروع الإسرائيلي لطمس حقيقة احتلال فلسطين جمهورا «مُطيعًا» في وسائل الإعلام الهندية التي غرقت بالفعل في «الإسلاموفوبيا» ورواياتها القومية التحريرية».

ويستشهد عيسى بما قالته مقدمة برنامج تلفزيوني هندي يركز على تاريخ بوليوود اليهودي خلال عصر السينما الصامتة: «اتصال إسرائيل بالسينما الهندية يعود إلى أوائل القرن العشرين»، على الرغم من أن هذا البرنامج يستمر بالاعتراف بأن الممثلين كانوا «يهودًا بغداديين (يهود العراق الذين هاجروا إلى الهند)»، كما أنه يتجاهل حقيقة أنه لم يكن هناك إسرائيل حتى عام 1948 عندما انتهى عصر السينما الصامتة.

وتقول سوشيترا فيجايان، مديرة مشروع بوليس (مركز البحوث والصحافة في نيويورك): «رغبة بوليوود في المشاركة بمشروع الاستعمار الإسرائيلي ليست أمرًا مفاجئًا». وأضافت سوشيترا: «إسرائيل تستعمر الفن، إنها تستعمر الثقافة. وبوليوود هي المثال الأكثر وقاحة. فلسطين لها علاقة طويلة مع شبه القارة الهندية، وتحاول إسرائيل محو تلك العلاقات».

وأوضح عيسى أنه وفقًا للحكومة الهندية، يوجد الآن حوالي 85 ألف يهودي من أصل هندي يعيشون في إسرائيل. وهناك أيضًا 12 ألف و500 مواطن هندي يعملون في مجموعة متنوعة من الوظائف في إسرائيل، بما في ذلك الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات وتجارة الماس.

ووفقًا لمنظمي الحدث، من المتوقع أن يشارك حوالي 30 ألف هندي في الحدث الذي يستمر ثلاثة أيام في تل أبيب.

انتعاش العلاقات بين الهند وإسرائيل في عهد مودي

وتضيف سوشيترا «بالنظر إلى أن هجرة العمالة الماهرة في الهند لا تزال تخص الطبقة الاجتماعية العليا في المقام الأول»، فهي على يقين من أن المهاجرين يأخذون معهم الإحساس المسعور بالقومية والسياسة الطبقية، وهو ما يفسر النجاحات التي حققتها بوليوود. وأضافت سوشيترا: «وعلى الجانب الآخر من هذا، الهند هي أيضًا سوق ضخم لإسرائيل».

وأكد عيسى أن العلاقات الهندية والإسرائيلية تحسنت بشكل كبير منذ أوائل التسعينات، ولكن منذ تولي نارندرا مودي منصب رئيس الوزراء في عام 2014، وصلت الشراكات بين البلدين إلى مستويات غير مسبوقة.

وفي عام 2017 أصبح مودي أول رئيس وزراء هندي يزور إسرائيل؛ مما يؤكد تحولًا كبيرًا في السياسة الخارجية في الهند. واليوم تعد الهند أكبر مشتر للأسلحة الإسرائيلية، حيث تنفق مليار دولار في السنة على شرائها.
خلال زيارته التي استغرقت ستة أيام إلى الهند في يناير (كانون الثاني) 2018، حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على لقاء الممثلين والمنتجين الهنود في مومباي، بما في ذلك الممثل أميتاب باتشان والكاتب امتياز علي، لمناقشة والاتفاق التعاون مع بوليوود.

وأردف عيسى: «منذ ذلك الحين، لم يفوت ممثلو إسرائيل في الهند أي فرصة للتأكيد على الروابط بين البلدين، سواء كان ذلك من خلال التبادل التكنولوجي أو المخاوف الأمنية المشتركة أو التباهي بأن بوليوود قد أتت إلى تل أبيب».

وعندما فاز الممثل الهندي أميتاب باتشان بأعلى وسام هندي في مجال السينما في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، كان رون مالكا، السفير الإسرائيلي في الهند، من بين أول من هنأه في تغريدة على «تويتر».

كان من المتوقع أيضًا أن يسافر نجم الأكشن تايجر شروف في وقت لاحق من هذا العام إلى تل أبيب لتعلم فنون الدفاع عن النفس في الجيش الإسرائيلي «كراف مغا» من أجل فيلم جديد. ولكن الرحلة أُلغيت عندما شعر صناع الفيلم بأن تسلسل الأحداث سيكون متكررًا.

وقالت أبورفا: «لم تُخفِ السلطات الإسرائيلية أن محاولات جذب بوليوود تجاهها تدور حول تدمير حركة المقاطعة وتحسين صورة إسرائيل في الهند». وأضافت: «تعرض إسرائيل منافع على المنتجين الهنود حتى يأتوا ويصوروا أفلامهم في إسرائيل». ولم يرد المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية في نيودلهي على طلب التعليق.

النجم الهندي الكبير أميتاب باتشان الذي حظي باحترام العرب والمسلمين لعقود طويلة يلتقط صورة تذكارية مع نتنياهو

بوليوود في خدمة الخطاب الحكومي

وتابع عيسى: «لا يخفى على أحد أيضًا أن بعضًا من أكبر نجوم بوليوود هم المروجون للوضع الراهن، ونادرًا ما يتصدون له؛ حيث تزخر بوليوود بأمثلة من الأفلام التي تقلل من شأن الأقليات وتُظهرها بصورة نمطية، أو تدعم الخطاب الحكومي».
وتقول سوشيترا: «عملت بوليوود دائمًا على تطبيع القضايا الإشكالية في الهند. ووجدت بوليود دائمًا طريقة لتقديم الهند على أنها جيدة وكريمة».

وألمح عيسى إلى موقف الممثلة الهندية بريانكا تشوبرا من الحرب بين الهند وباكستان؛ حين شجعت هجوم القوات الهندية في كشمير المتنازع عليها. وعندما بدأت الهند حصار الاتصالات على كشمير في 5 أغسطس (آب) الماضي، كتب الممثل الهندي المخضرم والقائد الهندوسي أنوبام خير على «تويتر»: «حل كشمير قد بدأ».

وأوضحت شوسيترا أن بريانكا شوبرا عندما أرادت الانتقال من بوليوود إلى هوليوود، اختارت أن تصبح عميلة في مكتب التحقيقات الفيدرالي (في المسلسل التلفزيوني«Quantico») تتجه لقتل زملائها ذوي البشرة البنية باسم الأمن القومي.

في شهر سبتمبر الماضي، أصدر نجم بوليوود شاروخان مسلسلًا يسمى «Bard of Blood» على شبكة «نتفلكس»، يركز على التمرد في ولاية بلوشستان الباكستانية. ولطالما كانت بلوشستان جدل رسمية لحكومة مودي التي اعتادت على إبعاد الأنظار عن احتلالها لكشمير.

وبحسب إحدى مراجعات مسلسل «Bard of Blood»، «يصور المسلسل معظم شخصياته الباكستانية والأفغانية على أنها ليس لديها قواعد أخلاقية، وزناة ومشتهي أطفال ومتعصبين يقومون بقطع رأس أي شخص حالما يغضبهم. وفي الوقت نفسه فإن معظم الشخصيات الهندية مواطنون مستقيمون ويحاولون فقط القيام بالشيء الصحيح. إنه سرد قصصي مبسط يُظهر الأشرار جميعًا لونهم أسود والأبطال لونهم أبيض».

نتنياهو مع رئيس الوزراء الهندي مودي

وأشار عيسى إلى أنه بالنظر إلى تاريخها بصفهتا رائدة للسينما عادة؛ فمن غير المرجح أن يشعر الجمهور إذا كان هناك خلاف داخلي متزايد في بوليوود.

في سبتمبر الماضي كتب 49 فنانًا مسرحيًا، بعضهم مرتبط ببوليوود، خطابًا مفتوحًا إلى مودي، يدعونه إلى وضع حد لعمليات القتل في الهند، ليُتَهموا على الفور بإثارة الفتنة.

قالت أبورفا: «الحملات المتعلقة ببوليوود والمجال الثقافي بشكل عام مهمة للغاية بالنسبة لنا. إنها لا تعكس فقط إستراتيجية إسرائيل الثابتة المتمثلة في استخدام الفن بسخرية لصرف الانتباه عن الاحتلال والفصل العنصري، والأهم من ذلك أنها تعكس تزايد شعبية حركة المقاطعة».

واختتم عيسى مقاله بما قالته أبورفا: «في النهاية نطالب بوليوود بمناهضة الفصل العنصري، وألا تكون أداة لاستخدام إسرائيل المتهكم لموهبتها وشعبيتها».

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي