مترجم: 8 خبراء يجيبون.. هل يعد الاتحاد الأوروبي ناجحًا أم فاشلًا؟

المصدر : The big question: has the European Union been a success?
2019-10-27


يعتبر البعض أن الاتحاد الأوروبي – مشروع أوروبا الطموح للاندماج بعد الحرب العالمية الثانية – كان بمثابة انتصار يضمن السلام والاستقرار الاقتصادي في جميع أنحاء القارة، إلا أن البعض الآخر انتقده باعتباره كابوسًا بيروقراطيًا.

وبينما تتعثر المملكة المتحدة في التحضير لخروجها من هذا الاتحاد فيما يعرف بـ«بريكست»، نشر موقع «هيستوري إكسترا»، وهو الموقع الرسمي لمجلات التاريخ التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، آراء ثمانية خبراء في التاريخ والعلوم السياسية حول مدى نجاح الاتحاد الأوروبي وأبرز نجاحاته وإخفاقاته.

ليس مثاليًّا لكنه الأكثر إبداعًا

بدأ الموقع بعرض رأي دنيس دن، أستاذة التاريخ بجامعة ماينوث بأيرلندا، التي أوضحت أن الاتحاد الأوروبي كان تتويجًا لعملية تعاون بدأت عام 1952 بتأسيس الجماعة الأوروبية للفحم والصلب (ECSC)، والتي هدفت إلى جعل الحرب بين أعضائها «ليست فقط غير واردة، بل أيضا مستحيلة من الناحية المادية»، مضيفة أنه على الرغم من أن أوروبا لم تخلُ من الحروب منذ ذلك الحين، إلا أنه لم يقع نزاع مسلح بين الدول الأعضاء منذ تأسيس الاتحاد الأوروبي، وهو إنجاز رائع بالنظر إلى تاريخ الصراع الوحشي في النصف الأول من القرن العشرين.


وأوضحت أن الحفاظ على السلام بين الأعضاء، من خلال الشراكة الاقتصادية، يبقى الهدف الرئيسي للاتحاد الأوروبي، وكون الكثير من الناس إما غير مدركين لهذا الأمر، أو اختاروا التغاضي عنه، أو يأخذونه باعتباره أمرًا مسلمًا به، يدل على مدى نجاح التكتل في تحقيق غرضه الأساسي.

وأشارت الخبيرة الأيرلندية إلى أن المعاهدات التي تم التفاوض بشأنها بين عامي 1957 و2009، والتي تتميز بأفكار الحوكمة الدولية وتجاوز الحدود القومية، وتوفر السند القانوني لمؤسسات الاتحاد.

وقد ترافق تعميق الاعتماد المتبادل من خلال المعاهدات مع زيادة عدد أعضاء الاتحاد إلى 28 دولة، يبلغ عدد سكانها مجتمعة أكثر من 512 مليون نسمة. وتجني الدول الأعضاء فوائد حرية حركة الأشخاص والسلع والخدمات ورأس المال، وتتقاسم 19 دولة منها عملة مشتركة هي اليورو.

كما يمكن لمواطني الاتحاد الأوروبي العيش أو الدراسة أو العمل في أي مكان في أوروبا، وحقوقهم منصوص عليها في ميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية.

واستدركت قائلة إنه مع ذلك يمكن نقد كل تلك الإنجازات تقريبًا، حيث يمكن القول إن الاتحاد الاقتصادي والنقدي غير مكتمل وغير عادل، ولا يمكن للتكتل الأوروبي التحدث بصوت واحد حول السياسة الخارجية وقضايا الدفاع، كما أن مؤسساته وإجراءات صنع القرار به تربك الجمهور وتبدو في حاجة دائمة للإصلاح.

واعتبرت أن الاتحاد الأوروبي ليس مثاليًّا، لكنه سيخلد في التاريخ باعتباره أحد أكثر تجارب أوروبا إبداعًا في بناء مجتمع سلمي، مضيفة أنه أثبت براعته في إدارة الأزمات، وهو ما يفسر بقاءه. وخلصت دنيس إلى القول إن إنجازات الاتحاد حتى الآن تفوق أوجه النقص.

مشلول إداريًّا ويواجه الانهيار

في المقابل، قال جون جيلينجهام، أستاذ التاريخ في جامعة ميزوري سانت لويس بالولايات المتحدة، إنه على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي كان مصدر إلهام قوي لجيل من الأوروبيين الذين كانوا في أمس الحاجة إلى بديل عن المنافسات الوطنية المريرة التي أدت إلى الحرب العالمية الثانية، إلا أن أيامه قد ولت؛ فالاتحاد غير ديمقراطي حتى النخاع، كما أن مطالبه المفرطة وإخفاقاته السياسة وعدم قدرته على الإصلاح قوضت مصداقيته الوظيفية وجعلتها عقبة أمام التقدم، وحولتها إلى مصدر للانقسام والصراع. وبالتالي فإن المؤسسة لا صلة لها بالتحديات الهائلة التي تواجهها أوروبا اليوم.

وأضاف أن الرفض الشعبي لمحاولة بروكسل فرض دستور مشوه على الدول الأعضاء في التسعينيات، حطم آمال تشكيل اتحاد فيدرالي سياسي أوروبي في المستقبل.

والأسوأ من ذلك هو أن مشروع العملة الموحدة الخاطئ قد أغرق القارة في عقد من النمو الهزيل، في وقت حدث فيه تقدم سريع في أماكن أخرى من العالم. كما فاقم الانقسامات، ووضع الشمال في مواجهة الجنوب والغرب في مواجهة الشرق.

وأشار الخبير الأمريكي إلى أنه ليس مستغربًا أن الاتحاد الأوروبي يفتقر بالتالي إلى ولاية ديمقراطية ورؤية للمستقبل، مضيفًا أنه في الواقع مشلول إداريًّا، ويواجه إما انهيارًا داخليًا مفاجئًا أو طويل الأمد. وأوضح أن العالم يدخل الآن فترة اضطرابات اقتصادية وسياسية يمكن مقارنتها بالثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، ومحركها هو التغيير التكنولوجي الذي يقوده عمالقة تكنولوجيا المعلومات في وادي السيليكون بأمريكا، وبشكل متزايد الصين.

وانتهى جيلينجهام إلى أن الخطوط العريضة لأوروبا الغد سيتم تحديد من خلال التفاعل التنافسي بين القوى الموجودة على ضفتي المحيط الهادئ وحكوماتها الوطنية، وأن الاتحاد الأوروبي – على الرغم من تصريحاته واحتجاجاته – سيكون متفرجًا على الدراما التي تحدث الآن، مضيفًا أن مصير أوروبا في أيدي الآخرين.

ضمن التعاون وفشل في دمج الشعوب

من جانبها، اعتبرت هايدي مورير، الأستاذة في شؤون الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، أن الاتحاد الأوروبي كان ناجحًا عمومًا، فالمجموعة الاقتصادية الأوروبية، التي تشكلت عام 1957، كانت تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الأعضاء، وكانت الأداة الرئيسية المقترحة لتحقيق هذا الغرض هي السوق المشتركة، التي تشمل حرية حركة السلع والخدمات ورأس المال والأفراد، مضيفة أن هدف الوصول إلى التكامل السياسي ليس فقط بين الدول الأوروبية، وإنما أيضًا بين الشعوب، وصل إلى مستوى جديد في معاهدة ماستريخت 1992.


وتابعت قائلة إن الاتحاد حقق نجاحًا في ضمان التعاون بين دوله الأعضاء، إذ تسهل مؤسساته المفاوضات الدبلوماسية، بطريقة تستند إلى القواعد وتتسم بالكفاءة، موضحة أن الكثافة العالية لهذا التبادل لم يسبق لها مثيل في الشؤون الدولية، ففي عام 2017، اجتمع وزراء الدول الأعضاء لمدة 92 يومًا، وعقدت الفرق العاملة 3 آلاف اجتماع، بالإضافة إلى التبادل المنتظم للآراء بين الرؤساء ورؤساء الوزراء. وتوفر هذه الاجتماعات بيئة فريدة لتبادل الخبرات والاتفاق على استجابات سياسية مشتركة. ومع ذلك، لا يمكن للاتحاد الأوروبي اتخاذ القرارات وصياغة السياسات إلا إذا كان لديه السلطة المطلوبة، وإذا وافقت الدول الأعضاء.

وأضافت هايدي أن الاتحاد الأوروبي كان أقل نجاحًا في تعزيز الاندماج بين الشعوب الأوروبية. وعلى الرغم من رفض مشروع معاهدة تأسيس دستور الاتحاد الأوروبي عام 2005، إلا أن المواطنين الأوروبيين يهتمون اليوم بشكل أكبر ويعرفون المزيد عن الاتحاد الأوروبي، وبالتالي ينتقدونه ويعترضون عليه بشكل متزايد.

وأشارت الخبيرة النمساوية إلى أن أكبر تحد يواجه الاتحاد الأوروبي هو هيكله، حيث تحدد معاهدة ماسترخت متى وكيف يمكن للتكتل أن يعمل «إذا وافقت الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي»، وهو ما لا يتوافق دائمًا مع ما يطلبه المواطنون. ونتيجة لذلك، لم ينجح الاتحاد في إقناع مواطنيه بأنه ليس مجرد مجموعة من المؤسسات، بل هو دوله الأعضاء والأهم من ذلك مواطنيه.

الإصلاح الاقتصادي أولوية

بدوره، قال هارولد جيمس، أستاذ الدراسات الأوروبية بجامعة برينستون الأمريكية، إن أوروبا كانت دائمًا موقعًا للتجربة السياسية والمؤسسية، وقد حققت تجربتها الحالية نجاحًا ملحوظًا «على عكس المشروعات المأساوية للنصف الأول من القرن العشرين».

وأضاف أن الاندماج الأوروبي غير وجهة النظر حول شكل الدولة، مبتعدًا عن مفهوم السيادة المحددة بوضوح، مقدمًا تناقضًا صارخًا مع مفهوم الدولة العظمى الكلاسيكية، الذي يمثله بشكل خاص مسار التاريخ الأمريكي. وأوضح أن نجاح هذه الرؤية الأوروبية يرتبط بالقيم، لا سيما قيم التنوع والتسامح، وتنوع الثقافات والأديان والتراث.

وأشار إلى أن أوروبا كانت تاريخيًّا موقعًا لحدود متنازع عليها بشكل مرير ومتغيرة باستمرار، وذلك على عكس الحواف الجغرافية الغربية والشرقية للقارة – إنجلترا وروسيا – التي تمتعت باستمرارية أكبر، وبالتالي فإن هذه الدول قد لا ترى الحاجة إلى حل أوروبي لمشكلة السيادة بوضوح مثل دول وسط أوروبا.

واعتبر أن المشكلة الأوروبية الحديثة تكمن في أن نجاحها التاريخي العظيم قد طغت عليه المناقشات التي استخدمت مصطلحات اقتصادية ضيقة 

واختتم الخبير البريطاني بالقول إن الهدف الأول المنصوص عليه في معاهدة ماستريخت 1992 هو «تعزيز التقدم الاقتصادي والاجتماعي المتوازن والمستدام»، لكن النمو الاقتصادي الأوروبي كان مخيبًّا للآمال وغير متوازن. والتحدي اليوم هو إصلاح القضايا الاقتصادية مع الحفاظ على الرؤية العميقة.

سجن الأفارقة في بلدانهم

وركزت أوليفيت أوتيل، الباحثة في قسم التاريخ بجامعة باث سبا بإنجلترا، على تأثير الاتحاد الأوروبي على الهجرة، موضحة أن انضمام دول جديدة للاتحاد وتبني اليورو عملةً موحدة فاقم المشكلات السياسية والاقتصادية، وأدى إلى اضطرابات اجتماعية. كما ارتفعت الحركات اليمينية المتطرفة بسبب البطالة في اليونان والاضطرابات الاقتصادية في إيطاليا، وازداد التمييز ضد الأقليات والمشاعر المعادية للمهاجرين في هذه الدول، بالإضافة إلى ألمانيا وفرنسا أيضًا.


واعتبرت أن هذه القضايا ترتبط جزئيًا بالأعمال الاستعمارية وسياسات الاتحاد الأوروبي الحديثة تجاه المناطق المجاورة، ولاسيما إفريقيا. حيث كان الرد الأوروبي على «أزمة المهاجرين» هو توسيع الحدود إلى ما وراء البحر الأبيض المتوسط.

وأشارت الخبيرة الكاميرونية إلى أن التدابير التي اتخذتها الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية «فرونتيكس» جعلت العديد من الأفارقة سجناء في بلدانهم، بسبب نهج الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة الاقتصادية، موضحة أن الاتحاد الأوروبي يستجيب لحالات الطوارئ المزعومة، بدلاً من العمل مع دول ليست دول عبور، وبالتالي يواصل الشباب المخاطرة بحياتهم على طرق جديدة خطيرة إلى أوروبا.

واعتبرت أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى تغييرات داخلية، كما يجب أن يعيد التفكير في نهجه المتعلق بالهجرة والاستعمار الاقتصادي الجديد.

الإنجازات التاريخية لا تضمن النجاح مستقبلًا

أما أليخاندرو كيروجا، الباحث في التاريخ الإسباني بجامعة نيوكاسل البريطانية، فقد ركز على المنهج التاريخي في قياس نجاح الاتحاد الأوروبي، من خلال قدرته على تحقيق أهدافه المختلفة بمرور الوقت.

وأوضح أن الآباء المؤسسين للجماعة الأوروبية للفحم والصلب (1952) والجماعة الاقتصادية الأوروبية (1957) كان هدفهم ضمان السلام بين الدول الأعضاء، وتعزيز الرأسمالية، ودعم الدول الليبرالية في خضم الحرب الباردة.

وبحلول أواخر الثمانينيات، كانت الأهداف الأولية للمشروع الأوروبي قد تحققت بالكامل، في حين بدأت الكتلة السوفيتية في الانهيار.

وأضاف أنه تم تحديد أهداف جديدة بعد سقوط جدار برلين، حيث أصبحت السيطرة على الأسواق الرأسمالية الناشئة في البلدان الشيوعية السابقة وتوطيد الديمقراطيات الليبرالية في أوروبا الشرقية من أولويات الجماعة الأوروبية، وفي العقد الأول من الألفية الجديدة كان الاتجاه شرقًا مشروعًا ناجحًا للتوسع الاقتصادي والسياسي.

وتابع الخبير الإسباني أن الظروف التاريخية الجديدة سمحت بمزيد من التكامل الاقتصادي والسياسي، حيث تضمنت معاهدة ماستريخت ميثاقًا اجتماعيًا، وزادت التعاون في المجال العسكري والقضائي والسياسة الخارجية، وأرست أسس العملة الموحدة، لكن التعاون في السياسة العسكرية والسياسة الخارجية لم يمتد ليشمل التدخل الفعال في الحروب التي وقعت في يوغوسلافيا في التسعينيات.

وأوضح أن الأزمة المالية العالمية عام 2008 أدت إلى إعادة تعريف أهداف الاتحاد الأوروبي، حيث تم تطبيق برامج تقشف وإنقاذ مالي للبنوك وتدخلات اقتصادية مباشرة في الدول الأعضاء، خلال العقد الماضي، مع إعطاء أولوية للأداء الاقتصادي على العدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة عرضت قيم المساواة والتضامن في الاتحاد الأوروبي للتحدي، لا سيما مع صعود تيار اليمين القومي ونمو كراهية الأجانب في جميع أنحاء أوروبا، موضحًا أن هذا التهديد، الذي يعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أحد مظاهره، يقوض بعض المبادئ الرئيسية للمشروع الأوروبي المشترك.

واعتبر كيروجا أنه من منظور طويل الأجل، ليس هناك شك في أن الاتحاد الأوروبي كان ناجحًا. ومع ذلك، فإن الإنجازات التاريخية لا تضمن بالضرورة النجاح في المستقبل القريب.

لا يزال في حاجة للإصلاح

وذكرت كاتيا سايدل، أستاذة التاريخ بجامعة وستمنستر في بريطانيا، أن المسئولين الأوروبيين في بروكسل، يعدون أهدافًا سهلة يتم يلومهم على كل أخطاء الاتحاد. وغالبًا ما يُنظر إليهم على أنهم يتآمرون لتطبيق اللوائح البيروقراطية التي تفرض التوافق بين الدول الأعضاء، ومهاجمة أشكال التعبير عن الثقافة الوطنية بهدف خلق دولة أوروبية عظمى.

وقد جسد القلق من تعيين جون كلود يونكر رئيسًا للمفوضية الأوروبية مثل هذه المخاوف، لأن يونكر قريب من قناعة أيديولوجية يعتقد البعض، خاصة في المملكة المتحدة، أنها غير مألوفة في الاتحاد الأوروبي اليوم: الفيدرالية.

وتابعت أنه خلال فترة إعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية والسنوات الأولى للاندماج الأوروبي، كان كونك فدراليًا هو القاعدة وليس الاستثناء، سواء بين السياسيين أو موظفي المفوضية، فقد كان والتر هالشتاين، أول رئيس للجماعة الاقتصادية الأوروبية «سلف الاتحاد الأوروبي» من 1958 إلى 1967، فيدراليًا متحمسًا.

وبالنسبة له كان الاندماج الأوروبي – الذي يؤدي في النهاية إلى دولة فيدرالية أوروبية – هو الحل لمشاكل القارة العديدة: القومية المفرطة، والانقسام، والتقوقع الاقتصادي، وتلاشي القارة في غياهب النسيان السياسي والاقتصادي، بعد ظهور قوتين عظميين هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

ولكونه أستاذ قانون، كان هالشتاين مدافعًا عن التكامل من خلال القانون، معتبرًا أن النظام القانوني الأوروبي هو السبيل للحفاظ على السلام والديمقراطية في أوروبا، التي لم تتحقق في الماضي بالدم والسلاح.

وأضافت أن الاتحاد حقق نجاحًا، لكنه لا يزال يحتاج إلى العمل، فالطريقة التي يعمل بها معقدة وتفتقر إلى الشفافية، وتحتاج إلى إصلاح. ومع موجة القومية والشعبية التي تجتاح القارة، نواجه تحديًا غير مسبوق للديمقراطية وسيادة القانون في الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن فكرة أوروبا الفيدرالية.

منزل غير مكتمل

واختتم الموقع تقريره برأي جين لويس، محررة مجلة «ذا ويك» البريطانية، ومؤلفة كتاب «كل ما تحتاج إلى معرفته عن الاتحاد الأوروبي»، التي قالت إن إنشاء الجماعة الأوروبية للفحم والصلب عام 1952 بين ألمانيا وفرنسا، ساعد في إعادة بناء مدن واقتصادات أوروبا المحطمة، لكن السعي إلى إرساء السلام كان دائمًا الاعتبار الأساسي.

وأضافت أنه حتى قبل أن توفر الحربان العالميتان قوة دفع ملحة، كان مفهوم الاتحاد الديمقراطي للدول الأوروبية قد تطور «من الآباء المؤسسين لأمريكا إلى الراديكاليين في أربعينيات القرن التاسع عشر» باعتباره نظام الدفاع الأمثل ضد الطغاة ولتعزيز التجارة والازدهار على نطاق أوسع.

وأشارت الصحفية البريطانية إلى أنه بالرغم من كل عيوبه، إلا أن الاتحاد الأوروبي لا يزال النموذج الأكثر طموحًا في حشد السيادة الوطنية للدول، للسعي لتحقيق الصالح العام، معتبرة أنه سواء كان ذلك عن طريق الصدفة أو التصميم، فقد تزامن الاتحاد مع فترة لا مثيل لها من السلام والازدهار بين أعضائه.

وأوضحت أنه رغم كل ذلك، يظل الاتحاد الأوروبي بمثابة تجربة عملاقة مبنية على مؤسسات متصلبة، وبالتالي فإنه – في نظر منتقديه – مصيره الفشل. لا نعرف ما إذا كان من الممكن حل «العجز الديمقراطي» المفترض في بنية الحكم التي تهيمن عليها مفوضية غير منتخبة «وقد يقول البعض استبدادية»، أو ما إذا كان اليورو – العملة مشتركة التي كان من المفترض أن توحد الدول – ستتسبب في تصدع الاتحاد أكثر، من خلال فرض أعباء اقتصادية مستحيلة على الدول الأعضاء.

وخلصت إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يزال منزلًا غير مكتمل، ويحتاج إلى قيادة أكثر براجماتية ومرونة لدعم قواعده.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي