سلسلة مغامرات حارس الرئيس والبيت الأبيض بين سقط وسيسقط

السينما الأميركية تحيك المؤامرات ضد رئيس الجمهورية

2019-09-13

جيرارد بتلر في «الملاك سقط»لندن - محمد رُضـا

 

لم تتوقف السينما الأميركية عن حياكة المؤامرات ضد رئيس الجمهورية. أفلام حول احتمال تعرضه للاغتيال شغلت بال هوليوود أكثر مما شغلت بال العاصمة واشنطن. وأحد الأفلام الأولى في هذا النطاق فيلم صغير سنة 1954 بعنوان «صدنلي» (Suddenly) أخرجه لويس ألن من بطولة سترلينغ هايدن كشريف بلدة صغيرة اسمها صدنلي يكتشف وجود خطة لاغتيال رئيس الجمهورية حال توقف قطاره فيها. قائد العصابة التي ستنفذ المهمة ليس سوى فرانك سيناترا الذي يقدّمه الفيلم كرجل مهزوز كان قد خدم في الجيش والآن يخدم لصالح الدولة التي تدفع أكثر.

وفي عام 1993 حاول كلينت إيستوود حمل وزر فشله في حماية الرئيس جون ف. كينيدي والآن يحاول حماية الرئيس الجديد من قاتل متخفٍّ (جون مالكوفيتش) لكن أحداً لا يصدقه وذلك تبعاً لأحداث فيلم «في خط النار» لوولفغانغ بيترسن.

المخرج الألماني بيترسن الذي عمل في هوليوود إلى أن تركها سنة 2006 أخرج أيضاً «طائرة الرئيس واحد» (Air Force One) سنة 1997 ومفاده أن الحارس الشخصي (هاريسون فورد) يكتشف أن العميل الذي سيغتال الرئيس على متن الطائرة الخاصة بالفعل. لسوء حظ الإرهابيين أن الحارس ليس مَن يسهل التخلص منه.

هذه الأفلام، وهناك عشرات سواها، تتمحور حول الخطر الذي يهدد حياة رئيس الجمهورية الأميركي الذي ربما قتلته المخلوقات القادمة من الكوكب الآخر في فيلم تيم بيرتون «المريخ يهاجم» (قام بدوره جاك نيكولسن) إلا أن الخطر الحقيقي يكمن في المحيط الداخلي الذي قد يعجز عن تأمين الحماية ضد من يحاول اغتيال الرئيس أو حتى يشارك في المحاولة.

 

متاعب حارس الرئيس

 

جيرارد بتلر لعب ثلاثة أفلام حتى الآن تدور في رحى تعرض الرئيس الأميركي لمحاولة اغتيال تكون سلسلة متعاقبة بدأت بفيلم «أوليمبوس سقط» (Olympus Has Fallen) الذي حققه الموهوب أنطوان فوكوا سنة 2013 وتنتهي -حتى الآن- بالفيلم الذي سيُعرض في نهاية الأسبوع المقبل «ملاك سقط» (Angel Has Fallen) من إخراج رك رومان ووف مع جيرارد بتلر في الشخصية ذاتها. أما الجزء الثاني، وعنوانه «لندن سقطت» فقد نفّذه باباك نجفي في سنة 2016. ‪ ‬

الفيلم الجديد، «ملاك سقط»، يضع جيرار بتلر في الموقع الذي وجد فيه كل من جاسون بورن (مات دامون) وإيثان هَـنت (توم كروز) نفسه فيه من قبل: عميل سابق مشكوك الآن في أمره ومطارَد من مكان لآخر للقبض عليه أو لقتله فوراً.

هنا نجد متاعب بانينغ- بتلر تبدأ عندما يذهب الرئيس (مورغان فريمان) مع فريقه الأمني لصيد السمك. طلع على بال الرئيس أخذ عطلة يوماً يقضيها، غير مدرك أن العدو يتربص به وبرجاله.

ما هي إلا لحظات حتى يهاجم المرتزقة الحامية الرئاسية ويبيدون أفرادها جميعاً باستثناء بانينغ الذي حمى بجسده الرئيس. حسب السيناريو قد يموت الرئيس ولا يموت البطل، لكن هنا ينجح بانينغ في الحفاظ على حياة الرئيس وإفشال عملية اغتياله. لكنه لن ينجح في درء التهم عنه بأنه كان شريكاً في هجوم المرتزقة (مدفوعين من قِبل روسيا) وإلا كيف يفسر أنه الوحيد الذي لم يُقتل؟

كان بانينغ يستطيع الدفاع عن نفسه بالقول إن السيناريو يقول ذلك، لكنه يختار موقفاً ضعيفاً ينتهي به إلى السجن.

شكيمته تقوى بفعل الوضع الناتج فيهرب من السجن طلباً للنجاة من حكم بصدده والبرهنة على براءته و-تلقائياً- للبحث عمن سوّلت له نفسه القيام بمثل هذا الهجوم وتعريض رئيس البلاد للقتل.

خلال ذلك، بالطبع، ومع عدم قدرة الرئيس على ممارسة صلاحياته، يجد نائب الرئيس كيربي (تيم بليك نلسون) الفرصة سانحة لتعيين نفسه رئيساً، ما يوجه شكوكنا وشكوك بانينغ إلى أنه ضالع بعملية تهدف للتخلص منه.

هذا التطوّر يقع بعدما وجد بانينغ في شخص أبيه (نك نولتي) بعض المواساة. لا تستهن بنصيحة الأب الذي كان قد قرر ترْك المدينة واستيطان بعض الغابات مطوّراً نظريات في الحياة بشقيها اليومي والسياسي. بانينغ يستمع ويزداد مناعةً، والفيلم بعد ذلك لا يتوقف عن الإتيان بمشاهد الأكشن التي لا بد منها لصياغة فيلم مؤامرات هذه الأيام.

في عام 2013 عندما خرج الفيلم الأول من السلسلة، «أولمبوس سقط»، خرج فيلم آخر أكبر حجماً من الفصيل ذاته بعنوان «البيت الأبيض انهار» (White House Down) للمخرج رولاند إيميريش من بطولة شانينغ تاتوم في دور العميل كال الذي سينقذ الرئيس الأميركي سوير (جايمي فوكس) ويقوده صوب النجاة لاستعادة موقعه.

 

إرهاب محلي وعالمي

 

فيلم إيميريش هو الذي سقط بالمقارنة مع فيلم أنطوان فوكوا فنياً وتجارياً. لكن الجامع بينه وبين السلسلة التي يقودها جيرارد بتلر لجانب حكايات المؤامرات المحاكة للتخلص من الرجل رقم واحد في أميركا، هي أن الرئيس المنتخب أسود. هناك الممثل جايمي فوكس وفي السلسلة الممثل مورغان فريمان.

لكن العدو يختلف؛ في «البيت الأبيض انهار»، تتحرك الأحداث في ظل مؤامرة داخلية، بينما في «أولمبوس يسقط» الأعداء كوريون شماليون. في الفيلم الثاني من السلسلة، «لندن تسقط»، الأعداء إرهابيون عرب ومسلمون. فيلم نجفي أسوأ فيلم، أتحدث هنا عن الحرفة الفنية، بين أفلام السلسلة، وفيه سيحاول بتلر لا إنقاذ نائب الرئيس الأميركي الموجود في لندن، بل إحباط مؤامرة لقتل كل رؤساء الجمهوريات الذين وصلوا لحفل تأبين رسمي... مهمّة ينفذ بانينغ معظمها في شبكات المترو تحت الأرضية!

 

 «وايت هاوس داون»: الرئيس في حماية حارسه

لا توجد أي مقاربات سياسية في أيٍّ من هذه الأفلام (ولا في غالبية أفلام حديثة أخرى من النوع ذاته) لكنّ هذا لا يعني أنها لا تتضمن سياسات في مقدّمتها أن أميركا محاطة بالمخاطر، وأن هذه المخاطر خارجية أحياناً ومن صنع الداخل في أحيان أخرى. كذلك فإن القوّة الفردية هي التي تحقق النصر، إذ تعجز القوى الجَمعية (رجال أمن أو وزارات دفاع) عن فعل ما يقوم به رجل واحد في سبيل وطنه.

أما طرح أسباب الأزمات والسياسات التي تبدو كفقاقيع ماء يغلي فإن الفرص السانحة لها لكي تلعب دوراً ما في هذه الأفلام محدود جداً، إن لم يكن معدوماً.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي