تسيير دوريات مشتركة بسوريا..نجاح تركي أم مناورة أمريكية؟

يحيى عياش
2019-09-08

استكمل الجيشان التركي والأمريكي الدورية البرية المشتركة الأولى في شمال سوريا، في إطار جهود إنشاء منطقة آمنة شرقي الفرات، وبحسب ما أعلنته وزارة الدفاع التركية فإن "الدورية انطلقت صباح الأحد، وجرت الأمور مثلما هو مخطط لها".


والتقى قادة الموكبين التركي والأمريكي على الشريط الحدودي، وتباحثوا لفترة خطة تسيير الدورية المشتركة، ومن ثم تحركت القافلة العسكرية نحو مدينة تل أبيض، على بعد 25 كيلومترا غربا من نقطة الالتقاء، وأجريت عمليات مراقبة في المنطقة، ثم توجهت إلى الأجزاء الداخلية جنوبا، بحسب وكالة الأناضول.


وأشارت الوكالة إلى أن "الدورية استغرقت نحو 3 ساعات، واستقبلت مروحيات أتاك التركية محلية الصنع، الموكب العسكري التركي لدى اقترابه من حدود تركيا، وحلقت في سماء المنطقة".

ومع تسيير الدوريات البرية المشتركة، يتبادر للأذهان تساؤلات مهمة أبرزها: هل نجحت تركيا في إقناع أمريكا بخطتها لإنشاء المنطقة الآمنة؟ أم إن الاتفاق بين الطرفين يأتي ضمن المناورة الأمريكية لعرقلة أي عملية عسكرية تركية ضد الوحدات الكردية؟


وفي هذا الصدد، أكد المحلل السياسي التركي طه عودة أوغلو أن "تسيير أول دورية مشتركة تركية- أمريكية في شرقي الفرات بسوريا خطوة مهمة للغاية، وتأتي في إطار التفاهمات التركية-الأمريكية المتعلقة بالمنطقة الآمنة"، مضيفا أن "هذه الدوريات تعمل في مناطق محدودة فقط، ومن المتوقع أن تتبعها خطوات أخرى خلال الأيام المقبلة".


واستدرك عودة أوغلو قائلا: "من المبكر جدا القول بأن أنقرة فرضت أمرا واقعا على واشنطن للقبول بشروطها بالتخلي عن الوحدات الكردية، في ظل شح التصريحات الأمريكية حيال ما يجري على الأرض".

 

خلط الأوراق


وحول تأكيد الوحدات الكردية أن دخول تركيا للمنطقة الآمنة يكون بالتنسيق معهم، قال المحلل السياسي إن "الأكراد يحاولون خلط الأوراق من خلال تصريحاتهم، في ظل المناورة الأمريكية في ما يتعلق بتطورات المنطقة الآمنة"، مشيرا إلى أن "التصريحات التي صدرت من المسؤولين الأمريكيين مؤخرا تشير إلى أن واشنطن تحاول إنشاء هذه المنطقة وفق رؤيتها وليس كما ترغب أنقرة".


ولفت عودة أوغلو إلى أن "الخطوات الأمريكية لا تزال بطيئة للغاية، وواشنطن لم تقدم حتى هذه اللحظة أي شيء جديد سوى تسيير الدوريات"، منوها في الوقت ذاته إلى أن "الأتراك حتى هذه اللحظة لا يشعرون بالطمأنينة".


ورجح أن تكون الولايات المتحدة تعمل حاليا لإرضاء الطرفين، وهما حليفها على الأرض "قوات سوريا الديمقراطية" وحليفها التركي، نظرا لحاجتها لأنقرة في ظل تصعيد الخطوات الأمريكية لمحاربة ومواجهة المد الإيراني في سوريا والمنطقة".


ورأى أن "ما يعلن في الإعلام بعيد جدا عن ما يجري على طاولة المفاوضات"، معتبرا أن أنقرة تراجعت نوعا ما، في ما يتعلق بعمق المنطقة الآمنة، لكنها تحاول قدر الإمكان التواصل مع واشنطن رغم العقبات، وتعتبر طرح هذا الملف إنجازا لها، وتحاول التمسك به".


لكن عودة أوغلو أكد أن "هناك تفاهمات تركية أمريكية حول هذه القضية خلف الكواليس"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "الوضع في سوريا مقسم ما بين روسيا وأمريكا، والنظام السوري خارج المعادلة إطلاقا"، بحسب تقديره.


وفي السياق ذاته، ذكرت محطة "CFFR" الكندية في تقرير نشرته بموقعها وترجمته "عربي21" أن الولايات المتحدة زادت من وجودها في المنطقة الآمنة بسوريا، من أجل تفادي "العنف" بين حلفائها على طول الحدود، في إشارة إلى منع العملية العسكرية التركية التي كانت تستهدف القوات الكردية بالمنطقة.


وأشارت إلى أن القوات الأمريكية فتشت خلال الأيام الماضية، القواعد التي يسيطر عليها الأكراد، لضمان إزالتهم للخنادق والسواتر الرملية، التي تعتبرها تركيا تهديدا عليها، ثم قامت طائرة بدون طيار بتصوير المنطقة، كجزء من اتفاق أنقرة وواشنطن على إنشاء غرفة عمليات مشتركة لاتخاذ تدابير لتخفيف التوتر.

 

أنقرة حذرة


ورأت المحطة الكندية أن "واشنطن يبدو أنها تضيع الوقت لتفادي حدوث أزمة على طول الحدود"، مشيرة إلى أن "القوات الأمريكية لا تزال منتشرة بمناطق أخرى في سوريا".


من جانبه، قال الكاتب التركي يحيى بستان إن "هناك خطأ في المنطقة الآمنة المقترحة في شمال سوريا"، موضحا أن "الرئيس التركي رفض الموافقة على أي حل باستثناء القوات التركية من ممارسة سيطرتها المباشرة على المنطقة".

 

ولفت بستان في مقال إلى أن أردوغان حذر من تأخير دخول القوات المشتركة إلى المنطقة الآمنة شرقي الفرات، مبينا أن "الجدول الزمني لاتفاق أنقرة وواشنطن مدته 45 يوما، ويضمن خلاله سحب القوات الكردية من المنطقة الآمنة".


وأشار بستان إلى أن أنقرة لا تزال حذرة، وتريد التأكد بشكل مباشر من مغادرة المقاتلين الأكراد للمنطقة، وتدمير الخنادق القريبة من الحدود التركية، وكذلك نقل الأسلحة الثقيلة لضمان عدم تهديدها للأراضي التركية.


وتوقع بستان أن تُنشئ تركيا والولايات المتحدة مواقع عسكرية مشتركة على طول الحدود التركية السورية، منوها إلى أن المعلومات التركية تؤكد أن القوات الكردية لا تزال في المنطقة، رغم انسحاب بعض "المتشددين" منها.


وحذر الكاتب التركي من مسألة استبدال الولايات المتحدة بالكيانات الكردية الموجودة أخرى "مدنية" مؤيدة لحزب العمال الكردستاني، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "تركيا مصممة على منع أي جماعة لها صلات إرهابية من البقاء نشطة هناك".

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي