مخطوفون يروون قصصهم مع الفضائيين

خدمة الأمة برس
2019-08-25

 طاهر علوان

 
درجت المعالجات السينمائية في بعض أفلام الخيال العلمي على تتبع قصة نزول الفضائيين الافتراضيين الذين تتلخّص مهامهم في الاهتداء إلى بني البشر واختطافهم، أو ربطهم بنظام اتصالات يجعلهم خاضعين على الدوام لذلك العالم البعيد والمجهول.
 
وخلال ذلك وكالمعتاد في هذه الأفلام سوف تظهر شخصيات تواجه حالة الاختطاف وتحاول مقاومة المختطفين، أو إيجاد وسائل تمنعهم من المضيّ في مهمتهم.
 
ولقد شهدنا العديد من أفلام الخيال العلمي التي سارت وفق هذا المنحى حيث يورد موقع العالم الغامض مثلا خمسة أفلام من هذا النوع بُنيت على أساس قصص حقيقية، وهي فيلم “حادثة الجسم الغامض” (إنتاج 1975) و”تواصل” (1989) و”الدخلاء” (1992) و”نار في السماء” (1993) و”روزويل” (1994).
 
وفي فيلم “رُهاب الغرباء” الذي أخرجه ثلاثة مخرجين وهم: جوي كاسترو وتوماس ترتشل وستيفن إيسكوبار، وكلّ منهم يبدو أنه أخرج قسما من الفيلم بحسب كل ثيمة وكل حدث، سوف نعيش تلك الأجواء المتعلقة بالاختطاف والفضائيين.
 
وتبدأ المشاهد الأولى من الفيلم مع تعرّض إيريك (الممثل بيكر باول) للاختطاف من كائن فضائي يقوم بوسمه في الظهر، ثم ننتقل مباشرة بعد ذلك إلى اجتماع يضم مجموعة دعم الاتصال والاختطاف الغريبة، وهي مجموعة تقدّم التوجيه والدعم النفسي لأولئك المخطوفين.
 
وسيروي إيريك قصته للمجموعة وكيف تعرّض للاختطاف، وذلك في أثناء سفره إلى إحدى المدن الأميركية، حيث يتوقف لالتقاط بعض الصور عندما يداهمه الفضائيون ويقومون بزرع جسم في رأسه، ما يؤدي إلى سماع أصواتهم، وكيف أنهم يتواصلون معه في النوم، ومن خلال الأحلام وحتى وهو في وسط حلقة الدعم والتوجيه للمخطوفين، فإنه يتعرّض لتلك الأصوات ويعاني منها. أما جون، الذي يترأس المجموعة (الممثل مانو إنترايمي) فيروي أنه تعرّض لتلك التجربة عندما كان في الجيش.
 
ثم تأتي قصة بيكي (الممثلة كريستين رينتون) التي كانت تخيّم هي وزوجها في إحدى الغابات عندما داهمهم الفضائيون واختطفوا الزوج، ومنحوه بلورة مزوّدة بالطاقة حتى يخرج عن السيطرة ويفتك بكل من يواجهه، ثم تلتقطه مركبة فضائية، وأما الزوجة التي تلوذ بالفرار فقد تمت زراعة جسم معدني بين أسنانها بما يتيح لها سماع أصوات الفضائيين الذين يتتبّعونها.
 
وهكذا نتوسع من خلال أحداث الفيلم إلى قصص أخرى لشخصيات أخرى، وجميعها تكون قد تعرّضت إلى شكل ما من أشكال الاختطاف.
وما عدا فكرة غزو الفضائيين -غير المرئيين في الفيلم- للبشر، فإن القصص التي تقدّمها الشخصيات تبدو متشابهة إلى حد بعيد مع إضفاء عنصر الرعب على الأحداث، وخاصة في القسم الأخير من الفيلم حيث يتم عرض مشاهد بشعة لقطع رؤوس وابتلاع أشخاص ودماء.
 
وأما على صعيد السرد الفيلمي، فإننا نلاحظ أنه قد ارتكز على فكرة أن يروي كل واحد من أعضاء مجموعة الدعم قصته ومعاناته، ثم ننتقل بصيغة العودة إلى الماضي (فلاش باك) من وجهة نظر الشخصية، وهي تروي الأحداث التي وقعت لها ثم تجري مناقشة كل حالة على انفراد.
 
ولا شك أن هذا الحلّ الدرامي في السيناريو أصلا، ومن ثم تحوّل لدى المخرجين إلى حلّ تبسيطي إلى حد كبير، ممّا أضعف إلى حد كبير من حبكة الفيلم بسبب دخولنا في رتابة شملت مرويات المخطوفين بطريقة ليس فيها الكثير من التأثير في المشاهد.
 
وإذا علمنا أن هنالك وفرة من أفلام الخيال العلمي التي عالجت قصة الفضائيين وهم يختطفون البشر، فإن إضافة فيلم إلى هذا النوع لا بد أن يشكّل إضافة في البناء الدرامي والجمالي والسرد الفيلمي، وهو ما افتقر إليه هذا الفيلم في العديد من المشاهد، لاسيما مع احتشاد ثلاثة من المخرجين لغرض إنجازه.
 
ومع ذلك، كان هناك تنوع ووفرة من الشخصيات واختلاف في القصص التي تروى في كل مرة حتى بدت سلسلة المرويات بمثابة انتقال جديد لموضوع مختلف في كل مرة، وكذلك الحال في الانتقالات المكانية المتنوعة التي شهدت تلك الوقائع، وهي في الغالب أماكن حقيقية تمّ التصوير فيها.
 
وفي المقابل وجدنا أن حلاّ دراميا لجأ إليه المخرجون الثلاثة من خلال افتراض أن الشخصيات يمكن ألاّ تكون حقيقية وإنما هي فضائية في شكل بشر، وبذلك أدخلوا المشاهد في إشكالية تتراوح ما بين الرعب وبين التصعيد الدرامي على افتراض أن تلك الشخصيات من الممكن أن تعود إلى حقيقتها الفضائية في أيّ لحظة، وهو ما سوف ينتهي إليه الفيلم عندما تعود بعض الشخصيات إلى أصلها الفضائي.
 
* كاتب عراقي مقيم في لندن
 
 






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي