فيلم سعودي يناقش قضايا الجاليات العربية في أميركا

خدمة الأمة برس
2019-07-10

 ناهد خزام

 

 
يتعرض الفيلم السعودي “المحارب العربي”  إلى تفاصيل الحياة اليومية والهموم والتحديات التي تواجه المهاجر أو المقيم العربي تحديدا في الولايات المتحدة، ويضعنا في مواجهة مباشرة مع الصورة النمطية التي تشكلت في الثقافة الأميركية لكل ما يتعلق بالقادمين من العالم العربي.
 
ويسرد الفيلم قصة الشاب السعودي “إنمار” الذي يلعب دوره الفنان أمير المصري والذي يعيش ويدرس في الولايات المتحدة مع أسرته، ويمتلك الشاب السعودي حلما يريد تحقيقه، وهو أن يصبح أحد المحترفين الكبار في لعبة كرة القدم، ولأنه يبدي تميزا في هذه اللعبة فقد جعله هذا عرضة للتنمر والعنصرية من قبل زملائه.
 
يقف بطل الفيلم هنا معلقا بين ثقافتين، فعلى رغم ما يعايشه من عنصرية وما يواجهه من مفاهيم خاطئة يشعر في داخله بأنه جزء من هذه الثقافة الأميركية وعليه أن يتعايش معها بكل سلبياتها وإيجابياتها.
 
وعلى صعيد آخر يبدو بطل الفيلم متمسكا بجذوره من خلال الحفاظ على عاداته وفروضه الدينية، ويحاول جاهدا التوفيق بين تقاليد وعادات مجتمعه السعودي المتغلغلة في محيط أسرته الصغيرة وبين تقاليد وثقافة مجتمعه الجديد الذي يعيش فيه. ويشارك النجم أمير المصري عدد من الممثلين العرب والأميركيين، ويؤدي دور والده الفنان أيمن سمان، فيما يؤدي الأميركي باتريك فابيان دور المدرب.
 
 
بين هويتين
 
 
فيلم “المحارب العربي” أول عمل روائي طويل للمخرج السعودي أيمن خوجة، كما أنه العمل السينمائي الأول في السعودية الذي يسلط الضوء على مجتمع الأقليات العربية في الولايات المتحدة، ويأتي الفيلم ضمن موجة الانفتاح التي تشهدها السعودية والتوسع في إنشاء دور السينما. وقد عرض العمل مؤخرا في السعودية والإمارات والكويت ومصر بالتزامن مع عرضه أيضا في دور السينما الأميركية.
 
هناك العديد من التجارب السينمائية التي تعرضت من قبل لأزمة الجاليات العربية في المجتمعات الغربية، نذكر من بينها على سبيل المثال فيلم “أميركا” للمخرجة الكندية الفلسطينية الأصل شيرين دعيبس، ويدور حول المعاناة التي يكابدها الفلسطينيون المهاجرون إلى الولايات المتحدة، وفيلم “مريم” للمخرجة السعودية فايزة أمبا، وهو عن مراهقة محجبة تعيش صراعات حادة مع مدرستها في فرنسا بسبب رفضها نزع الحجاب، وهناك تجارب عديدة أخرى في هذا السياق، لكنها في معظمها اعتمدت اعتمادا مباشرا على الإنتاج الغربي وتحسب بالتالي على جهة إنتاجها. التجارب العربية الأخرى التي تطرقت إلى هذا الأمر حافظت أغلبها على مسافة آمنة إزاء المجتمعات الغربية دون ملامسة حقيقية وجريئة لطبيعة هذه المجتمعات وثقافتها الفعلية.
 
ولا يتطرق فيلم “المحارب العربي” إلى حياة البطل في السعودية، فأحداثه جميعها تدور داخل الولايات المتحدة، وتحديدا في ولاية لوس أنجلس، لكنه يقف في منطقة وسط بين النموذجين السابقين، فهو فيلم من إنتاج سعودي أميركي مشترك، وتدور أحداثه في الولايات المتحدة.
 
ويحمل الفيلم طابعا أميركيا في معالجاته التصويرية وكادراته وطريقة سرده، لكنه في نفس الوقت يناقش العديد من القضايا التي تهم الشباب العربي المهاجر أو المقيم للدراسة في الخارج، كما يلقي الضوء على عدد من الأفكار والعادات الاجتماعية العربية المتأصلة، واضعا إياها تحت مجهر النقاش والتحليل، كالعلاقة بين الرجل والمرأة وتقبل الآخر.
 
أما أكثر ما يلفت الانتباه ويثير التساؤل حول هذا الفيلم فهو خلوّه تماما من الممثلين السعوديين على مستوى الأدوار الرئيسية والثانوية أيضا، رغم كونه فيلما سعوديا في الأساس، فخلافا للفنان أمير المصري الذي لا يتحدث في معظم مشاهد الفيلم سوى باللغة الإنكليزية، يظهر كذلك الفنان أيمن سمان في دور والده، وهو فنان مصري مقيم في الولايات المتحدة، وقد أجاد أيمن سمان التحدث باللهجة السعودية بكل سهولة، ربما لكونها قريبة الشبه بلهجة أهل الصعيد المصري.
 
يذكر أن الفنان أمير المصري هو فنان مصري مقيم في بريطانيا، وقد عرفه الجمهور العربي عبر مشاركاته في عدد من الأفلام المصرية، بينها “رمضان مبروك أو العلمين حمودة” أمام النجم محمد هنيدي، و”الثلاثة يشتغلونها” أمام الفنانة ياسمين عبدالعزيز، كما شارك أخيرا في بطولة المسلسل المصري “البرنسيسة بيسة” الذي عرض في رمضان الماضي. وعلى مستوى الأعمال الغربية ظهر المصري بأدوار مميزة في عدد من المسلسلات والأفلام الأميركية والبريطانية، لعل أشهرها الفيلم البريطاني “خسر في لندن” للمخرج الأميركي وودي هاريلسون وفيلم “ماء الورد” للمخرج جون ستيوارت.
 
 
انفتاح سعودي
 
 
تعد المملكة العربية السعودية سوقا واعدة للسينما بعد رفع الحظر عن إنشاء دور العرض السينمائي أخيرا، واتجاه عدد من شركات الإنتاج العربية والعالمية للعمل في مجال الصناعة السينمائية.
 
ويأتي فيلم “المحارب العربي” ضمن مجموعة من الأفلام التي تم إنتاجها مؤخرا بأموال سعودية وتناقش قضايا اجتماعية لها علاقة بالمجتمع السعودي، وهو ما لم يكن متاحا من قبل إلاّ عبر تجارب فردية ومتفرقة تم إنتاجها خارج السعودية ولم يتسن عرضها في الداخل.
 
ومن بين الأفلام التي تم عرضها أخيرا في دور العرض السينمائي السعودية فيلم “الشيهانة”، ويدور حول عائلة سعودية مكونة من أم وطفلتها يتعرضان للاختطاف في إحدى الدول الأجنبية على يد إرهابيين. والفيلم من إخراج خالد الحجر ويشارك في بطولته الفنان عبدالله الجريان والفنانة ميسون الرويلي وطارق النفيسي وخالد صقر.
 
وكذلك فيلم “عمرة والعرس الثاني” الذي يناقش فكرة تعدد الزوجات وتأثيرها على الترابط الأسري، وهو بطولة الشيماء طيب وخيرية نظمي ومحمد الحمدان وإخراج محمود صباغ.
 
هذا إلى جانب العديد من الأفلام الروائية القصيرة التي تم إنتاجها خلال الفترة الأخيرة، وانعكس حضورها على مهرجان أفلام السعودية في دورته الخامسة هذا العام بمدينة الدمام بمشاركة 54 مخرجا ومخرجة وتنافست خلاله 58 فيلما بين الروائي الطويل والقصير.
 
كما أعلنت أخيرا وزارة الثقافة السعودية عن تدشين مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، في خطوة كبيرة وطموحة من شأنها الدفع أكثر نحو المزيد من الانفتاح السينمائي في المملكة العربية السعودية.
 
 
 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي