
لندن- تكشف حكومة حزب العمال البريطاني الأربعاء المقبل عن ميزانيتها السنوية وسط توقعات برفع الضرائب للحدّ من الدين وتمويل الخدمات العامة، في خطوة قد تزيد من تراجع شعبيتها المتدنية أساسا.
وكان رئيس الوزراء كير ستارمر قد وعد بـ"ميزانية عمالية تعكس قيم حزب العمال"، متعهدا تقليص فترات انتظار الخدمة الصحية الوطنية وتخفيف أزمة غلاء المعيشة المستمرة.
وقال المتحدث باسم ستارمر الاثنين "سنخفض تكلفة المعيشة من خلال تجميد أسعار تذاكر القطارات وزيادة معاشات التقاعد، وتجميد رسوم الوصفات الطبية لملايين الأشخاص، وتوسيع برامج نوادي الإفطار المجانية" لتلاميذ المدارس.
لكن وزيرة المال ريتش ريفز تواجه تحديا يتمثل بتعزيز صدقية حزب العمال لدى الناخبين مع تزايد شعبية حزب "إصلاح المملكة المتحدة" اليميني المتشدد، وإقناع المستثمرين بأن الحكومة تمسك بزمام ماليتها.
وذكرت قناة سكاي نيوز الاثنين أن هيئة مراقبة الميزانية ستخفض توقعات النمو الاقتصادي للمملكة المتحدة لكل عام من أعوام البرلمان الحالي، مقارنة بتوقعاتها في آذار/مارس.
ويقدر خبراء الاقتصاد أنه سيتعين على ريفز وهي أيضا وزيرة الخزانة، توفير 20 مليار جنيه إسترليني (26 مليار دولار) لضبط الحسابات.
وقد يكون من الصعب تحقيق ذلك في وقت تعاني بريطانيا عجزا يقارب 5% من الناتج المحلي الإجمالي وزيادة التضخم وركودا اقتصاديا مع ارتفاع معدلات البطالة.
وسجّل العائد على السندات الحكومية البريطانية لأجل 30 عاما هذا العام أعلى مستوى له منذ عام 1998، مع تصاعد المخاوف من ارتفاع الدين العام.
وفي الوقت نفسه، يعرّض ضعف تفاعل السوق مع الميزانية المستثمرين لخطر بيع ديون المملكة المتحدة، ما يرفع كلفة الاقتراض ويزيد الضغوط على الحكومة في تمويل خططها للإنفاق.
- "رد فعل سياسي" -
أفادت تقارير بأن الحكومة تراجعت عن خطط لزيادة ضريبة الدخل كان من شأنها أن تخلّ بوعود حملتها الانتخابية.
ودفع ذلك ريفز إلى اللجوء لزيادات ضريبية أصغر حجما.
وصرح أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة كامبريدج جيمس وود لوكالة فرانس برس "لا مجال واسعا للمناورة من دون مواجهة رد فعل سياسي".
وأضاف أن "أفضل طريقة لضبط الميزانية هي زيادة العبء الضريبي على الأسر المتوسطة الدخل التي تُشكّل قاعدة الدعم الأساسية لحزب العمال".
ومن المتوقع أن تواصل الحكومة تجميد حدود شرائح ضريبة الدخل ما يعني دخول مزيد من العمال ضمن شرائح ضريبية أعلى، وأن تزيد الرسوم على العقارات الفاخرة وأنشطة القمار والمصارف.
ويواجه حزب العمال صعوبة في تحقيق نمو اقتصادي مستدام في المملكة المتحدة منذ عودته إلى السلطة في تموز/يوليو 2024 بعد 14 عاما من حكم حزب المحافظين.
ورفعت ريفز في ميزانيتها الافتتاحية العام الماضي ضريبة على الشركات بسبب ضعف النمو الاقتصادي البريطاني.
وسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة في الفصل الثالث تباطؤا عند 0,1 %، بانخفاض عن 0,3 % في الفصل الثاني و0,7 % في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام.
وأدت حال الضبابية إلى تردد بعض أصحاب العمل في التوظيف.
وقال كريغ ماكليود وهو صاحب حانة "إينيس" في إنفرنيس باسكتلندا لوكالة فرانس برس "عادة ما نوظف أشخاصا إضافيين خلال فترة عيد الميلاد" مضيفا "أرجأنا ذلك حاليا لمعرفة ما سيحدث في الميزانية".
- إنفاق -
وبضغط من الغالبية العمالية، تراجعت الحكومة أيضا عن مشروع قانون لخفض الإعانات لذوي الإعاقة وبدلات الوقود للمتقاعدين.
وقال ستارمر في البرلمان الأسبوع الماضي "لن نفرض تقشفا على البلاد".
ومن المتوقع أن ترفع الحكومة سقف المخصصات العائلية وتخفض الضرائب على الطاقة وتزيد بعض برامج الإنفاق الاجتماعي.
وقال أستاذ الاقتصاد في كلية كينغز كوليدج لندن جوناثان بورتس لوكالة فرانس برس "من غير المرجح أن تكون هناك أي تخفيضات كبيرة في الإنفاق".
وأشار إلى أن الحكومة "ستجنب تحميل العمال ذوي الدخل المنخفض والمتوسط الضرائب، ليقع العبء الأكبر على أصحاب الدخل المرتفع والمتقاعدين الأفضل حالا وقطاع الأعمال".