
مع حلول فصلي الخريف والشتاء، وقصر ساعات النهار، وانخفاض درجات الحرارة.. تبدأ الكثيرات ملاحظة تغيرات في المزاج والطاقة. وتتلاشى الحماسة، وتبدو أبسط الأمور أثقل. هذه الحالة التي يصفها الأطباء بـاضطراب العاطفة الموسمي ليست مجرد مزاج متقلب، بل تجربة حقيقية تؤثر على كل تفاصيل يومكِ: من قدرتكِ على الاستيقاظ صباحاً، إلى شهيتكِ، وجودة نومكِ، وحتى استمتاعكِ بلحظاتكِ اليومية، بحسب زهرة الخليج.
بالنسبة للمرأة العصرية، التي توازن بين العمل، والحياة الاجتماعية، والعناية بالنفس، يمكن أن يصبح هذا التأثير الشتوي أكثر وضوحاً وحدّة. لكنه ليس حالة يجب أن تُتَرَك لتأخذ مجراها. وبالعناية الواعية والاعتناء بالعادات اليومية، يمكن تحويل هذا التحدي الموسمي إلى فرصة لإعادة شحن الطاقة، وتعزيز المزاج، واكتشاف أساليب جديدة للاهتمام بالنفس بطريقة فاخرة ومتوازنة.. إليكِ أبرز الطرق لفهم هذا التأثير، ومعرفة أعراضه، والتعامل معه بأساليب تحافظ على رفاهيتكِ الجسدية والنفسية، خلال فصلي الخريف والشتاء.
كيف يؤثر اضطراب العاطفة الموسمي في المرأة العصرية؟
اضطراب العاطفة الموسمي لا يقتصر على شعور مؤقت بالكآبة، بل يتضمن مجموعة من الأعراض، التي قد تؤثر على حياتكِ اليومية بشكل ملموس. وتشمل هذه الأعراض: انخفاضاً مستمراً في الطاقة والحيوية، وشعوراً دائماً بالحزن أو الفراغ العاطفي، وتغييرات في الشهية غالباً نحو الرغبة في تناول الكربوهيدرات، واضطرابات في النوم من الأرق إلى النوم المفرط، وتقلبات في الوزن نتيجة تغيرات النشاط والشهية.
هذه التغيرات تجعل من الضروري الانتباه إلى صحتكِ النفسية، ووضع استراتيجيات للعناية الذاتية، خلال فصلي الخريف والشتاء. وفي بعض الحالات الشديدة، قد تعاني النساء أفكار يأس مستمرة أو ميولاً انتحارية، ما يجعل التشخيص المبكر والدعم النفسي أمرين بالغَي الأهمية. وعادةً، يتم التشخيص به إذا ظهرت هذه الأعراض لمدة موسمين متتاليين، وتفاقمت أحياناً في الربيع أو الصيف.
الضوء الطبيعي.. سر المزاج المتوازن:
أحد العوامل الرئيسة المؤثرة هو انخفاض التعرض لأشعة الشمس. والضوء الطبيعي يحفز إفراز مادة السيروتونين بالدماغ، وهي ناقل عصبي مرتبط بتحسين المزاج، وتقليل التوتر. لذلك، ينصح الخبراء بقضاء فترات قصيرة يومياً في الهواء الطلق حتى في الأيام الباردة، والجلوس قرب نافذة مضاءة أثناء العمل أو القراءة، مع الحرص على ممارسة أنشطة خارجية قصيرة، مثل: المشي الصباحي، أو تمارين التمدد.
وتظهر الدراسات أن العلاج بالضوء الاصطناعي الساطع فعال لنحو 85% من الحالات؛ إذا كان في بداية الموسم، خصوصاً عند جلوس المرأة أمام جهاز ضوئي مصمم لذلك، لمدة 20-30 دقيقة يومياً.
خيارات العلاج المتقدمة:
إلى جانب الضوء الطبيعي، هناك عدة استراتيجيات لمواجهة هذا الاضطراب، منها العلاج السلوكي المعرفي، الذي يساعد على تغيير الأفكار السلبية، وتحسين ردود الفعل تجاه التغيرات الموسمية.
وكذلك الأدوية المضادة للاكتئاب، مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية للحالات الشديدة، التي تؤثر على الحياة اليومية. كما أن نمط الحياة الصحي، الذي يشمل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتحفيز إفراز هرمونات السعادة. والحفاظ على نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضار والبروتينات، ويفيد التواصل الاجتماعي وتكوين شبكة دعم من الأصدقاء والعائلة في مجابهة هذا الاضطراب.
الاهتمام بالنفس رفاهية داخلية توازي المظاهر الخارجية:
للمرأة العصرية، لا يقتصر الاهتمام على المظهر الخارجي أو الأناقة فحسب، بل يشمل الاعتناء بالصحة النفسية والجسدية. وفهم تأثير التغيرات الموسمية على المزاج، واتخاذ خطوات عملية للوقاية، يضمنان لكِ تجربة خريف وشتاء أكثر اتزاناً وراحة. ويمكن أن تكون هذه الأوقات فرصة لإعادة التواصل مع الذات، وممارسة العناية الشخصية، والتأمل في أهدافك وطموحاتك.
نصائح عملية لموسم الشتاء:
- استثمري في جلسات الضوء الاصطناعي؛ إذا لاحظتِ انخفاضاً في مزاجكِ أو طاقتكِ.
- خصصي وقتاً يومياً للنشاط البدني حتى لو كان قصيراً، مثل: المشي أو تمارين الاسترخاء.
- استمتعي بالأنشطة الاجتماعية أو الهوايات، التي تمنحكِ شعوراً بالإنجاز والمرح.
- انتبهي لنظامك الغذائي: الفواكه، والخضراوات، والمكسرات، والأسماك الدهنية، تساعد على تحسين المزاج، وتقليل الالتهاب.
- لا تترددي في طلب الدعم النفسي من أخصائيين أو مجموعات دعم؛ إذا شعرتِ بالضغط أو الكآبة المستمرة.